عاجل إلى وزيرة الثقافة..
«ثقافة الكوثر» القصر المجهول.. مقبرة مخلفات وأنشطة على الورق والمديرة "دكتورة"!
تحقيق- محمد خضير
تواصل «بوابة روزاليوسف» فتح الملفات المسكوت عنها بوزارة الثقافة، للعمل على توضيح مجريات الأمور في هيئة مهمة وحيوية من هيئات الوزارة وهي الهيئة العامة لقصور الثقافة والتي تعتبر هي وزارة الثقافة لوجودها في كل الأقاليم وربوع مصر الثقافية، والمعول عليها رفع الوعي الثقافي واكتشاف المواهب الإبداعية، ولكن هناك حالة من حالات التخبط وانعكاس ذلك على سوء الإدارة وتراجع المنتج والنشاط الثقافي في اغلب أقاليمها الثقافية.
وفي التحقيق التالي نرصد إحدى حالات الفقر الإداري وتراجع النشاط الثقافي التي تنكشف يوما بعد يوم؛ بسبب سوء إدارة فرع ثقافة سوهاج التابع لإقليم وسط الصعيد الثقافي، الذي لم يطل إدارة الفرع فقط، بل أصبح هو حال 19 موقعًا ثقافيًا بالمحافظة، وأصبح عنوان العمل بالفرع هو التخبط الإداري والتجاوزات والمخالفات وعدم تولي الكوادر المؤهلة للعمل الإداري والثقافي المناصب القيادية بالمواقع الثقافية، والتي يرجعها البعض إلى أن كل هذه المشاهد والتجاوزات من إخراج مدير عام فرع الثقافة.
قصر ثقافة الكوثر، موقع ثقافي خصصته هيئة المجتمعات العمرانية منذ ما يقرب من 25 عاما، ليكون موقعا ثقافيا جديرا بتقديم نشاط يخدم جمهور حي الكوثر، لكنه للأسف أصبح اسمًا على غير مسمى، فهو من دون لافتة تشير إلى أنه قصر للثقافة، ولا يعرف الأهالي أو الطلاب عنه شيئًا، وكما يقولون شر البلية ما يضحك فقد سبق أن قام أحد العاملين بالقصر بإرسال تلغراف لإثبات حالة مرضية لكنه لم يصل إلى القصر لعدم معرفته، وتم إرساله إلى فرع ثقافة سوهاج!
وللأسف، منذ تسليمه للهيئة العامة لقصور الثقافة، فالقصر مهمل ولا يعمل بالشكل المطلوب، وأصبح مكانا طالته يد الإهمال فتحول إلى مخزن لمنقولات وأثاث فرع ثقافة سوهاج، أما أثاث الفرع فتحول للأسف إلى حطام منذ سنين، بعد تخزينه في البدروم، بعدما كان مقررًا عمل مزايدة لبيعه، الذي لم يتم حتى الآن! ومن اللافت للذكر أنه سبق أن تم العثور على ثعبان بالموقع العام الماضي.
كل ذلك في الوقت الذي لم يتم السعي لاستكمال المساحات الفارغة المهملة بمحيط القصر لإقامة مسرح أو استراحة أو قاعات أنشطة ومعرض للفنون التشكيلية بشكل يؤهله لاكتشاف المواهب أو تكوين فرق فنية، مسرحية أو فنون شعبية أو كورال للأطفال.
الكوثر.. قصر ثقافة مجهول!
ويعد الوصول إلى قصر ثقافة الكوثر أمرا صعبًا، على الرغم من تميز موقعه بكونه وسط منطقة مدارس ابتدائي وإعدادي وثانوي، ومعاهد تعليمية متخصصة، ما يؤهله ليكون موقعا ثقافيا جاذبا للأنشطة والفعاليات الثقافية والفنية، ويخرج بأنشطته إلى الجمهور من التلاميذ والطلاب بالمدارس المحيطة به.
أما الأنشطة فحدث ولا حرج؛ فلا يوجد به نشاط حقيقي يذكر، ولا تتوافر به ميزانية لتنفيذ الأنشطة، ويقتصر نشاطه المدرج بخطة الفرع على نشاطين فقط، ولا يتم الموافقة على تقديم أي نشاط آخر يطلب للقصر.
وبعد عناء وصلنا لقصر ثقافة الكوثر، لنجد مبنى يقع في مساحة تصل إلى أكثر من ٤٠٠٠ متر مربع، ومبنى القصر يصل إلى أكتر من ٤٥٠ مترا مكون من الطابق الأول ٣ قاعات ومكتبتين، وثلاث قاعات منها قاعة مدير القصر والأخريان مخصصتان للأنشطة تحولت إلى مخرن لأثاث ومنقولات فرع ثقافة سوهاج ومواقعه الثقافية بمراكز المحافظة، أما مكتبة الطفل فتحولت إلى مخزن، بعد أن تم نقل الكتب إلى المكتبة العامة، ويوجد في نهاية الطابق الأول سلم يؤدي إلى سطح المبنى وحمامان متهالكان بحاجة إلى صيانة مع عدم توافر مياه منذ نحو عام، كما يحتاج إلى صيانة للكهرباء.
"ثقافة الكوثر" أنشطة على الورق
ولا يقدم القصر أي نشاط أو فعاليات ثقافية، فنشاطه محدود يحضره العاملون بالقصر فقط، ولا يوجد رواد يحضرون هذا النشاط المفبرك، لعدم وجود إمكانيات أو خامات تتيح تقديم أنشطة حقيقية أو ورش فنية،، أما ما يتم تصديره فهو عبارة عن محاضرة أو اثنتين كل شهر، وفي السابق كان يتم صرف سلفة في حدود 500 جنيه لعمل ورشة فنية في التطريز على التلي، كانت تقام بالمدارس كل فترة، لكن منذ نحو سنتين لم تعد أي سلف تصرف للموقع لعمل أي أنشطة فنية، ووصل الأمر إلى قيام العاملين بالقصر بشراء كراسات الرسم والألوان على نفقتهم الخاصة لعمل ورشة فنية داخل الموقع.
