رضا فرحات: رفض الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لخطة احتلال غزة يكشف مأزق حكومة نتنياهو

قال الدكتور رضا فرحات، أستاذ العلوم السياسية، إن رفض قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لخطة بنيامين نتنياهو لاحتلال قطاع غزة يعكس حالة انقسام حاد داخل إسرائيل، وهو تطور سياسي وأمني لافت يكشف عن مأزق استراتيجي تعيشه الحكومة الإسرائيلية منذ اندلاع العدوان على القطاع مشيرا إلى أن هذا الرفض لا يأتي من منطلقات إنسانية أو سياسية، بل من قراءة واقعية للمخاطر والتحديات الميدانية التي قد تنجم عن التورط في عملية احتلال شامل لغزة.

وأشار فرحات في تصريح خاص لـ " بوابة روز اليوسف" إلى أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وعلى رأسها الجيش والموساد والشاباك، تدرك أن تجربة الاحتلال المباشر لغزة ستكون مكلفة للغاية، ليس فقط من حيث الخسائر البشرية، ولكن أيضا من ناحية الأعباء الاقتصادية والسياسية، فضلا عن الانعكاسات السلبية على صورة إسرائيل الدولية، في وقت تواجه فيه اتهامات متزايدة بارتكاب جرائم حرب.

وأضاف أن الخطة التي يروج لها نتنياهو تهدف إلى فرض سيطرة عسكرية كاملة على القطاع، وإعادة تشكيل المشهد السياسي الفلسطيني بما يخدم اليمين الإسرائيلي، غير أن هذه الرؤية تصطدم بحقائق الجغرافيا والديموغرافيا إذ أن غزة تحولت خلال السنوات الماضية إلى بيئة معقدة أمنيا وعسكريا، تجعل أي احتلال طويل الأمد مغامرة محفوفة بالفشل.

وأكد فرحات أن الانقسام بين القيادة السياسية والأجهزة الأمنية يعكس أيضا صراعا داخليا على تحديد أولويات المرحلة المقبلة، حيث تميل المؤسسة الأمنية إلى حلول أكثر براغماتية، ربما تشمل ترتيبات أمنية أو إدارة غير مباشرة للقطاع، بينما يسعى نتنياهو إلى خطوات تصعيدية قد تساعده على البقاء في الحكم وتجنب المحاسبة على إخفاقاته.

ويرى فرحات أن هذا الموقف الأمني الرافض يمثل فرصة مهمة أمام الأطراف الدولية والإقليمية، وخاصة مصر، لتعزيز الجهود الرامية إلى وقف التصعيد ومنع الاحتلال الشامل، والدفع نحو مسار سياسي يعالج جذور الأزمة ويعيد فتح أفق لحل عادل للقضية الفلسطينية مشيرا إلى أن المشهد الحالي يبرهن على أن القوة العسكرية وحدها ليست كافية لتحقيق الأهداف السياسية، وأن الاحتلال المباشر لغزة قد يتحول إلى عبء استراتيجي على إسرائيل، تمامًا كما حدث في تجارب الاحتلال السابقة، مما يجعل أي محاولة لفرض أمر واقع بالقوة محكومة بالفشل على المدى البعيد.