الإثنين 22 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

أبو الغيط: كورونا كشفت عن إمكانيات التكنولوجيا الرقمية

أحمد أبو الغيط الأمين
أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية

أكد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن جائحة كورونا قد كشفت عن الإمكانيات الهائلة التي تقدمها التكنولوجيا الرقمية في التعامل مع أزمة غير تقليدية بحجم الوباء.

 

جاء ذلك اثناء القاء كلمته في افتتاح أعمال مؤتمر ومعرض تكنولوجيات الاقتصاد الرقمي (سيملس الشرق الأوسط 2020).

 

وقال إن تأثير التحول الرقمي في ملمحين أساسيين:

 

الأول: استخدام تطبيقات التكنولوجيا الرقمية في التعامل مع الأزمة الصحية سواء بتتبع الحالات المصابة، أو اكتشاف البؤر ومتابعتها.. أو في استخدام الطب عن بعد لتخفيف الضغط على المستشفيات.. أو حتى في استخدام الروبوتات في عمليات التطهير العميق كما رأينا في هونج كونج مثلًا.

 

أما الملمح الثاني: فقد كان الأهم.. ويتعلق بتسيير نظم الحياة المختلفة في وقت الجائحة بالاعتماد على التكنولوجيا الرقمية.. لقد أجبرت الجائحة أكثر من 1.6 مليار إنسان على العمل من المنزل.. ولنا أن نتصور حجم الخسائر الاقتصادية- وحتى البشرية- لو أن العالم اضطُر لمواجهة هذا الوضع في غياب تكنولوجيا الاتصال الرقمي.. أي منذ عقدٍ أو عقدين لا غير.

 

وأشار إلى أن التجربة الجديدة في التوسع في استخدام تطبيقات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ستكشف، ككل تجربة جديدة، عن مشكلات ومثالب غير متوقعة.. وربما الكثير منكم قد صادف بالفعل عددًا من هذه المشكلات خلال سلاسل الاجتماعات التي لا تنقطع عبر تطبيق زووم وأخواته.. غير أن هذه الموجة الكاسحة غير المسبوقة من استخدام التطبيقات التكنولوجية في العمل عن بعد لن تختفي بانزياح الوباء.. بل ستخضع لتعديلاتٍ وتحسينات وابتكارات أكثر.. وقد خلقت بالفعل واقعًا جديدًا من المهم مراقبته ومتابعته عن كثب في المرحلة القادمة.

 

مضيفًا: إن التحول نحو رقمنة الاقتصادات سبق جائحة كورونا بطبيعة الحال.. وهو ما يقتضي من العالم العربي تنبهًا خاصًا لهذا الاتجاه المتسارع عالميًا.. فبرغم تجارب ناجحة مشهودة لدول عربية قامت بتحقيق نقلاتٍ نوعية في استخدام تطبيقات التكنولوجيا الرقمية في المجالات المختلفة (ومنها بالتأكيد هذا البلد الرائع الذي يستضيفنا اليوم).. أقول برغم هذه التجارب الناجحة فإن العالم العربي لا يزال يُعاني من فجوة رقمية خطيرة لا بد من العمل على ردمها في أسرع وقت.

 

وأوضح ان الاقتصاد الرقمي يُشكل رافدًا أساسيًا في الاقتصاد العالمي.. وصارت المعلومات والبيانات هي بترول هذا العصر كما يُقال.. إن القيمة المضافة المولِّدة للثروة، ومن ثم للقوة والمكانة، في هذا العصر تنبع من المعرفة والابتكار.. ولا شك أن هذا الاقتصاد الجديد سيترتب عليه إعادة توزيع للقوة والثروة على صعيد عالمي.. لذلك تشهد المرحلة الحالية هذا الصراع الضاري بين الولايات المتحدة والصين- وهما قطبا اقتصاد المعلومات والرقمنة- حول معايير هذا الاقتصاد الجديد وقواعد التعامل فيه.. وهي معايير وقواعد ما زالت قيد التشكل.. ومن ينفرد برسمها سيحقق هيمنة اقتصادية، وبالتالي سياسية وعسكرية، غير محدودة.. ومن الضروري أن يجدَ العربُ موطئ قدمٍ لهم في هذه الترتيبات الجديدة.

