
القصة الكاملة لقضية "جنة وأماني" ضحيتي جبروت "الجدة".. 11 شهرًا من التعذيب بسبب "التبول والأكل"

الدقهلية - مي الكناني
"جنة وأماني"، شقيقتان عاشتا مأساة إنسانية، بعد تعرضهما لأبشع أنواع الأذى على يد جدتهما لأمهما، جحود قلب دفع الجدة لإقامة حفل تعذيب للصغيرتين، دون أن تشفع لهما صرخاتهما البريئة، بل زادتها وحشية، تحملت الطفلتان التعذيب بالحرق في مختلف مناطق جسدهما النحيل، الذي ظل يقاوم حتى هزم وجع النيران إحداهما، وسقطت "جنة" ضحية للعنف الأسري، لتكشف معها جريمة بشعة هزت جميع محافظات مصر، وتعذيب استمر طوال 11 شهرًا منذ انضمامهما لحضانة الجدة.
بداية القضية، كانت بإشارة تلقاها اللواء فاضل عمار، مدير أمن الدقهلية، من مستشفى شربين المركزي، بوصول جنة محمد 4 سنوات، مقيمة بقرية بساط كريم الدين التابعة للمركز، في حالة متدهورة ومصابة بحروق في منطقة الحوض وأعضائها التناسلية، وكدمات وتورم شديد في أنحاء جسدها، وتم تحويلها لمستشفى المنصورة الدولي، واتهم جدها لوالدها جدتها لوالدتها بتعذيب حفيدته عمدًا.
وبتوقيع الكشف الطبي عليها، تبين إصابتها بغرغرينا في الأعضاء التناسلية الخارجية، وجلطة بالطرف السفلي الأيسر، وسحجات واعتداء بالظهر والبطن وحروق، ما استدعى التدخل وبتر الساق، لكن سرعان ما تدهورت حالتها ولفظت أنفاسها الأخيرة متأثرة بإصابتها بحروق نارية بالجسم، أدت إلى حدوث تسمم بالدم، وهبوط حاد بالدورة الدموية والتنفسية.
أماني سمير، عمة الطفلتين، تقول إن جدة الأم حصلت على حكم قضائي، بضم الصغيرتين لحضانتها، وتسلمتهما في 10 أكتوبر الماضي، ومن بعدها حرمت شقيقها وأسرتها من رؤيتهما أو الاطمئنان عليهما، قائلة "ملكوش عيال هنا".
التحريات أثبتت أن والدي الطفلة كفيفان وانفصلا منذ ٤ سنوات، وانتقلت وشقيقتها الكبرى للعيش مع والدة الأم بحكم قضائي، وحسب العمة، فإن الأب ولد كفيفًا، أما طليقته فكانت مصابة بفقدان تام للبصر في إحدى العينين، وضعف في الأخرى، وتزوجت وهي ترى، وبعد فترة أجرت جراحة لكنها فشلت، وتسببت في إصابتها بالعمى.
وتوضح العمة، أن رغبة الأم في إجراء العملية كانت السبب في نشوب الخلافات مع زوجها، وتركت منزلها وابنتيها حتى وقع الطلاق، وحصلت على كل حقوقها المادية، ورفعت دعوى ضم لحضانة والدتها نظرًا لحالتها، وتسلمتهما في محضر رسمي، وانقطعت أخبارهما حتى فوجئوا باتصال من مركز الشرطة يخبرهم بنقل "جنة" للمستشفى.
شائعات كثيرة تداولها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، منها ترك الأم طفلتيها من أجل الزواج، الأمر الذي نفاه أبو الفتوح حلمي، أحد أقارب الأب، وأكد أن الأم لم تتزوج، وكانت شاهدة على تعذيب نجلتيها، حيث تعيش معهما في منزل والدتها، وتركتهما لها تفعل بهما ما تريد.
وفاة "جنة"، كانت سببًا في كشف تعذيب شقيقتها الكبرى "أماني" 6 سنوات، ببشاعة مماثلة، حيث فوجئت أسرة الأب بوجود حروق بجسدها بعد استلامها عقب الحادث، وبتوقيع الكشف الطبي عليها بمعرفة أطباء مستشفى شربين، تبين وجود آثار حرق في العضو التناسلي، وسلامة غشاء البكارة.
وحسب حلمي، فإن الطفلة روت لهما ماحدث لها وشقيقتها من جدتهما، وأنها شوهت أعضاءهما التناسلية بسبب تبولهما لا إراديًا، وتعدت عليهما بالضرب والقرص بـ"البنسة" والحرق بسبب فتحهما الثلاجة وكثرة تناولهما الطعام.
كما روت لهما سبب إصابة "جنة" بغرغينا في قدمها وبترها قائلة "لما رجلها اتكسرت كانت بتقولها تقف عليها ولما تسند على الحيطة تضربها وتوقفها تاني".
ويؤكد حلمي، أن الأم لم تزر نجلتها "جنة" داخل المستشفى، وفضلت الجلوس بجوار والدتها في النيابة والدفاع عنها على حساب الطفلة، دون أي مراعاة لمشاعر الأمومة.
اكتشاف واقعة تعذيب الطفلة الثانية، دفع الأب لتقديم بلاغ يتهم طليقته ووالدتها ووالدها وأشقاءها الثلاثة بتعذيب نجلتيه، وتم عرضهم على النيابة العامة التي قررت إخلاء سبيلهم، واستمرار حبس الجدة.
وفي صباح أمس الأحد، قررت النيابة العامة إيداع "أماني" دار الدفاع الاجتماعي بالمنصورة، القرار الذي أصاب أسرة والدها بالصدمة، حيث ناشدت أم هاشم محمد الحسيني، جدتها للأب، المسؤولين بالتدخل وضم الطفلة لحضانتها، مؤكدة أنها أولى برعاية الصغيرة من أي شخص آخر، خاصة وأن والدها لايزال على قيد الحياة، وأسرتها تستطيع الإنفاق عليها وعلاجها وإعادة تأهيلها نفسيًا، قائلة: "بترجاكم مش هودي واحدة التربة والتانية ملقهاش جمبي، خدوا عليا التعهدات، لو هبيع هدومي وأصرف عليها وأربيها ومتفارقنيش".
لكن سرعان ما تم العدول على القرار، بعدما تكفل الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، بعلاج الطفلة طبيًا ونفسيًا وتعليمها وتحمل نفقاتها كافة، وسيتم نقلها ومعها والدها وجدتها إلى دار أهل مصر الطبية بمنطقة الجيزة للعلاج.
ومع الساعات الأولى من صباح اليوم الاثنين، أصدر المستشار حمادة الصاوي، النائب العام، قرارًا بإحالة الجدة صفاء ع. ع. للمحاكمة العاجلة أمام محكمة الجنايات، بتهمة ضرب وتعذيب حفيدتيها جنة محمد 5 سنوات، وأماني محمد 6 سنوات.
ونفى النائب العام تعرض الطفلتين للاغتصاب، وأكد أن التقارير الطب الشرعي أثبتت خلو جسد الطفلتين مما يشير تعرضهما لأي اعتداء جنسي، لتحاكم الجدة بتهمة ضرب وتعذيب الطفلتين وإحداث إصابات بهما أدت إلى وفاة "جنة".