الإثنين 29 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

أبو الغيط: أطفال فلسطين رقم مهم في معادلة الصراع مع مشروع الاحتلال

أبو الغيط: أطفال
أبو الغيط: أطفال فلسطين رقم مهم في معادلة الصراع مع مشروع ال
كتب - شاهيناز عزام

أكد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن الوقت الذي تتفاقم فيه ممارسات الاحتلال الإسرائيلي في حجمها وشكلها ومضمونها، الأمر الذي أصبحت معه بالتبعية معاناة الشعب الفلسطيني السياسية والاجتماعية والاقتصادية أكثر قسوة، ولا يقتصر تأثيرها على الزمن الحاضر بل يمتد ليأخذ بعداً تنموياً مستقبلياً أيضا، بما في ذلك التأثير العميق على مقدرات ومستقبل الأطفال الفلسطينيين.. جاذ ذلك في كلمته التي ألقاها في المؤتمر الدولي حول "معاناة الطفل الفلسطيني في ظل انتهاك إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال لاتفاقية حقوق الطفل."

وقال: هؤلاء الأطفال يعانون من الحرمان بأشكال متعددة ولم يتمتعوا بالحد الأدنى من الحقوق كما هو حال الأطفال في معظم دول العالم، ونشأوا في أسر عانت من التهجير القسري وضيم الاحتلال، ويعيشون في كنف عنف وتطرف الاحتلال العسكري الإسرائيلي.

وأنه على الرغم من هذه الظروف الصعبة التي يعانيها الأطفال الفلسطينيون، فقد استطاعوا أن يصبحوا رقماً مهماً في معادلة الصراع مع مشروع الاحتلال بعد أن فجروا بسواعدهم التي لا تحمل سوى الحجارة أعظم انتفاضة في وجه المحتل.. بعضهم عاش وولد في المخيمات وهو يتجرع مرارة فقد الأحبة والأهل، وبعضهم يشاهد منزله يهدم بجرافة الاحتلال، ومنهم من يحرمه منع التجول من الوصول إلى مدرسته، ومنهم من تسلبه رصاصات الغدر حياته أو حياة أعز الأصدقاء مشيرا إلى أـن الطفل الفلسطيني لا يزال يحلم بأن يعيش طفولته كسائر الأطفال وأن يتمتع بحقوقه الأساسية، ولو في حدها الأدنى.

وأكد أن الحكومة الإسرائيلية الحالية صارت أسيرة بصورة كاملة لجماعات الاستيطان واليمين المتطرف... عدد المستوطنين الذي لم يكن يتعدى ربع المليون وقت توقيع اتفاق أوسلو.. بلغ اليوم 650 ألفاً، منهم نحو 200 ألف في القدس الشرقية المحتلة وحدها.. أن الحكومة الإسرائيلية مشغولة بالاستيطان لا السلام.. وهي لا تكتفي بما نهبت من الأراضي وما تقيمه من مستوطنات غير شرعية وفقاً لكل قرارات الأمم المتحدة وآخرها قرار مجلس الأمن 2334، وإنما هي مصابة بإدمان التوسع ونهم لا يشبع للاستيلاء على أراضي الفلسطينيين.

وأضاف أن هناك تغييراتٍ إيجابية على الساحة الفلسطينية، أهمها على الإطلاق تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام بكل تبعاته السلبية على القضية الفلسطينية والمجتمع الفلسطيني خلال السنوات العشر المنصرمة.

وهنأ أبو الغيط الرئيس الفلسطيني والشعب الفلسطيني على إنجاز المصالحة وإنهاء حالة الانقسام السياسي والجغرافي بين الضفة الغربية وغزة المحتلتين، وأمل مخلصاً أن يجرى الانتهاء من كل التفاصيل والآليات الخاصة بإنفاذ المصالحة على أرض الواقع في قطاع غزة.. فقد شكل هذا الانقسام الذريعة التي طالما اختبأت وراءها إسرائيل لتتهرب من استحقاقات عملية السلام.. مشيرا إلى أنه نجح الفلسطينيون بجهد ومعاونة مصرية إيجابية ومقدرة- في إسقاط هذه الحجة ووضعوا إسرائيل أمام استحقاقات التسوية.