حالة الإهمال بقصر ثقافة الكوثر وصلت لعدم وجود عامل نظافة، ليصبح الموقع مهملا وتتراكم به القمامة وغير آدمي نتيجة عدم وجود أعمال صيانة أو أي خامات تصرف للنظافة منذ ما يزيد على أربع سنوات.
ومن جانبهم يعرب العاملون عن استيائهم من التعامل معهم بأسلوب سيئ بالموقع، في أجواء تولد مشاحنات وتوترا يؤثر على العمل الإداري، ما ينعكس بالسلب على تراجع العمل الثقافي، الأمر الذي دفع بعض العاملين لتحرير مذكرات يوم 8 نوفمبر تتضمن الشكوى من سوء المعاملة ورفعها لمدير فرع الثقافة بسوهاج، ولم يتم النظر أو البت فيها حتى الآن.
ومما يثير العجب العجاب ما حل بإدارة قصر ثقافة الكوثر منذ شهرين تقريبًا، إذ ازداد الوضع سوءًا وأصبح عنوان القصر هو "المنفى والمغضوب عليهم" من العاملين بفرع ثقافة سوهاج، بعد القرار الإداري من مدير فرع ثقافة سوهاج بتولية إدارة القصر لسيدة على الدرجة الثالثة، شاغلها الشاغل هو دفتر الحضور والانصراف، وإدارة القصر عبر الهاتف، وغيابها المستمر الذي أثبتته لجان التفتيش المالي والإداري بالهيئة العامة لقصور الثقافة، وحضورها إلى الموقع متأخرا بعد الظهر مرة كل فترة.
كما تتعنت مع العاملين وتحرر مذكرات ضدهم وصلت إلى 15 مذكرة في يوم واحد، تتهمهم بالتقصير والتغيب عن العمل في الوقت الذي لا تحضر فيه بشكل يومي، وتتواجد بالفرع بحجة العمل دون وجود عمل من الأساس، ما يثير التساؤلات حول سبب اختيارها لإدارة القصر دون خبرة كافية.
وكذلك ما مدى إصرار إدارة الفرع على عدم التحقيق معها للوقوف على حقيقة الوضع الإداري بالقصر، في حين أنه سبق أن قامت بتحرير محاضر بالشرطة ضد أحد العاملين بفرع ثقافة سوهاج بعد تسلمها العمل بفترة وجيزة، ومع علم المدير العام للفرع بحقيقة وواقع المشكلات التي تحدث بقصر الكوثر، ولا يشغلها سوى افتعال مشكلات مع العاملين والتي أجبرت البعض منهم على تحرير مذكرات للفرع وللعمل على سرعة اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة تجاه هذا الأداء غير المهني من قيادات غير مؤهلة للأسف لإدارة المواقع الثقافية بسوهاج.
كما لا تسعي مديرة القصر للوقوف على مشكلات الموقع من انقطاع المياه أو مشاكل النظافة، أو نقص الخامات الفنية لإقامة فعاليات ثقافية أو ورش فنية، أو حتى أبسط شيء بإقامة علاقات أو تعاون مع الإدارة التعليمية بحي الكوثر أو إدارة الشباب والرياضة، لإقامة أنشطة أو جذب رواد للقصر للعمل على اكتشاف المواهب الإبداعية، بل تفرغت للتربص بزملائها بالقصر.
كما تقوم بالتوقيع على المكاتبات الموجهة الفرع مذبلة باختصار كلمة "الدكتورة" في حين لا يوجد ما يثبت حصولها على الدرجة، وإجبارها لزملائها على تلقيبها بلقب الدكتورة، وإلقاء العتاب والتعنيف عليهم حال ذكر اسمها من دون ألقاب، وهو ما يزيد الأمر سوءًا في التعامل بنوع من أنواع التعالي والادعاء من دون وجه حق.
مصير متحف التراث بالكوثر
كما علمنا أنه منذ إنشاء مدينة الكوثر كان مقرراً إقامة متحف للثقافة المادية للحفاظ على الحرف التراثية بمحافظة سوهاج، والذي كان مقررا إقامة المتحف التراثي منذ عام ٢٠٠٩ ليكون متحفاً لحفظ كل عناصر الحرف التراثية المميزة، ولكن لم يتم إقامة المتحف حتى الآن، والموضوع تم دفنه وأصبح القصر مهجورا والمقتنيات مكهنة على اعتبار أنها عهد بمخزن القصر ولا يعرف عنها أحد حتى الآن ولم يتم جردها، أو حفظها أو تأهيل القصر لعرضها، وكذلك لا يقدم أنشطة ويتواجد به العاملون دون عمل ولا يعرفون عن المقتيات المتراكمة بغرف مغلقة ولا أحد يعرف مصيرها!
وهنا نطرح السؤال المهم: بعيدا عن التجاوزات والملاحظات حول مواقع هيئة قصور الثقافة، وحول متى يتم الالتفات إلى المواقع الثقافية المهملة خاصة بالصعيد وما مصير متحف التراث الغير موجود على الواقع بحى الكوثر.. متى يتم تولي قيادات وكوادر ثقافية وإدارية مؤهلة للعمل الثقافي؟