

د. حسني الخولي
النفط مقابل إعادة الإعمار
يتهم البعض أمتنا العربية قائلين: "العرب أمة ماضيها أفضل من حاضرها"، ولعل معهم بعض الحق، إذا ما حللنا التبادل التجاري العربي المتواضع. وإذا ما شاهدنا الحدود والسدود والردود التي تعوق حرية انتقال الأشخاص والبضائع و الاستثمارات ورؤوس الأموال يتضح لنا صحة الاتهام.
لكن واقع الحال مؤخراً ينبىء بصحوة عربية، و وعي شعبي وتقارب الى حد ما على مستوى القيادات السياسية، من هذا التقارب التفاهم العربي الأخير بين كل من مصر والعراق والذي ينبئ بنقلة نوعية في علاقات التعاون بين القطاع الخاص ورجال الأعمال في تلك البلدان الشقيقة.
قبل ايام اسفرت الزيارة الأخيرة لرئيس وزراء مصر الى العراق عن إبرام عدد 15 أتفاقية، ومذكرة تفاهم وبروتوكول تعاون تهدف الى تعزيز التعاون المشترك بين البلدين الشقيقين. كما تم الاتفاق على إنشاء آلية النفط مقابل الاعمار. مما سيحقق النمو الاقتصادي للبلدين، وبالتالي زيادة الدخل، ورفع معدلات التوظيف. يذكر ان مصر لم ولن تنسى الموقف العراقي الرائع للعراق الشقيق والذي كان يوفر للمصريين قرابة ال2 مليون فرصة عمل قبل حرب الخليج الثانية، ومن المتوقع عودة العمالة المصرية الى العراق بنسب كبيرة.
عانى الشعب العراقي ويلات الدمار بعد سنوات حرب طويلة مع إيران امتدت الى 9 سنوات. تبعها حرب الخليج الثانية. تلك الحروب نتج عنها تدمير البنية الأساسية للعراق، بالأضافة الى خسائر تقترب من الـ 400 مليار دولار، بالإضافة الى قرابة المليون شهيد، بعد ذلك فرض على العراق عقوبات اقتصادية أدت الى وقف تصدير النفط، مما زاد من معاناة إخواننا في العراق. بعدها صدر عن الأمم المتحدة في عام 1995صيغة النفط مقابل الغذاء، وبموجبه يتم السماح بتصدير النفط بمبالغ طفيفة تكاد تكفي الأحتياجات الأولية، فإذا أضفنا الى ذلك الفساد الأممي في تلك المنظومة لتعرفنا على أسباب توقف منظومة البنية الأساسية في العراق، وبالتالي أصبح العراق في حاجة ماسة الى أعادة الأعمار، وسيكون ذلك (بمشيئة الله) بأيادي مصرية تحت مظلة شركات مصرية، بالتعاون مع الشركات العراقية.
آلية النفط مقابل إعادة الإعمار .. يحقق لمصر زيادة معدلات النمو، و سيساهم في خفض الإنفاق على الواردات من المواد البترولية. وبالتالي خفض الإنفاق في الموازنة العامة. اضافة الى زيادة تحويلات المصريين العاملين في الخارج، والحفاظ على النقد الأجنبي. مما سيتيح الإنفاق على بنود أكثر الحاحاً مثل التعليم والصحة. فإذا أضفنا الى ذلك قيام معامل التكرير المصرية بتكرير الخام العراقي وهذا وحده كفيل ان يجعل من مصر مصدر للطاقة والمنتجات البترولية خاصة بعد الاكتشافات المصرية الأخيرة للغاز. اما بالنسبة الى العراق فهي بحاجة إلى الخبرات المصرية في مجالات البنية التحتية لما تمتلكه مصر من خبرات وقوى عاملة مدربة ومجربة، ويساعد على ذلك وجود القبول وأواصر المحبة بين الشعبين الشقيقين عبر التاريخ.
ويبقى الأمل .. في تكرار تلك الاتفاقيات والبروتوكولات مع دول عربية أخرى، وأيضاً يبقى الأمل في ميلاد بيئة استثمارية متكاملة تضاعف التعاون العربي، وتعزز العلاقات الأقتصادية، وتزيد من المشروعات التنموية العملاقة مثل مشروعات الربط من خلال السكك الحديدية، و الربط الكهربائي العربي. هذا سيوفر المزيد من فرص جذب الاستثمارات وزيادة معدلات النمو.. ليكون خير العرب للعرب. (تحيا مصر، وتحيا أمتنا العربية).
خبير اقتصادي