إسراء النجمي تكتب: النجاح الحقيقي لا يعرف الموت .. منيب نموذجًا
وردة تمتد جذورها لـ 56 عامًا.. هكذا جاءت إلينا مريم عامر منيب بصدق مشاعرها، لـ تُحيي فينا نجاح والدها الراحل عامر منيب، مؤكدة لنا ان نجاح الشخص عندما يكون حقيقيا وخاصا لا يتوقف عند موته، بل إنه من الممكن استمرار نجاحاته رغم وفاته!!.
وكان ذلك من خلال الحالة المؤثرة من شدة الصدق التي أخذتنا مريم لنعيش فيها بكل جوارحنا لـمدة ثلاث دقائق في "الدويتو الغنائي" الذي يجمعها بـوالدها الراحل تحت عنوان "عامل إيه في حياتك"، هذه الأغنية التي أصدرها والدها ضمن آخر ألبوم له بعنوان "حظي من السما" منذ 11 عاما تقريبًا، واختارتها مريم في ذكرى رحيله الثامنة لتشاركه غناءها، بعد أن استبدلت مقاطع بها بكلمات جديدة بتوقيع الشاعر تامر حسين، حتى تظهر أمامنا هي ووالدها وكأنهما يتحدثان ويتبادلان السلامات وكل منهما يُطمئن الآخر عليه من عالمه الخاص في لوحة خيالية جديدة من نوعها رغم بساطتها، ولأول مرة أشعر بمعنى المثل المصري "اللي خلف مامتش"، ولكن أيضا "الناجح مامتش.. الصادق مامتش.. والسيرة الطيبة لا تعرف موتا".
أرى أن النجاح والانتشار الكبير لهذا "الدويتو" فور طرحه على مواقع السوشيال ميديا، هو نجاح جديد يُضاف لقائمة نجاحات الراحل عامر منيب، وبدوره هو نجاح أيضا لـمريم في إحياء ذكرى والدها بهذا الشكل الصادق والراقي، وخلال متابعتي لحركة انتشار الكليب المصور لهذه الأغنية، لا حظت أن في كل مرة يقوم شخص بتحميل ذلك الكليب واعادة رفعه على حسابه الشخصي بمواقع التواصل الاجتماعي يُحقق نسبة مشاهدة عالية، على الرغم أنها ليست المرة الأولى التي يتم نشره فيها، وفي كل مرة اشاهده في صفحة أو حساب خاص آخر لا أقوى على عدم مشاهدته مرة أخرى.
دعم الجمهور لـمريم الواضح في انتشار "الدويتو"، سببه الأول الصدق الشديد الذي يتحلى به العمل، صدق من نوع خاص.. لا تعرف وأنت تُشاهد وتستمع لمريم وأبيها تبكي أو تبتسم، تحزن حد الدموع عندما يتغني عامر بـنظرةٍ يملؤها الاشتياق والقلق وكأنه ينظر لابنته متسائلًا: "عامل إية في حياتك ياحبيبي طمنّي عليك.. أنا ذكرياتك حب عمرك اللي مش ناسيك"، أم أنك تطمئن عندما ترد مريم على أبيها بـابتسامة مُطمئنة متغنية: "اطمن ياحبيبي عليا والله بخير".. لترجع الغصّة مرة أخرى في قولها: "أنا شايفاك دايمًا حوليا مش ناقص غير.. حضنك وشوية حنية وحشوني كتير"، ثم يأتي التفاؤل ليمسح دمعك عندما تردد: "أنا صورتك دايمًا قدامي وما فارقتنيش.. ويوماتي معايا في أحلامي ومابتسيبنيش.. على وعدي معاك أرفع اسمك وفي قلبي تعيش"، وتعود مريم لاشتياقها القاتل لابيها وتبث في ارواحنا الشجن متغنية: "واحشاني أيامنا وخروجاتنا أجمل أيام.. وواحشني الحضن اللي تاخدني فيه قبل ماأنام"، ناهية غناءها: "وواحشني حبيبي تغني لي وأنا أقول ياسلام".. لنرد عليها ليس وحدك من تشتاقي له يا مريم فكلنا مشتاقون.
وبالفعل قد ظهر ذلك الاشتياق في انتشار العمل بشكل كبير وكأنما ظهر جمهور جديد لـعامر بالإضافة لجمهوره الأصلي، متوجًا نجاحًا جديدًا له بـتوقيع ابنته.
ما أعجبني كثيرًا في الكليب المصور أنك تشعر بـعامر منيب يؤدي تمثيل الحالة بالفعل ويتقنها، بل إنه يعيشها حقيقةً، تشعر في نظراته وابتساماته وحيرته وقلقه أحيانًا في المشاهد التي اختارها المخرج خالد الشوربجي أن عامر يعيشها حقًا في عالمه، لتجد نفسك تبتسم معه حين يبتسم وتدمع عيونك حينما ترى في عينيه قلقا على أحوال ابنته.. ولا تعرف أتدمع عيناك على قلقله أم على حالة الفقد والفراق التي تجسدت أمامك أم أنك تدمع لحبك واشتياقك لفنانك المحبب إليك.
لم تكن مجرد كلمات كتبها تامر حسين، ولحنها عمرو مصطفى، ووزعها أحمد عادل، ولكنها حالة خاصة جدًا، فضّت ازدحامنا وجعلتنا ننصت جميعًا إليها، وعلى الرغم من خصوصيتها طالتنا ولمستنا، وشعرنا أننا طرف فيها.. نعيشها ونشعر بكل تفاصيلها لـنُطلق صراح مشاعرنا لها طواعية.. فـماذا فعلتِ بنا يا مريم؟!.



