حسين أبو الحجاج .. حيبيب الملايين اللي بياخد ملاليم
كتبت - هبة محمد على
ملح الفن 1
الصدفة وحدها قد تلتقط شخص من تحت سيارة يبدل احد إطاراتها ليقف أمام عدسة كاميرا أشهر الأفلام الكوميدية التى لاتزال تضحكنا حتى الآن، جنبا إلى جنب ثلاثة من النجوم السقا وهنيدى وطارق لطفى، هم أبطال فيلم (صعيدى فى الجامعة الأمريكية) ليؤدى مشهدا وحيدا فى دور لؤى، تاجر الأجهزة الكهربائية فى شارع عبد العزيز، فتفتح له طاقة القدر.
هذا تماما ماحدث مع حسين أبو الحجاج، ذلك الفنان الذي لاتتناسب هيئتة مع طيبة قلبه ، وإنسانيته، والتى كانت سببا فى حب الأطفال له، وتجمهرهم حوله.
راحة شديدة تشعر بها بمجرد اللقاء، تخلق لديك شغفا لأن تتعرف عليه كإنسان مكافح، قبل أن تسأله عن الفن وحكاياته.
مثل المحترفين
بنى مزار هى بلدته التى لم يبرحها يوما، برغم اشتغاله بالفن، وامتلاكه لشقة بالمريوطية، إلا أن راحته لايجدها إلا هناك، تماما كما لايجد راحته إلا فى عمله داخل ورشته، والتى يعتبرها مهنته الأساسية حتى الآن، وأمام الورشة يوجد قصر ثقافة بنى مزار، حيث يعرفه كل من هناك، وبحكم ملامحه المختلفة، كانوا دائما يحاولون اقتاعه بالتمثيل، ومشاركتهم عروضهم المسرحية، لكنه كان يأبى، حتى أقنعه أحد المخرجين بالمشاركة فى فوازير القناة السابعة التى لعبت بطولتها الفنانة عنبر فى أواخر التسعينيات، وافق على مضض، لكن ردود الأفعال التى وجدها بعد العرض كانت أكبر محفز له على استكمال المسيرة، وظلت فكرة التمثيل تراوده حتى جاء إلى ورشته ابن عم الفنان هانى رمزى، والذى ترجع أصوله إلى بنى مزار بالمنيا أيضا، وعرض عليه أن يصطحبه إلى هانى، ويعرفه عليه، ومن هذا اللقاء كانت انطلاقة حسين الحقيقية، حيث اعجب به، ودعاه إلى زيارة القاهرة، وتحديدا إلى المركز الثقافى الروسى، حيث يتم تصوير مشاهد الفيلم، وعرفه يومها على الأبطال وعلى المنتج محمد العدل، والمخرج سعيد حامد، فكان مشهد لؤى الذى تم تصويره فى شارع عبد العزيز، وعنه بقول (قد أديته مثل المحترفين بشهادة نجوم الفيلم، وكتبت من خلاله شهادة ميلادى الفنى، حيث توالت بعدها الأعمال الفنية، ظلت فى ذاكرة الجمهور، ولاسيما دور ميخا فى فيلم الناظر، وأشرف فى الكبير قوى بأجزائه الخمسة، والذى شعرت مع أبطاله بنوع من الألفة جعلتنا كأسرة واحدة).
ذكريات حسين مع أحمد مكى بالتحديد كثيرة جدا، خاصة أنه كان يعامله كأخ، ويعطيه قدرا من المرونة فى جمله الحوارية، فكثيرا ما كانا يتناقشان حول الطريقة المثلى لالقاء الإيفية، حيث يسمح له مكى بوضع اضافات على المشهد، وهى المرة الأولى التى يسمح له بذلك.
حبيب غادة عادل
هل تتخيل ان حسين أبو الحجاج فى دور رومانسى؟! هو نفسه لم يتخيل ذلك، وهو مادفعه لرفض دور زوج الطبيبة العاشق التى أدت دورها غادة عادل فى فيلم 55 اسعاف، وقد كان سبب رفضه للدور، وهو عدم قدرته على الظهور أمام أهل منطقته وهو يقول ذلك الكلام الرومانسى، خاصة وهو معروف بينهم بلقب (الحاج) لكنه لايخفى الآن ندمه على ضياع الدور منه، ويبدى استعداده على قبول أى أدوار رومانسية فى المستقبل.
وهبه الله أربعة من الأبناء، ذكر لى اسم الذكور منهم (هشام ومحمود) وكعادة الصعايدة أخفى اسم الفتاتين اللتان يشتاق لهما كثيرا، حيث يصاحبان زوجيهما فى عملهما بالخارج، لكنه تحدث عن الجميع بفخر، وقال أنه سعى لأن يعلمهم تعليما جيدا، وفى مدارس خاصة رغم ضيق الحال، فالتمثيل بالنسبة له غير مربح تماما، وتربية الأولاد تمت بفضل الورشة التى لايزال يعمل فيها بيده حتى الآن، وقت الزحام، أو انشغال الصنايعية، وهو مايعتبره الزبائن تواضع منه، فتعليقاتهم معظمها تطالبه بأن يريح نفسه من مجهود ظل مستمرا عليه لسنوات، بينما يرفض قسم كبير من هؤلاء الزبائن أن يجعلوه يصلح لهم إطارات سياراتهم، مفضلين انتظار أحد الصنايعية الصغار، حتى لايجهدوه، وفى النهاية يعشق حسين نظرة الحب التى يراها فى عيون زبائن الورشة، والتى تجعله يتمسك بالعمل بها حتى النهاية.
دور مقابل وجبة
الحب شعر به أيضا بعدما سرت إشاعة وفاته، حيث فوجئ ببكاء بناته فى الهاتف، ولهفتهم عليه، ثم بدأت بعدها اتصالات الأحباب والأقارب، عرف بعدها أن هناك من أشاع خبر عن وفاته على مواقع التواصل الإجتماعى، الطريف أن أحد الأصدقاء الذى ضاق بتكرار سؤال الناس عن صحة حسين قام بوضع نمرة هاتفه على صفات الفيس بوك وكتب بجوارها (هذه نمرة حبيبكم حسين أبو حجاج اطمنوا عليه بنفسكم) فانهالت الاتصالات من كل بلدان العالم وهو ما أدخل السرور على قلبه.
الوسط الفنى غير آمن، الجميع يردد ذلك، لكن حسين يؤكد على جرح أعمق بكثير من فكرة استمرارية الأدوار وعدم وجود ضمانة عليها، حيث يقول، ينظر إلينا أبناء الوسط الفنى على أننا دخلاء على المهنة، ولا مانع لديهم أن (يطلعوا روحنا) من أجل حفنة جنيهات لا تكفى، حيث يتم مقابلة مطالبنا بالزيادة برفض شديد، وكأنه ليس حق من حقوقنا ونحن نرى غيرنا يحصد الملايين، فلا أخفيكى سرا بأن البعض منا ممن لايوجد لديهم مصدر دخل آخر يقبلون بتمثيل دور فى مسلسل أو فيلم مقابل وجبة، فهل هذا عدل!!
حسين أبو الحجاج يتحدث عن معاناة الكومبارس في الفن



