الإثنين 22 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

ميليشيات إيران لتخريب الأوطان.. طهران تتذوق من أفعالها

ميليشيات إيران لتخريب
ميليشيات إيران لتخريب الأوطان.. طهران تتذوق من أفعالها
كتب - مصطفى سيف

تتذوق إيران مما فعلته من دمار وتخريب في الدول العربية بشكل خاص، وفي الإرهاب المتفشي في العالم بصفة عامة، هذا الإرهاب دفع المحتجين للمطالبة بالخروج من الدول التي تدخلت فيها بشكل عسكري دون موافقة من الدول ذات السيادة التي دسّت فيها سمومها.

الدول الغربية التي تُعّد حليفة لإيران وصفت ما يجري في الدولة الفارسية التظاهرات بـ"السلمية"، الأمر الذي يكشف غضب دول العالم من النظام الملالي.

ترامب وروحاني

ترامب، الذي طالما عبَّر عن رغبته في إنهاء الاتفاق النووي الذي أبرمته الدول الكبرى (5+1) مع إيران في 2015، قال إنَّ "الشعب بدأ يفهم مؤخرا كيف تُسرق أمواله، والتي يتم إنفاقها لاحقًا على الإرهابيين. يبدو أن هذا لن يستمر".

الأمر الذي قابله الرئيس الإيراني، حسن روحاني، بالانتقاد قائلًا: "الاحتجاجات أدّت إلى فرح أعداء الثورة" في إشارة إلى تغريدة ترامب.

إلا أنَّ الحكومة الإيرانية اعتبرت تأييد الدول الغربية للاحتجاجات تدخل في شؤونها، معتبرة إياه بمثابة دعم للمعارضة.

فاتورة التدخلات

الخبير التركي في الشؤون الإيرانية، عارف كسكين، اعتبر أنَّ إيران تحاول أن تغطي على مشاكلها الداخلية باتهام الدول الغربية بالتدخل في المظاهرات.

وأشار إلى أنَّ هذا الاتهام أيضا يحاول أن يتجاهل حقيقة تعبير المتظاهرين عن تدّخلهم في الدول العربية، وسياسات بلدهم في الشرق الأوسط.

وأوضح كسكين، أن "المحتجين عبّروا عن سخطهم من حكومة بلادهم لدعمها نظام الأسد، وتدخلها في أحداث العراق والوضع في اليمن ولبنان".

وأشار إلى أن "إيران تواجه مشاكل اقتصادية خطيرة جدًا، وأن حكومة الرئيس حسن روحاني جاءت على خلفية وعود أطلقتها لحل المشاكل الاقتصادية".

الفساد في جميع أنحاء البلاد

شيرين عبادي، معارضة إيرانية منفية في إيران، تقول إن "ما يحدث في إيران ليس جديدًا، فهناك أزمة اقتصادية في غاية الخطورة، والفساد في جميع أنحاء البلاد بلغ مستويات مروعة، ورفع بعض العقوبات على ارتباط بالاتفاق حول الملف النووي مع أوروبا والولايات المتحدة عام 2015 لم يأت بفوائد فعلية للشعب، خلافًا لما كان ينتظر".

وتابعت في تصريحات صحفية: "يُضاف إلى ذلك أن إيران لديها نفقات عسكرية عالية جدًا. ولم يعد الناس يتقبلون رؤية هذه المبالغ الطائلة من الأموال تنفق على التدخل في شؤون دول أخرى".

وحذرت بأن "خيبة الأمل تصيب بصورة خاصة الشباب" الذين يعانون أكثر من سواهم على حد قولها من البطالة المرتفعة ومن الفساد وأجواء الرقابة التي يشعر بها الناس في الشوارع".

وشددت المحامية الحائزة على جائزة نوبل للسلام عام 2003 على أن "الوضع الاقتصادي والفارق المروع بين الأغنياء والفقراء، بين الذين ينعمون بالرفاه والذين لا يحصلون عليه، هو أساس الاحتجاجات. الفوارق الاجتماعية تزايدت بصورة متواصلة في السنوات الأخيرة وهذا من العناصر الجوهرية لفهم ما يجري".

المشاكل الداخلية

وتواجه إيران مشاكل اقتصادية، خصوصًا في ظل ارتفاع والبطالة وازدياد معدل التضخم، وهذه الأزمات موجودة منذ الرئيس السابق، أحمدي نجاد، إلا أنَّ وعود "روحاني" ذهبت سُدى.

على الرغم من اندلاعها على حين غُرّةٍ إلا أنَّ المتظاهرين في إيران استطاعوا بلورة هويّة سياسية تمكنهم من الاستمرار في الاحتجاجات، ما قد يدفع البعض لإطلاق مصطلح "الربيع الفارسي" عليها.

المتظاهرين في إيران لم يقفوا عند حد المطالبات بتحسين الوضع الاقتصادي فقط، بل امتدت للمطالبة بتنّحي نظام الملالي، خاصة في ظل الهتافات التي ترددت في الاحتجاجات بالمطالبة بتنحي "الملالي" (نظام المرشد الإيراني).

والخميس الماضي، بدأت مظاهرات في مدينتي مشهد وكاشمر شمال شرقي إيران، احتجاجًا على غلاء المعيشة، وامتدت لتشمل مناطق مختلفة من البلاد.

إجراءات التقشُّف

التظاهرات تُعّد هي الأكبر منذ عام 2009، فإجراءات التقشف التي اتخذتها السلطات الإيرانية هي التي دفعت الإيرانيين إلى الخروج للشوارع في ظل حالة التضييق على الحريات العامة، وكتم أصوات المعارضين.