وطالب أبو الغيط الحاضرين بإلقاء نظرة سريعة على الواقع الحالي للطفل الفلسطيني تكشف عن حرمانه من حقوق وحريات أساسية خلافاً لما هو منصوص عليه بشكل صريح في اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل.. مشيرا إلى أن ثمة بوناً شاسعاً بين ما هو مضمون ومكفول من حقوق وحريات أساسية في إطار الاتفاقية وبين الانتهاك الصريح والمعلن والمنظم تجاه الطفولة الفلسطينية، حياةً وأمناً وصحةً وتعليماً.. وبما يؤكد مسؤولية السلطات الإسرائيلية عن انتهاك حقوق الطفل الفلسطيني، وضربها عرض الحائط بالاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان ومن بينها اتفاقية حقوق الطفل، وهي بالمناسبة أكثر اتفاقيات حقوق الإنسان الدولية من حيث عدد التصديقات عليها.. بما يؤكد أهميتها البالغة وسعي مختلف دول العالم للالتزام بالقواعد والمعايير التي نصت عليها لحماية الطفل.

وقال إنه- ووفقاً للبيان الصادر عن الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال- فقد تم توثيق استشهاد 2012 طفلاً فلسطينياً منذ عام 2000 وحتى نهاية عام 2016 على يد قوات الاحتلال والمستوطنين في قطاع غزة والضفة الغربية بما في ذلك القدس.. وإمعاناً في التنكيل وانتهاك الحقوق فقد انتهجت قوات الاحتلال سياسة احتجاز جثامين الأطفال كنوع من العقاب الجماعي لأسرهم، إضافة إلى أن سياسة الإفلات من العقاب أو المساءلة باتت تضمن لجنود الاحتلال الإسرائيلي الحصانة من أي ملاحقة قضائية.. حتى على جرائم القتل العمد بحق الفلسطينيين.

وقال إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت وتحاكم نحو 700 طفل فلسطيني بين سن 12 و17 عاماً وتحاكمهم أمام محاكمها العسكرية التي تفتقر إلى أدنى معايير المحاكمات العادلة، وقد بلغ متوسط عدد الأطفال المعتقلين في السجون وأماكن الاحتجاز الإسرائيلية خلال العام الماضي نحو 380 طفلاً دون سن الثامنة عشرة.. وقد أوضحت المنظمات الحقوقية التي تعنى بشؤون الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين أن الأطفال يخضعون لإجراءات قاسية خلال عمليات الاعتقال أثناء التحقيق معهم دون مراعاة لسنهم، ويتم إخضاعهم لمختلف الضغوط النفسية والجسدية على يد المحققين الإسرائيليين، وتنتزع اعترافاتهم عنوة، مع تعمد المحققين الإسرائيليين استخدام أساليب غير إنسانية معهم على غرار الاعتداء عليهم بالضرب، وحرمانهم من النوم، والحرمان من زيارات الأهل، ومن الموارد الثقافية والدراسية، بالإضافة إلى تردي نوعيات الطعام المقدمة إليهم.. ويا له من عار سيظل يلاحق دولة الاحتلال ويلطخ سمعتها إلى الأبد.

إن تحليل واقع معاناة الطفل الفلسطيني وكيفية معالجتها يستوجب العمل على تطوير آليات محاسبة ومساءلة قانونية لسلطات الاحتلال على الانتهاكات التي تمارسها بحق أطفال فلسطين، مع توفير الحماية الدولية لهم.. ذلك أن انتهاك حقوق الأطفال في فلسطين، والتهديد الخطير لأمنهم يشكل تحدياً غير مسبوق لا يضر بالأطفال فحسب، وإنما يتعدى ذلك للإضرار بمستقبل المجتمع الفلسطيني بأسره، لا سيما أن الأطفال يمثلون أكثر من 47% من تعداد المجتمع الفلسطيني.

وأشار إلى أن هناك مسؤولية تجاه حماية الطفل الفلسطيني كبيرة، ولا يمكن التخلي أو التقاعس عنها وتستدعي عملاً جاداً وحقيقياً ووضع خطط واضحة للارتقاء بوضعية الطفل الفلسطيني وضمان كفالة حقوقه المختلفة، سعياً لتحقيق غد أفضل لهذا الطفل الذي عانى كثيراً.

وأعرب عن أسفه لما رصد من مشاركة محدودة من جانب المنظمات الدولية المعنية بحماية وتعزيز حقوق الطفل، وهي المشاركة متمنيا أن تكون أكبر، وفي مستوى تمثيل أعلى، وذلك في إطار تحمل كل منظمة من هذه المنظمات مسؤولياتها الثابتة والمنصوص عليها في قرارات دولية متعددة في مجال حماية الأطفال من أبناء الشعب الفلسطيني.

 
 
 
 
تم نسخ الرابط