الإثنين 22 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
بوابة روز اليوسف

مع كتابة هذه السطور، كان اليوم الأول من الاستحقاق الدستورى الأهم قد بدأ من ساعات.

لماذا الانتخابات الرئاسية هى الاستحقاق الدستورى الأهم؟ 

 

لأن المشاركة ليست مجرد أصوات توضع فى صناديق الانتخاب.. ليفرزها القضاة، ثم يحصونها، ثم يعلنون نتائج المصوّتين. 

إنما الانتخابات الرئاسية، هى إشارة للمستقبل، وآراء فيما مضَى، وانطباعات شخصية عمّا حدث لمصر، وما حدث فيها.. وما يأمل المواطن فى أن يحدث فيها ولها فى المستقبل. 

مصر تغيّرت.. والناس فى مصر تغيّرت. لذلك الانتخابات هذه المَرّة، ليست كأى مَرّة سابقة. هذه المَرّة المَشهد الانتخابى مختلف عمّا كان عليه فى الماضى.. وفى فترات سابقة.. وفى عهود فاتت. 

المَشهد، حتى الساعات الأولى من بدء التصويت فى الرئاسية، بإقبال كبير؛ خصوصًا من الشباب كان له أكثر من دلالة.

(1)

 لم تكن النتائج حتى كتابة السطور التالية قد ظهرت بَعد. لم يكن الإحصاء قد تم، ولم يكن تصنيف الأصوات وتقسيم المؤيدين بين المرشحين قد ظهر. 

لكن الظاهر، وبقوة المؤشرات وبقوة الشواهد وحسب المجريات كان فوز عبدالفتاح السيسي. 

مع نشر هذه السطور، ربما تكون لجان الانتخابات قد أغلقت أبوابَها وبدأ الفرز. لذلك؛ فإن فترة الصّمت الانتخابى تكون قد انتهت بالضرورة وبطبيعة الحال. ولذلك، مَرّة أخرَى، يمكن الآن فتح حديث وكلام عن المرشح الذي انتخبه كل منّا.. وعن أسباب انتخابه، وعن المطلوب منه، وعن المأمول خلال فترة رئاسية جديدة تمتد لست سنوات. 

كاتبُ هذه السطور منح صوته للمرشح عبدالفتاح السيسي. الأسبابُ كثيرة وكبيرة. ربّما أولها، أن لدَى عبدالفتاح السيسي مشروعًا قوميًا وطنيًا هو الأول من نوعه. وهو الأكبر من نوعه.. وهو الأول من نوعه لمصر وللمصريين.

صوتى لعبدالفتاح السيسي تكليفٌ جديدٌ لقيادة وطنية؛ لإكمال ما بدأه من تغيُّر حال مصر وتغيُّر حال الدولة.. وتغيير الواقع، باقتدار؛ كى تستمر مصر فى استعادة المكان والمكانة؛ للتعامل مع المستقبل. 

ثقتى فى عبدالفتاح السيسي.. هى ثقة فى قيادة تولت المسؤولية فى ظروف شديدة الصعوبة، على مستوَى الداخل، وظروف أشد صعوبة على مستوَى الخارج.. وظروف أكثر صعوبة على المستوَى الإقليمى.. وظروف شديدة التعقيد على مستوَى الوضع الدولى على خرائط الكوكب.

تولى عبدالفتاح السيسي القيادةَ فى مَرحلة مفصلية. مَرحلة كانت فيها الدولة تترنح خروجًا من ما سُمِّى من باب الأدب بالربيع العربى.

لوصف تلك المَرحلة من مَراحل التاريخ المصري أكثر من مصطلح، لا يصلح المكان لصفها حروفًا وطبعها.. وطرحها على القارئ.

لكن.. ما علينا. 

تولى عبدالفتاح السيسي بتكليف من المصريين.. وقبلها كان قد خرج بتكليف من المصريين أيضًا؛ لإعادة «وأد» مارد الإخوان، وإعادته للقمقم من جديد. 

لا تخرج الشعوبُ من مَراحلها المفصلية بالساهل. لا تنجح الشعوبُ فى هزيمة «عفاريت الزمن» بيُسْر. 

فى كثير من البُؤَر على الخريطة، كانت عفاريت الزمن، فى بعض البِلْدان أقوَى من محاولات الشعوب من الخروج من المَراحل الخطرة.

لذلك استدرجتْ شعوبٌ كثيرة من المَراحل الخطرة إلى مَراحل أكثر خطورة. 

استدرجت شعوبٌ كثيرة من المَراحل الأكثر خطورة إلى مَراحل «بيوت العنكبوت». ومن مَراحل خيوط العنكبوت، دخلت شعوبٌ مَراحل «اللى يروح ما يرجعش». 

للآن تعافر تلك الشعوبُ رغبةً فى استقرار مفقود.. وأملاً فى تماسُك مفقود.. ورغبةً فى حدود آمنة مفقودة. 

تعافر بعض شعوب، من أجل مجرد أمَل «تشكيل حكومة». ناهيك عن تأثيرات على الهويّة، وعلى النسيج الاجتماعى، وعلى الاقتصاد، وعلى شكل الدولة، وعلى تشكيل مؤسّساتها.. وعلى ماهية عمل تلك المؤسّسات.. بخلافات وصلت إلى «شكل العَلَم».. واختلافات على كلمات النشيد القومى.

(2)

انتخبتُ عبدالفتاح السيسى؛ لأنه انتشل بلادى من حال، ودفع بها إلى حال. انتشلها من مَراحل ما قبل الفوضَى الشاملة، ومن على عتبات مَرحلة «خيوط العنكبوت». 

