الجمعة 19 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

سلمان الفارسي.. الباحث عن الحقيقة

سلمان الفارسي.. الباحث
سلمان الفارسي.. الباحث عن الحقيقة
كتب - شيماء الحصري

سلمان الفارسي صحابي ومولى للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأحد رواة الحديث النبوي، وهو أول الفرس إسلاما؛ أصله من بلاد فارس، ترك أهله وبلده سعيًا وراء معرفة الدين الحق؛ فانتقل بين البلدان ليصحب الرجال الصالحين من القساوسة، إلى أن وصف له أحدهم ظهور نبي في بلاد العرب، ووصف له علامات ليتحقق منه. اتفق سلمان مع قوم من بني كلب لينقلوه إلى بلاد العرب، فغدروا به وباعوه إلى يهودي من وادي القرى، ثم اشتراه يهودي آخر من يثرب من بني قريظة، ورحل به إلى بلده.

وعند هجرة النبي محمد إلى يثرب، سمع به سلمان، فسارع ليتحقق من العلامات، فأيقن أنه النبي الذي يبحث عنه. فأسلم، وأعانه النبي محمد وأصحابه على مُكاتبة مالكه، حتى أُعتق. وانضم سلمان الفارسي للغزوات المختلفة التي شّنها الرسول ولعل أهم هذه الغزوات غزوة الخندق.

التخطيطُ العسكريُ الدقيقُ الذي تمثل بحفر الخندق وتحصينِ المدينة والحيلولةِ دون اجتياحها

كانت حربًا احتشدت فيها كلُ الجماعاتِ السياسية والقبائلِ والفئاتِ والأحزابِ المعادية للقضاء على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى رسالته.

وكان اليهودُ هم الذين خططوا لهذه الحرب, وحرّضوا عليها, وأقنعوا المشركين بها, وعقدوا التحالفات من أجلها، وكوّنُوا أكبرَ تجمعٍ عسكريٍ تشهدُهُ المنطقةُ آنذاك لمهاجمة المدينة والقضاء على الإسلام.

المشركون واليهود يتحضّرون للمعركة

ويذكر المؤرخون أن عدد أفراد جيوش المشركين التي زحفت باتجاه المدينة في غزوة الأحزاب كان أكثر من عشرةِ آلافِ مقاتل, في حين أن عدد المسلمين لم يكن يتجاوزُ الثلاثةَ آلافِ رجل.

والمشهورُ بين المؤرخين أن الذي اقترح حفر الخندق حول المدينة هو سلمانُ الفارسي باعتبار أن مسألة حفر الخندق كانت أسلوبًا دفاعيًا معروفًا ومعتادًا في بلاد فارس آنذاك ولم يكن هذا الأسلوبُ معروفًا عند العرب إلى ذلك اليوم بل كان يعد ظاهرةً جديدة، ويعتبر تفكيره هذا نقل للحضارة الفارسية من أمة إلى أمة وعمل بها النبيُ صلى الله عليه وسلم والمسلمون. هذا هو المعروف بين المؤرخين ولكن بعض المحققين يرى أن النبي صلى الله عليه وسلم هو صاحبُ فكرةِ حفر الخندق وليس سلمانَ الفارسي. وأن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي بادر إلى طرح هذه الفكرة أمام المسلمين ولكن عندما اختلف المسلمون في ذلك تكلم سلمانُ بطريقة بيّن لهم فيها وجه الحكمة في اعتماد هذا التدبير العسكري وهذا الإجراء الدفاعي المتقن باعتبار أن سلمان هو من بلاد فارس وهذا الإجراء كان إجراء معروفًا في بلاده, ولذلك سميت هذه الحرب أيضا بغزوة الخندق نسبةً إلى هذا الخندق الكبير الذي حفره المسلمون حول المدينة. وعندما وصلت جيوش الكفار إلى حدود المدينة تفاجأوا بوجود الخندق فنزلوا عند حافته من جانبٍ, بينما تمركز المسلمون في الجانب الآخر من جهة المدينة وهم مشرفون على الخندق بحيث كانوا يستطيعون من خلال الرُماةِ السيطرةَ الكاملةَ على كل تحركات العدو ومنعَهُ من اجتياز الخندق. ويذكر ان جيش الكفار استطاع محاصرة المسلمين في المدينة من جميع الجهات وبقي هذا الحصار عشرين يومًا وقيل خمسة وعشرون يومًا وحسب بعض الروايات بقي شهرًا كاملًا.

ومع أن العدو كان متفوقًا على المسلمين من جهات مختلفة من حيث العددُ والعتادُ والخبرةُ القتالية وغيرُ ذلك إلا أن المسلمين استطاعوا بتأييد من الله عز وجل الانتصار في هذه المعركة وإلحاقَ الهزيمة بكل هذه الحشود وإجبارَهَا على التقهقر والعودةِ من حيث أتت من دون أن تحقق شيئًا من أهدافها.

 

تم نسخ الرابط