عبدالرحمن محروس المصري يكتب: الإسراء والمعراج اتصال الأرض بالسماء جسدا وروحا
محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو بشر مثلنا؛ لكنه جاء إلى الدنيا حاملًا قلبًا عظيمًا مليئًا بالخير والحب للناس اجمع، وبالإيمان الصادق للخالق، فأصبحت له مكانة عظيمة بين البشر، ومنزلة أعظم عند الله عز وجل.
رحلة الإسراء والمعراج هي إحدى المعجزات التي ميز بها الله، سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
وأجمع جمهور العلماء أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أسري به ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عرج به إلى السماء، بجسده وروحه جميعا، ثم عاد من ليلته إلى مكة قبل الصباح، وذلك مصداقًا لقوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.
بدأت أحداث ليلة الإسراء والمعراج، حينما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- نائمًا، فأتاه جبريل عليه السلام، فشق قلبه، وأخرجه وملأه حكمة وإيمانًا، ثم جاءت دابة عظيمة تسمى البراق، لتحمل النبي والملك جبريل -عليهما السلام- في رحلتهما، فانطلقت بهما إلى بيت المقدس، فدخل النبي المسجد الأقصى، فلقي جميع الأنبياء، فأمهم بركعتين، ثم خرج بعد ذلك، فإذا بجبريل -عليه السلام- يخيره بين كأسين، أحدهما الخمر والآخر فيه لبن، فاختار النبي -صلى الله عليه وسلم- اللبن، فأخبره جبريل بأنه قد اختار الفطرة٠
بدأت بعد ذلك رحلة المعراج، فانطلق النبي وجبريل -عليهما السلام- إلى السماء الأولى، فاستفتحا فأذن لهما، فإذا هو النبي آدم عليه السلام، فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم انطلقا إلى السماء الثانية، واستفتحا فأذن لهما، فكان فيها نبيا الله عيسى ويحيى بن زكريا، فسلما عليهما، فردا السلام مرحبين بهما، ثم عرج النبي إلى السماء الثالثة ، وكان في الاستقبال نبي الله يوسف، وفي السماء الرابعة كان نبي الله إدريس، ثم في السماء الخامسة كان نبي الله هارون عليه السلام ، وفي السماء السادسة كان موسى عليه السلام، ثم إذا استأذنا في السماء السابعة، فإذا فيها إبراهيم عليه السلام، وكان مسندا ظهره إلى البيت المعمور، وهو بيت يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، لا يعودون إليه.
بعد اكتمال المعراج في السماوات السبع ، انتقل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى سدرة المنتهى، فبدا شكلها غاية في الحسن والجمال، وهناك أوحى الله -تعالى- لعبده فرض خمسين صلاة في كل يوم وليلة، فنزل النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى موسى، فقال له أن ارجع إلى ربك، فيخفف عنك، فإن أمتك لا تطيق خمسين فرضًا في اليوم والليلة ، فعاد النبي -صلى الله عليه وسلم- يسأل ربه أن يخفف عنه، فوضع الله -تعالى- منها عشرًا، وما زال النبي -صلّى الله عليه وسلم- يطلب منه مزيداً من التخفيف، حتى بلغ عدد الصلوات خمس فرائض في اليوم والليله وقد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم- الجنة وما فيها من النعيم، وفي المقابل رأى أيضا بعض أحوال الناس الذين يعذبون في نار جهنم من فعل أعمالهم السيئة.
كانت هذه الرحلة فتنة لضعيفي الايمان والكفار فزادتهم هذه المعجزة الجديدة من حقدهم وحسدهم، وكان على رأس هؤلاء أبوجهل، الذي حرص على جمع الناس ليسمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكذبوه بشدة ويسخروا منه.
إن الثابت والصحيح أن الرحلة المباركة كانت بالروح والجسد معا، ويؤكد ذلك كما قال العلماء إن الله تعالى قال فى كتابه العزيز: "سبحان الذى أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذى باركنا حوله.. حيث أكدوا أن لفظ "بعبده" يعنى الروح والجسد معًا وأن هذا ليس بغريب على قدرة الله تعالي.
فقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- المشركين وعلى رأسهم أبوجهل بخبر الإسراء والمعراج، فقابلوا ذلك بالتكذيب، وحينما علم الصديق أبو بكر بحادثة الإسراء والمعراج، صدق النبي قبل أن يسمع منه، وقال إن كان النبي يقول ذلك فقد صدق، ثم أتى إلى النبي وطلب منه أن يصف بيت المقدس، وقيل إن المشركين طلبوا منه ذلك، فقام النبي -صلى الله عليه وسلم- يصفه بعد أن جلاه الله تعالى له، كما أخبر قريشًا عن عير لها قادم من الشام يتقدمها جمل أورق، وأعلمهم بوصولها بعد طلوع الشمس، فانتظر المشركون مجيء العير حتى أتت في موعدها الذي تحدث عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عدد من المشركين، إن هذا سحر مبين.
في النهاية إن هذه الرحلة بكل ما بها من عظمة ومهابة وإجلال تجعلنا نؤمن بالله الواحد القهار داعين بأن يرزقنا الصلاة فى الأقصى محررا وأن يبلغنا رمضان.
وإننا فى تلك الأيام العصيبة المريبة، نحتاج فيها للتصالح مع أنفسنا وعائلاتنا وأقاربنا وأصدقائنا وجيراننا وكل من سلم الناس من لسانه ويده، نحتاج للتوبة والمغفرة والتواضع والعقل والتفكير، نحتاج لرحمة الله وتذكره فى السراء والضراء، كما نحتاج لقلب أبيض يؤدى الفروض بنية سليمة حبا فى الله وليس أداء للطاعات.. اللهم أنت ملاذنا وأنت عياذنا وعليك اتكالنا اللهم احفظ مصر من كل سوء ومكروه وفتنة يا كريم يا كريم يا رحيم.. اللهم احفظ امننا ووحدتنا واستقرارنا اللهم اكشف الغمة اطفيء جمرة الفتنة وشرارة الفوضي يارب العالمين.
للهم يا مجلي العظائم من الأمور ويا كاشف صعاب الهموم، ويا مفرج الكرب العظيم ويا من إذا أراد شيئًا فحسبه أن يقول كن فيكون للهم ارفع عنا البلاء والوباء والزلازل والمحن.
اللهم إنا نعوذ بك من البرص والجنون والجذام وسيئ الأقسام .
لواء عبدالرحمن محروس المصري