إضافة إلى الدوافع الاقتصادية للاحتجاجات في إيران ترتفع الأصوات المعترضة على التضييق على الحريات المدنية، إلا أنَّ هذا يتم في الغالب من خارج البلدان.

وقال المتحدث باسم جمعية علماء الدين المجاهدين ذات التوجهات المحافظة غلام رضا مصباحي مقدام "دستورنا يقر حق التظاهر، لكن من الناحية العملية ليس هناك آليات لذلك، مضيفًا: "ينبغي على المسؤولين أن يُنصتوا للشعب، وعلى وسائل الإعلام أيضا مسؤولية أن تغطي التظاهرات".

تخريب الأوطان

لا يُخفى على أحد ما يحدث في الدول العربية، من سوريا إلى اليمن، إلى لبنان، إلى العراق، وتبث إيران سمومها في هذه الدول من خلال وكلائها الذين يدينون لها بالولاء.

حزب الله اللبناني، والحشد الشعبي العراقي، وميليشيات الحوثي في اليمن، وفيلق القدس في سوريا، كل هذه تنظيمات تحاول إيران ذرعها بدلًا من الجيوش النظامية لتكون بوقًا لها في المؤسسات الرسمية داخل دول لها سيادة.

نجحت إيران في هذا من خلال حزب الله اللبناني الذي أصبح كيانًا رسميًا يشارك في البرلمان اللبناني، على الرغم من تصنيفه كـ"منظمة إرهابية" مدعومة من إيران، وتحاول تصدير ذلك للحشد الشعبي الذي تسعى حاليًا إلى أنّ يندمج داخل الجيش العراقي.

أيضا في سوريا تحاول من خلال فيلق القدس أن يكون لها ذراع إيرانية طولى في الجيش السوري النظامي من خلال، بحسب ما يرى البعض، إدخال قوات إيرانية إلى الجيش السوري.

ميليشيات الحوثي أيضا بعد ما سيطرت على صنعاء، ما يسهل عليها الدخول فورًا إلى اليمن دون مسائلات قانونية وأيضا من خلال الأسلحة التي تصدّرها لميليشيات الحوثي.

اللافت للانتباه أن إيران لم تكتف بتأسيس وتدريب تلك الميليشيات وإنما سعت إلى الترويج لنموذجها لدى بعض دول الجوار، من خلال ما يُسمى بـ"الباسيج".

والباسيج هي قوات غير نظامية، تكون بديلًا للجيش، أسستها طهران بعد الثورة التي قامت فيها وتردد الجيش الإيراني في إعلان موقفه منها، لذلك اختارت أن تُنشئ قوات سمّتها "الباسيج" لتكون بديلًا للجيش في حالة الحاجة إليها، وهي حاليًا قوات الحرس الثوري الإيراني.

أداة للتفوق الإقليمي

واعتبرت نيويورك تايمز أنَّ حزب الله اللبناني تحديدًا، ومع تغيُّر موازين القوى في الشرق الأوسط، ليس له علاقة بما يدّعيه من مواجهة لإسرائيل.

وتضيف: "سرعان ما وسَّع نطاق عملياته، وأرسل عناصره للقتال في سوريا، وأرسلهم أيضا إلى العراق، ودعّم ميليشيات الحوثي في اليمن، وساهم في تنظيم كتيبة من عناصره بأفغانستان التي يمكن أن تقاتل في أي مكان تقريبًا".

ووصفت الصحيفة الأمريكية "التنظيم الإرهابي" بأنّه "واحد من أهم الأدوات في السعي إلى التفوق الإقليمي من قبل مُقدِّمه إيران".

بمثابة إعلان للحرب

ويقول مركز "المزماة" للأبحاث والدراسات إن الدعم الرسمي والمفتوح من قِبل قادة الملا في طهران للجماعات الإرهابية في المنطقة يمكن تفسيره في العلوم السياسية والأمنية كإعلان للحرب من قبل إيران ضد الدول المجاورة لها".

ويضيف المركز من خلال دراسة أعدَّها في 28 نوفمبر 2017: "خاصة بعد إثبات إمدادات إيران من الصواريخ التي أطلقتها جماعة الحوثي إلى المملكة العربية السعودية، وفي هذه الحالة، يحق للمملكة العربية السعودية وحلفائها الرد على هذه الانتهاكات تحت مظلة القانون الدولي وبدعم من الأمم المتحدة ومجلس الأمن".

خدمة أمريكا وإسرائيل

ويشير المركز إلى أنَّ "الجرائم البشعة التي ارتكبت ضد الشعوب العربية من خلال تنفيذ إيران مشروعها الدموي، أصبح أكبر تهديد للأمن القومي العربي، خاصة منذ مجيء النظام الحالي، لقد ترك العالم النظام الإيراني العبث بالمنطقة كأداة غربية تخدم مصالحها".

ويتابع المركز: "استفادت الولايات المتحدة وإسرائيل من الوجود الإيراني وخطره من نواحٍ كثيرة، أهمها الاقتصادية، حيث إن وجود النظام الإيراني ونشر الجماعات الإرهابية يعني مليارات الدولارات من صفقات الأسلحة، ومع ذلك، وبعد التحول من تهديد إقليمي إلى عالمي، تغيرت استراتيجية المجتمع الدولي تجاه طهران، وبدأ وجود النظام الإيراني يشكل تهديدًا للأمن الإقليمي والعالمي، ومن ثم بداية نهاية نظام الملاليين".

 

تم نسخ الرابط