الأحد 21 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

كيف انتصر الملك سلمان للسعوديات في قيادة السيارات؟

كيف انتصر الملك سلمان
كيف انتصر الملك سلمان للسعوديات في قيادة السيارات؟
كتب - عبد الحليم حفينة

حتى أمس الأحد الموافق ٢٤ يونيو ٢٠١٨ كانت السعودية هي الدولة الوحيدة في العالم التي تمنع المرأة من قيادة السيارات، إلى أن جاء قرار تمكين المرأة من القيادة العام الماضي، ضمن حزمة من القرارات الإصلاحية، التي تبنتها المملكة برعاية من ولي العهد محمد بن سلمان.

وفي الوقت الذي تحمل فيه كثير من النساء السعوديات رخص قيادة دولية، سمحت الدولة لهن بالتقدم للحصول على رخصة قيادة محلية، في حين اشترطت الحكومة سن الثمانية عشر عامًا لاستخراج رخصة القيادة، وفي وقتٍ سابق افتتحت العديد من مدارس تعليم القيادة للسيدات استعدادًا لسريان القرار رفع الحظر الذي تم تفعيله بالأمس.

 

نضال طويل

 

لوقت طويل اعتبر منع المرأة السعودية من القيادة، قضية رأي عام، لم تخل من نضال دفع ثمنه الكثير من السعوديات وأزواجهن، ودشن الناشطات السعوديات العديد من الحملات التي انطلقت في بداية تسعينيات القرن الماضي حتى تم إصدار قرار رفع الحظر في سبتمبر من العام الماضي، وفي هذا التقرير نستعرض الحملات التي دشنها نشاطات سعوديات من أجل رفع حظر القيادة عليهن.

 

حملة 1990

 

في الرابعة من عصر الثلاثاء ٦ نوفمبر عام ١٩٩٠ وبينما كانت حرب الخليج الثانية في أوجها، تحركت سبعة عشر سيارة بقيادة نسائية من أمام موقف السيارات التابع لمجمع التميمي بالرياض، وبلغ عدد النساء بالسيارات ٤٧ امرأة تعرضن لمضايقات من الشباب السعودي، إلى أن أوقفتهن الشرطة وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وألقي القبض عليهن في نهاية الأمر.

قاد حملة ١٩٩٠ المناهضة لمنع المرأة من القيادة مجموعة من السيدات بين التاسعة عشرة والخامسة والخمسين تتوزع أعمالهن ما بين أكاديميات في جامعة الملك سعود وطالبات في الجامعة (٤ طالبات) ومعلمات وإداريات في المدارس وربات منازل باستثناء واحدة أو اثنتين كانتا من سيدات الأعمال.

كانت هناك دوافع اجتماعية وسياسية للقيام بالحملة، فبعد غزو الكويت خرجت النساء الكويتيات نحو الحدود السعودية يقودن سيارتهن، وسمحت لهم السلطات السعودية بالعبور، الأمر الذي أثار حفيظة النساء السعوديات إضافة إلى رؤيتهن للمجندات الأمريكيات يقودن سيارتهم أيضا الأمر الذي دفع السعوديات لتدشين الحملة التي انتهت باعتقالهن وفصلهن من العمل، واستدعاء أزواجهن أو آبائهن للتحقيق بتهمة "عجزهم عن السيطرة على نسائهم".

 

حملة 2011 وربيع التمرد النسائي

 

 

في أعقاب الربيع العربي والتحولات الاجتماعية التي صاحبت الثورات التي نشبت بالمنطقة العربية، حدد يوم ١٧ يونيو ٢٠١١ موعدًا لانطلاق حملة "سأقود سيارتي بنفسي"؛ شاركت في إطلاق الحملة الناشطة منال الشريف التي صورتها الناشطة وجيهة الحويدر، وهي تقود سيارتها في مدينة الخبر ونشر المقطع على يوتيوب الذي حصد نحو ٦٠٠ ألف مشاهدة، وتم توقيف الشريف في وقت لاحق من قبل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ووُجهت لها تهمة "الإخلال بالنظام"، وتم الإفراج عنها بكفالة بعد فترة وجيزة.

في ٢٦ مايو، كررت وزارة الداخلية تحذيرها للنساء من القيادة، بينما صرح نائب وزير الداخلية الأمير أحمد بن عبد العزيز آل سعود بأن المنع بالنسبة للوزارة لا يزال ساريًا، وفي يوم ١٠ يونيو، ألقت شرطة المرور القبض على أربع نساء كن يتعلمن القيادة في شارع فرعي في الرياض، وأطلق سراحهن بعد تعهد بعدم التكرار.

أصابت عدوى القيادة والتمرد النساء، ففي ١٧ يونيو، ذكرت وسائل الإعلام المحلية أن عشرات النساء يقودن السيارات، الأمر الذي دفع بانتشار سيارات المرور في شوارع المدن الرئيسية، وتأكد إيقاف امرأة واحدة على الأقل في الرياض وغُرّمت لعدم حيازتها رخصة رغم حملها رخصة دولية وأخرى أمريكية.

وفي ٢٨ يونيو ألقت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر القبض على ٥ نساء وهن يقودن في جدة، وفي ٢٤ أغسطس أوقف المرور امرأة، وهي تقود لكن أطلق سراحها بعد ساعات دون تعهد.

 

"2013و"2014".. إرهاصات تقود لانتزاع حق القيادة

قرر نشطاء أن يدشنوا حملة جديدة لمناهضة قرار منع قيادة النساء من جديد، وتقرر إطلاق الحملة يوم ٢٦ أكتوبر ٢٠١٣، ما دفع السلطات السعودية إلى اتخاذ تدابير كان من شأنها إفشال الحملة قبل أن تبدأ.

أما في ٣٠ نوفمبر ٢٠١٤ في قامت الناشطة لجين الهذلول باستغلال اتفاقية دول مجلس التعاون الخليجي بسريان رخص القيادة في جميع دول المجلس؛ حيث قامت باستخراج رخصة قيادة من دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي سارية المفعول في المملكة العربية السعودية بموجب الاتفاقية.

بعد قيادة الهذلول لسيارتها الخاصة من الإمارات إلى السعودية تم إيقافها عبر الجمارك السعودية عند المنفذ الحدودي، وظلت محتجزة لأربعٍ وعشرين ساعة في المنفذ الحدودي؛ حيث رفضوا السماح بدخولها وهي تقود سيارتها، وبدافع التضامن حضرت المذيعة السعودية ميساء العمودي إلى مكان إيقاف لجين في المنفذ الحدودي، وحضرت قوات الأمن إلى الموقع وتم اعتقال الفتاتين في ظل تكتم إعلامي محلي ودون وجود تفاصيل حول التهم الموجهة إليهما أو عن مكان اعتقالهما.

وفي شهر أكتوبر من ذات العام وقبل حادثة الهذلول والعمودي، قادت عشرات من النساء السعوديات سيارتهن والتقطن صور عبر الهواتف أثناء القيادة، في إطار حملة على شبكات التواصل الاجتماعي للمطالبة بحق نساء المملكة في قيادة السيارة.

وعلى الرغم من المعارضة الواسعة لرجال دين سعوديين لقيادة المرأة السيارة، جاء قرار رفع الحظر ليتوج نضال السعوديات الذي امتد لنحو ثلاثة عقود.

 

 

تم نسخ الرابط