الهدوء يعود إلى "باماكو" والأمن ينفي إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين
استعادت وزارة الداخلية في جمهورية مالي الهدوء في العاصمة باماكو، وبدأت اعتبارًا من الساعات الأولى من صباح اليوم سحب تشكيلاتها وتقليص مستوى انتشارها في أرجاء العاصمة، بعد الاشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين المطالبين، بما وصفوه بوقف "تدخلات الجيش الفرنسي في شؤون البلاد"، وهي التظاهرات التي شهدتها باماكو يوم الأربعاء الماضي، واستمرت حتى ليلة أمس، وإن كان بوتيرة أقل.
وأزالت قوات الأمن في مالي المتاريس وحطام السيارات، التي اشعل المتظاهرون النيران فيها، وكذلك قامت الأجهزة البلدية في باماكو برفع الأنقاض الناتجة عن قيام المتظاهرين بتحطيم واجهات المحال التجارية والفنادق في عدد من أماكن العاصمة.
وكانت التظاهرات التي شهدتها عاصمة مالي، خلال اليومين الماضيين، قد انطلقت على خلفية حادث وقع مطلع هذا الشهر، أودى بحياة 20 مواطنًا بعد تعرضهم لإطلاق نيران من مروحية عسكرية فرنسية.
وقال شهود عيان الواقعة، إن القتلى كانوا يحضرون حفل زفاف، بينما أصرت قيادة القوة الفرنسية في مالي على أن المروحية استهدفت تجمعًا للعناصر المتطرفه، نافية أن يكون هناك خطأ في إدارة النيران.
واستثمرت قيادات الانفصال وقادة الجماعات المسلحة في منطقة الساحل هذا الحادث لاستفزاز مشاعر المواطنين في مالي، واستتبع ذلك قيام العناصر الإرهابية بنصب كمين لدورية حفظ سلام تتبع الأمم المتحدة في شمال البلاد، وقد لقي ضابط من ساحل العاج مصرعه في الهجوم.
وعندما قامت حكومة مالى وممثلية الأمم المتحده بتشييع جثمان ضابط ساحل العاج فى مراسم رسمية في العاصمة باماكو يوم الثلاثاء الماضي، سرعان ما استثمر قادة الميليشيات الانفصالية المتحالفة مع تنظيم القاعدة هذا الإجراء فكانت تظاهرات الأربعاء الماضى التي شهدتها العاصمة باماكو.
ونفت وزارة الداخلية في مالي استخدام الرصاص الحي في مواجهة المتظاهرين، وكشفت عن أن تظاهراتهم كانت غير مصرح بها من السلطات الأمنية وانه تم استخدام قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين.
وأهابت داخلية مالي المواطنين بتفادي التواجد ضمن تجمعات؛ اتقاء للإصابة بفيروس كورونا، كما دعت الشعب إلى التكاتف مع جهود استعادة الأنضباط فى العاصمة وضواحيها والتعاون، بقدر ما يمكنهم مع رجال الشرطة فى تحقيق ذلك.
ويصل قوام القوات الفرنسية العاملة في مالي إلى خمسة آلاف ومئة جندي يقومون بمهام حفظ سلام ومكافحة الإرهاب في مالي ودول جوارها فى منطقة الساحل والصحراء في بوركينا فاسو والنيجر.
وبدأت القوات الفرنسية عملها منذ العام 2013 بعدما شنت قيادات شمال مالي حملة للانفصال بالإقليم عن باماكو في العام 2012 وهو ما شجع عناصر انفصالية أخرى فى دول جوار مالي استثمره تنظيم القاعدة الإرهابي لاستعادة نشاطه التجنيدي والعملياتي في إفريقيا بعد انحسار مشروعه في افغانستان والشرق الأوسط.
ويقول المراقبون، إنه لولا الدور الذي تلعبه قوات مكافحة الإرهاب الفرنسية في هذا الجزء من القارة لتحول إلى مرتع للإرهاب، وإلى أفغانستان جديدة للقاعدة، ويحذر الخبراء من حملات التأثير النفسي التي يقودها أحمدو لامينو ديالو مسؤول الدعاية لانفصاليي الشمال، والتي تصور القوات الفرنسية في مالي وإقليم الساحل، وكأنها قوة احتلال بينما ينظم وجود هذه القوات اتفاقات رسمية مبرمة مع حكومات الدول، التي تعمل على أراضيها.
وتعد مالي مستعمر فرنسية سابقة، وقد جاءت إليها قوات مكافحة الإرهاب الفرنسية في إطار اتفاق سياسي بين باماكو وباريس، التي تتبنى استراتيجية شاملة لتهدئة الأوضاع في هذا الجزء من إفريقيا ومنع تمدد الميليشيات المسلحة المتطرفة فيه أو اتخاذها لحاضنة شعبية من سكانه.
تجدر الإشارة إلى أن قوات حفظ السلام التابعية للأمم المتحدة قد فقدت 146 من أفرادها، نتيجة أعمال قتالية مضادة في مالي منذ إرسال الأمم المتحدة لقوات حفظ سلام تابعة لها إلى شمال مالي في العام 2013 وهو ما جعل مسؤولي الأمم المتحدة يصفون مهمتهم في مالي بأنها المهمة الأكثر دموية والأبشع خسائر من بين عمليات حفظ السلام، التي تباشرها المنظمة الدولية حول العالم.



