«بني سويف العام» صرح طبي عالمي
بني سويف - مصطفي عرفة
مستشفى بني سويف العام كان يومًا يمثل عبئًا نفسيًا على مرتاديه من المرضى، نتيجة سوء حالته فلا أجهزة طبية، والقمامة تتراكم في كل جنباته حتى حل عام 2014 وانتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيسًا للجمهورية، وبدأ تطوير المستشفى بتكلفة 700 مليون جنيه، وبانتهاء أعمال التطوير فى المرحلتين الأولى والثانية بتكلفة 185مليون جنيه افتتحهما الرئيس عبدالفتاح السيسى، فأصبح المستشفى من أفضل المستشفيات الحكومية على مستوى الجمهورية.
«أهالى بني سويف» يروون كيف تحولت الخدمة الصحية بالمستشفى العام من سيئة إلى أرقى وأجود خدمة طبية لم يكونوا يحلمون بها يومًا حسب تعبيرهم.
السيدة «منيرة» والدة الطفل «مازن أحمد قرنى» 5 سنوات الذي صدمته سيارة مسرعة أثناء لعبه فى الشارع فدخل عليها الأهالى يحملون الطفل غارقًا فى دمائه، وفاقدا النطق تمامًا فأسرعوا به إلى الوحدة الصحية فطلب الطبيب إجراء أشعة مقطعية على الفور، والتى أثبتت إصابة الطفل بـ«بنزيف حاد فى المخ وكسر مضاعف بعظام الجمجمة، وتهتك بالأم الجافية للمخ وكدمة مدممة بالمخ، «وبعرضه على أحد أطباء المخ والأعصاب ببنى سويف أقر بوجوب إجراء جراحة دقيقة فى المخ فورًا تتكلف 35 ألف جنيه داخل أحد المستشفيات الخاصة.
ولم يكن لدى والدة مازن فى ذلك اليوم سوى 300 جنيه استلفتها من جارتها، وشعرت بأن الدنيا دارت بها فابنها يموت بين يديها وأمام عينيها وقتها تمنيت الموت قبله، وبسرعة جمع أهل الخير 1400 جنيه هيهات توفير المبلغ الذى طلبه المستشفى الخاص، فتوجهوا للمستشفى العام، وهناك أبلغها الدكتور هانى همام مدير المستشفى بأن نجلها سيجرى العملية الجراحية الدقيقة بدون مقابل لم تصدق ما سمعته حتى تم إعداد ابنها للعملية فى سرعة، وتم استدعاء فريق طبى برئاسة الدكتور أحمد على محمد خليل أستاذ جراحة المخ والأعصاب بكلية الطب جامعة بنى سويف.
وعلى مدار 4 ساعات أجريت الجراحة لمازن، والتى قضتها وكأنها دهرًا عندما دخلت غرفة الإفاقة الملحقة بالعناية المركزة وجدت نجلها يتوجع قائلا: «آه» وقتها أحست أن روحها ردت إليها.
وظل مازن 5 أيام فى العناية المركزة، ثم خرج منها تحت الملاحظة الطبية، حيث تصطحبه للمتابعة أسبوعيًا، وكل مرة يطمئنها الدكاترة بأن حالته تتحسن ويتعافى، ومن فرحتها بنجاة ابنها عرضت الأم التبرع بـ1400 جنيه، التى جمعها أهل الخير للمساعدة فى إجراء العملية، ولكن الدكتور هانى همام مدير المستشفى أكد لها أن الخدمة الطبية بالمستشفى مجانًا.
«رياض محمود سلامة»، مواطن من أهالى بنى سويف تعرض لحادث سير نتج عنه كسور فى عظام الوجه، وفقد جزءًا من العظام، وعقب الحادث توجه لأحد المستشفيات الخاصة، وطلب منه 16 ألف جنيه نظير إجراء العملية فلجأ للمستشفى العام، الذى تمكن أطباؤه من تثبيت الكسور بواسطة المسامير والشرائح الدقيقة، وعمل رقعة من عظام الأنف بواسطة فريق من الأطباء قاده الدكتور محمود عبدالرحمن استشارى جراحة التجميل.
هذا النوع من عمليات كسور الوجه والفكين السفلى والعلوى وكسورالجمجمة والأنف لم تكن موجودة بالمستشفى ولكن تم توفيرها بعد تطويره مجانا لصالح غير القادرين من أبناء بنى سويف.
