منذ فجر التاريخ علمت مصر العالم كله شرقاً وغرباً معانى الحضارة الإنسانية.. واعتبرها الجميع "أم الدنيا"، واعتبرت وبحق "اماً للحضارة الانسانية " بما عرفه العالم عن تاريخها المكتوب والذي تميزت به عن غيرها.
اليوم يواصل المصريون بافتتاحهم "المتحف المصري الكبير" تذكير العالم كله بذلك الماضى قائلين لهم "إننا سنعبر بهذا الماضى إلى المستقبل" من خلال نقطة الالتقاء الفريدة بهذا المتحف بين "التاريخ والتكنولوجيا" على حد قول الدكتور مصطفى وزيرى (عالم الآثار والرئيس السابق للمجلس الأعلى للآثار)، وقائلين لهم كذلك أن هذا الأمر ليس بغريب علينا فنحن احفاد الأجداد.
إن هذا الافتتاح الذي سيراه العالم كله من خلال ضيوف مصر من الرؤساء والأمراء والملوك والوفود الرسمية وغير الرسمية ووسائل الأعلام المرئية والمسموعة والرقمية سوف يفصح للعالم كله عن كنوز مصر الماضى والحاضر وعن تطلعها إلى مستقبل مشرق يتناسب مع تاريخها وحضارتها ذات الجذور العميقة والموغلة فى التاريخ.
إن هذا الافتتاح سيعقبه - إن شاء الله - تغييرات كبيرة فى مصر فى القطاع السياحى والتنموى والاقتصادى مع زيادة عدد السائحين والوفود السياحية جراء هذا الحدث الضخم بما سيوفره ذلك من زيادة الدخل القومى للمصريين وسينعكس بطبيعة الحال على مستقبلهم بشكل كبير.
إن ملامح المنطقة التي يقع بها المتحف بموقعه المتميز "اللوكيشن" الذي يطل على منطقة الأهرامات ستتغير مستقبلاً وسيختفى ذلك الظهير الصحراوي، وستظهر فى المنطقة الفنادق الشاهقة والمحلات والـ"مولات" التجارية الفخمة بما سيوفره ذلك من فرص عمل كبيرة وكثيرة تدعو اصحاب الهمم بلسان حالها الذي يقول: "هلموا إلى مصر الجديدة" إلى مصر المستقبل وأبدعوا كما ابدع أجدادكم، واعملوا جاهدين مخلصين فسيرى الجميع اعمالكم وسيقدرونه.
إن مصرنا الحبيبة تراهن على المتحف الكبير لإحداث نهضة سياحية كبيرة؛ ذلك أن تلك النهضة ستقابلها بالضرورة طفرة فندقية فى المنطقة كما تقدم، بالإضافة إلى استفادة الدائرة المتصلة بها بكل محيطها؛ فشركات الطيران ستستفيد والعاملين فى المتحف وفى الشركات السياحية وفى الفنادق كذلك سوف يستفيدون، وقطاع المرشدين السياحيين سيزيد دخلهم وسيضمنون العمل اليومى بدلاً من العمل المتقطع المؤقت، والعملة الاجنبية وخاصة " الدولار" ستتوفر داخل مصر بما يحمله ذلك من دلالات اقتصادية، باختصار ستعمل الدائرة بشكل كامل حتى أنها ستطال الجزارين وبائعى الخضر والفاكهة والكتب.. وغيرهم.
حقاً إن مصر بهذا الافتتاح المهيب سوف تفتح أبواب المستقبل على مصراعيها، وستدعو العالم كله للدخول من تلك الأبواب ليشاهد ويتعلم من مصريو اليوم كما تعلم منهم بالأمس وكما تعلم منهم آباؤه واجداده.
تحية اعزاز وتقدير لكل من ودرس وتعلم وعلم وأخرج علماً وضعه فى العمل بهذا المتحف "بناة، ومهندسين، وأثريين، وفنيين.. إلخ، وتحية اعزاز وتقدير للقيادة السياسية التي وفرت مناخاً ملائماً لإنجاز هذا العمل، والتي دعت العالم كله أيضاً للمجئ إلى مصر لمشاهدة ثلاث صناعات فى يوم واحد "صناعة الماضى، وصناعة الحاضر، وصناعة المستقبل، وتحية لشعب مصر الخالد الأبى الذي يساند قيادته ويفرح لانتصارات بلده وعبورها للمستقبل.
دكتوراه فى التاريخ من جامعة حلوان