لا يعرفُ عبدالفتاح السيسي فى الشعارات والكلام المزوّق الملفوف فى ورق سوليفان. 

لمّا تولى المسؤولية، قال إن الظروف والأمور والطرُق ليست ممهدة، وأن السبيل ليس مفروشًا بالورود. 

قال إن العمل واجبٌ، وإن مشاركة المصريين فى العمل فرضُ عين.

فرضُ العين غير فرض الكفاية؛ الأول فرض على كل مواطن مصري فى مكانه وفى موقعه، والثانى فرض على ولىّ الأمْر.. أو الحاكم وحده. 

أعاد عبدالفتاح السيسي منظومة العمل، وأعاد تدوير «فروض العين» على مجتمع كان بعضه قد انخدع، وكان بعضه قد سقط فى بحور «شعارات» تداوَلها بعضهم على المقاهى، وفى الفضائيات.. بَعد التاسعة مساءً.. ثم أثبت الزمن أن كله كلام «فى الفاضى».. وكلها أفكار «حلوة» لم تصمد أمام اختبارات الزمن.. وتجليّات الواقع. 

لا تدار الدول من مواقع التواصل الاجتماعى، كما لا تدار من ندوات المقاهى أو من شاشات الفضائيات.

عمل عبدالفتاح السيسى، على الأرض، بينما استمر آخرون فى التعاطى مع «قضايا كونية تحرُّريّة ديمقراطية وجودية حنجورية» من على شاشات التليفزيون. 

بالتزامُن مع قرارات شُجاعة لإعادة توجيه الاقتصاد المصري على الطريق السليم وإعادة بناء تعليم يليق وسكن وحياة كريمة.. وصحة حقيقية.. وسوق واعدة.. واستثمار حقيقى.. كان قرار عبدالفتاح السيسي بالدخول فورًا فى حرب ضروس مع الإرهاب. 

معركة مصر مع الإرهاب لم تكن سهلة. 

حاربت مصرُ الإرهابَ نيابة عن المنطقة. حاربت نيابة عن الإقليم، وحاربت، فى نهاية المطاف، نيابة عن حتى دول أوروبا.. ودول الغرب، ولو أن بعضَ دول الغرب كانت هى التي وضعت بذوره، وبعضَ دول الإقليم كانت هى التي تغذى نباته. 

كان الهدف مصر. فمصر باب المنطقة.. ومبتدأ الحكاية.. لذلك لم تكن المعركة فى مواجهة الإرهاب بسيطة.

انتصرت مصرُ فى مواجهة «اشكيف» كان يخطط كى يأكل الأخضر واليابس.. وكان يخطط للقتل على الهوية.. والقتل على الرأى.. وصولاً للقتل على المَذهب.. وعلى وجهات النظر.. وكان يخطط لتغيير الهويّة، وابتلاع التاريخ.. والتلاعب بالجغرافيا.. وبالمنطق.. وبحساب المثلثات.

فى تلك النوعية من المَعارك، تفقد الشعوبُ كثيرًا من أبنائها، ومن مواردها، ومن دمائها؛ حفاظا على أبنائها ومواردها.. ودماء الآمنين فيها.

مِثْل تلك الحروب فى حاجة دائمًا إلى كاريزما قائد.. كما هى فى حاجة دائمًا إلى جيش وطني قوى.

(3)

فرض عبدالفتاح السيسي كاريزمته على الإرهاب.. كما فرض كاريزمته فى الصعود بأسهم الدولة إلى أعلى. 

التوازى بين حرب الإرهاب وحروب التنمية لم تكن هى الأخرى عملية يسيرة. فى الظروف المشابهة، عادة ما تكون القرارات مفاضلة بين أولويات. يعنى المفاضلة بين ما يجب أن يتم الآن.. وبين ما يمكن أن يؤجَّل. 

لم يؤجِّل عبدالفتاح السيسي لا هذا ولا ذاك. لم يُحَمِّل عبدالفتاح السيسي الأجيال المقبلة، ما يمكن أن تنهض به دولة؛ لاستعادة نفسها.. واستعادة ناسها وهويّتها.. وقدراتها.

أصدر عبدالفتاح السيسي قرارَ دخول المَعارك كلها فى وقت واحد.

حاربت الدولة على أكثر من جبهة، والحروب على أكثر من جبهة فى علوم العسكرية مخاطرة.. لا بُدَّ أن تكون محسوبة. 

حسبتها مصر.. وحسمتها. 

حسمت مصر عبدالفتاح السيسي معاركها.. ورفعت رايات النصر. نصر فى صون مقدرات الوطن.. ونصر فى تأمين حدوده بخطوط حمراء وقت اللزوم انصاع لها الجميع.. ووقف عندها الجميع. ونصر فى مَحاور إعادة بناء البَشَر والحَجَر.. وإعادة تدوير المستقبل. 

مصر النهاردة غير مصر زمان. تغيّرت مصر.. وحسب المَثل «اللى ما يشوفش من الغربال».

لكنّ المصريين يرون.. ويعلمون ويدركون.

صحيح إن هناك فى الخارج من يتلوّى من وجع نهوض دولة كان قد سبق أن حاول طرحها فى مزادات الأوطان لمَن يدفع، لكن تسير القافلة، وتبقى سائرة.. وصولاً إلى مُدن المستقبل.. وآفاق الإنجاز. 

مصر مكملة.. بإرادة المصريين.. وباستمارات تصويت.. فى صندوق الانتخابات.

تم نسخ الرابط