أما المواطن محمد على رمضان فلقى معاناة كبيرة فى إيجاد حضانة لطفله الرضيع « أحمد « الذى هاجمته الصفراء بعد 5 أيام من ولادته، إضافة إلى صعوبة فى التنفس، وكانت أم الطفل ترقد مريضة، جراء عملية ولادة قيصيرية فاضطر للذهاب إلى جميع حضانات مستشفيات بنى سويف العام والمركزية، ولم يسمع إلا جملة واحدة «لا توجد حضانـات»، ما اضطره للجوء لأحد المستشفيات الخاصة مقابل 300 جنيه فى الليلة ولو احتاج الطفل وضعه على جهاز تنفس صناعى فى الليلة الواحدة، كان يدفع 500 جنيه، ولم يجد أمامه شيئًا يوفر منه المبلغ المطلوب يوميا سوى بيع «ثلاجته»، ليوفر المال اللازم لعلاج ابنه، الذى مكث 3 أيام كلفته 2000 جنيه.
ولما تم تطوير المستشفى العام ببنى سويف، وتم افتتاحه أصبح فى مقدرته أن يذهب به إلى المستشفى فى أى وقت ويجد بدلا من الحضانة اثنين، ومنذ أسبوع نقله إلى حضانة قسم الأطفال ومكث فيها 5 أيام بالمجان وخرج فى صحة جيدة.
بينما حكاية عم أحمد محمود «60 عاما» مع مراكز الأشعة الخاصة تعبر عن مدى أهمية تطوير المستشفى العام وتوفير الأجهزة الطبية المطلوبة داخله.
وكان عم أحمد قد سقط من إحدى سيارات السرفيس أثناء نزوله منها، ولم يرفق السائق بسنه المتقدم فلم يوقف السيارة بشكل كامل فوقع على الأرض، وجاءت قدمه أسفله، ما أدى لإصابته بقطع فى الرباط الصليبى.
وطلب منه الطبيب المعالج ضرورة إجراء أشعة مقطعية على الركبة، فوجد جهاز الأشعة فى المستشفى العام معطلا، ومطلوب تكهينه، ومن المؤسف أن عم أحمد ليس لديه تأمين صحى لإجراء الأشعة على نفقته ومستشفى الجامعة به قائمة انتظار 3 شهور، ولا يوجد سوى مركزى أشعة خاص يمتلكهما القيادى الإخوانى الدكتور نهاد القاسم الهارب فى تركيا، والقيادى السلفى الدكتور مجدى عبد السلام، الأول طلب منه 450 جنيهًا، والثانى أكثر رأفة، طلب 430 رغم أنه مظهره أمامها يؤكد أنه رجل فقير، ولا يستطيع دفع المبلغ فاضطر للانتظار حتى تم افتتاح تطوير المستشفى العام، وعرف أنه تم استقدام جهاز أشعة مقطعية جديد، وهناك طلبوا منه 150 جنيهًا رسومًا، وعندما وجدوه رجلا فقير على باب الله، وليس له مصدر رزق ولا يتقاضى أى معاش، تم إعفاؤه من الرسوم وتحدد له يوم لإجراء عملية الرباط بالمجان، ودله أهل الخير أن يتقدم بطلب لمديرية التضامن الاجتماعى للحصول على معاش تكافل وكرامة.
الحاجة «سعاد جمعة» شقيقة المريضة « فاطمة « 47 سنة كانت قد أصيبت بنوبة سعال شديد وضيق فى التنفس، ودخلت فى غيبوبة تامة على أثرها نقلها أهلها إلى أحد الأطباء فأجرى لها عملية تنفس صناعى، وقرر تحويلها للعناية المركزة فورًا بعد أن اكتشف ارتفاعًا شديدًا فى ضغط الدم، وأصابتها بالتهاب رئوى وقضى أهلها ليلة كاملة يبحثون عن غرفة عناية مركزة، ولم يجدوا سوى في أحد المستشفيات الخاصة الذى طلب إيداع مبلغ 3 آلاف جنيه، تحت الحساب، وعندما ذهبوا إلى المستشفى العام لم يجدوا سرير عناية فى قسم القلب، وتدخل أحد الأطباء، وحجزها فى قسم عناية الباطنة، رغم أنها غير مجهزة لمرضى القلب، وظل بجوارها طوال الليل بالأدوية وقياس الضغط والمحاليل حتى خلا سرير فى عناية القلب، وتم نقلها لاستكمال علاجها وحدثت المعجزة لتتحسن حالتها بعد 4 أيام فى العناية المركزة، وبدأت تأكل وتشرب وتتكلم فلولا الأسرة الجديدة، التى تم توفيرها بعد تطوير المستشفى العام، ربما كانت قد فارقت الحياة.