 

وأضاف أن التحول الكبير في بنية الاقتصاد العالمي ستكون له تبعات ممتدة اجتماعية وسياسية وثقافية.. بل سينعكس على طبيعة العمل نفسه التي ستشهد تغيرات غير مسبوقة.. وكلها اتجاهات تحتم على مجتمعاتنا العربية تركيز الجهد والتمويل والاستثمار بصورة استثنائية على التحول الرقمي.. من أجل سد الفجوة الرقمية في أسرع وقتٍ ممكن.

 

من جانبه اكد إن جامعة الدول العربية تولي اهتمامًا خاصًا لتطوير العمل العربي المشترك في مجالات الاقتصاد الرقمي.. ويجري العمل حاليًا على تحديث الاستراتيجية العربية للاتصالات والمعلومات لتتناول موضوعات الاقتصاد الرقمي والأمن السيبراني بصورة شاملة تُلبي احتياجات المستقبل.

 

وأشار أبو الغيط إلى أن ثمة مجالين سوف يحظيان من وجهة نظري بحضور مكثف لتطبيقات الرقمنة في المرحلة المُقبلة.. أتحدث هنا عن التعليم والتوظيف.

 

لقد كشفت الجائحة عن إمكانيات هائلة لاستخدام تكنولوجيا الرقمنة في التعليم.. ثمة مشكلاتٌ ظهرت مع التطبيق.. غير أن العلاقة بين التعليم والرقمنة ستترسخ بصورة متزايدة في المستقبل.. خاصة مع الحاجة لإعداد أجيال قادرة على التعامل مع اقتصاد المعرفة والتحول الرقمي.. ويقتضي هذا تحولًا في فلسفة التعليم يتجاوز استخدام تطبيقات التكنولوجيا إلى تصميم العملية التعليمية ذاتها، بحيث تجهز الطالب لنوع جديد من الاقتصاد.. الثابت فيه هو التحول المستمر.. إن اقتصاد المعرفة لا يعرف مهارات ثابتة أو معارف جامدة.. وإنما يعترف فقط بالقدرة على التعلم المستمر، واكتساب المهارات الجديدة، والتكيف مع سوقٍ متغيرة للوظائف.

 

وقال ان الثورة الرقمية سوف تقضي على الكثير من الوظائف، ولكنها ستخلق أنشطة جديدة ووظائف لم تكن موجودة ولا يمكن حتى تصورها في هذه اللحظة.. وليس خافيًا أن أغلب الاقتصادات العربية يُعاني من معدلاتِ بطالة عالية، خاصة في فئة الشباب.. ولدينا اليوم في العالم العربي 100 مليون شاب في سن 15 إلى 29 سنة.. وقدر البعض أن عدد الوظائف التي تحتاج الحكومات العربية لإيجادها يتجاوز خمسين مليونًا خلال العقود القادمة.

 

ولا شك أن مجالات الاقتصاد الرقمي تُعد من القطاعات الواعدة القادرة على توليد الثروات واستيعاب العمالة، خاصة في الشركات الناشئة التي تتبنى الرقمنة والتطبيقات التكنولوجية المختلفة.. ولكن المنافسة في هذه المجالات تحتاج إلى نوع معين من العمالة الماهرة المدربة.. وهنا تكمن الحلقة المهمة بين التعليم والتوظيف.. وهي حلقة ما زالت للأسف تُعاني ضمورًا، بل وغيابًا في بعض الأحيان، في الكثير من الاقتصادات العربية التي تشهد انفصالًا بين مجالات التعليم وسوق العمل.

 

تم نسخ الرابط