السبت 20 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

"خفاجي" يعد دراسة عن اتحاد الإرهاب برئاسة القرضاوي

بوابة روز اليوسف

د. خفاجي: أنادي بمجلس عالمي لحوار الأديان لا تنفرد به دولة لتلافي المجالس الوهمية التي تتخذ من الدين ستارًا للعنف مثل مجلس القرضاوي

ثقافة الحوار بين الأديان أهم وسائل مواجهة الجماعات المارقة عن حدود الأوطان التي تستخدم الدين ستارًا للتطرف والتشدد والإرهاب

جماعات التطرف والعنف تركز على الأقليات الدينية بقصد إقصائها من الوجود بحجة تعاليم الدين وهو منه براء

مكافحة الإرهاب ليست بالقوة وحدها بل بإذكاء الوعي الإنساني عن طريق حوار رجال الدين والفكر والثقافة

 

إرهاصات لمراكز الحوار للأديان لبعض البلاد العربية “السعودية- الإمارات- البحرين- المغرب” لكنها تبقى جهودا منفردة دون أن تشمل كافة الدول إن المؤتمر الدولي الحادي والثلاثين للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بوزارة الأوقاف المصرية الذي عُقد في الفترة من 13- 14 مارس 2021، تحت عنوان: “حوار الأديان والثقافات” يعد تأكيدًا لدور القيادات الدينية البناءة في البلاد العربية والإسلامية وغيرها من الدول في توفير الحلول الفعالة والنافعة للأمة العربية ومصر في قلبها النابض.

 

وسائر أقطار العالم غربه وشرقه الذي ناله قسط من التطرف والإرهاب، لمواجهة التطرف الديني والإيديولوجي ومكافحة الإرهاب، وكذلك لبناء أسس التعايش وقواعد السلام الإنساني بين المجتمعات الإنسانية، ونعرض للجزء الثاني والأخير من دراسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة المصري بعنوان " حوار الأديان وأثره في مكافحة التطرف والإرهاب وصنع السلام الإنساني" التي ألقاها في ذلك المؤتمر في النقاط التالية :

أولًا: ثقافة الحوار بين الأديان أهم وسائل مواجهة الجماعات المارقة عن حدود الأوطان التي تستخدم الدين ستارا للتطرف والتشدد والإرهاب:

قال الدكتور محمد خفاجي إن الحوار بين أصحاب الديانات يهدف إلى تعرف كل طرف على الآخر، وهذا التعارف يؤدي إلى تحقيق التعايش السلمي بين الجميع من ناحية، ومن ناحية ثانية فإن ثقافة الحوار بين الأديان تساهم مساهمة فعالة في مكافحة الفكر المتطرف والحد من الأنشطة الضارة لدعاة الكراهية والعنف.

وبهذه المثابة تعد ثقافة الحوار بين الأديان من بين أهم الوسائل اللازمة في مواجهة الجماعات المارقة عن حدود الأوطان التي تستخدم الدين ستارا للتطرف والتشدد والإرهاب وذلك باستغلالهم انتشار جهل بعض الشرائح الفقيرة بمعتقدات الآخرين لينشروا من خلاله خطاب العنف والبغضاء والكراهية، فالقطيعة بين الأديان ليس من الأخلاق الحميدة الكريمة، والشيم المرضية التي أمر الله عباده بها التي تُقوِّم السلوك بين البشر بغض النظر عن دياناتهم ليستقيم على الفطرة السوية من حُسن المعتقد، وحب الخير للناس، واجتنابِ الشحناء، والتهاجر، والتباغض، ومما لا ريب فيه أن حوار الأديان على النحو المتقدم، يعد من المحامد الجميلة والمسالك الراقية، مما يحقق السلام الإنساني النبيل.

ثانيًا: جماعات التطرف والعنف تركز على الأقليات الدينية بقصد إقصائها من الوجود بحجة تعاليم الدين وهو منه براء:

يذكر الدكتور محمد خفاجي إن الخطورة الحقيقية تكمن في أن جماعات التطرف والعنف تقوم بالتركيز على الأقليات الدينية ومحاولة القضاء عليها في كل مجتمع بقصد إقصائها من الوجود بحجة أن ذلك يدخل ضمن تعاليم الدين وهو منه براء، ويجب القول، أن ظاهرة استخدام الدين لتحقيق أغراض سياسية أو تطرف أيديولوجي، أخذت تتنامى وتتزايد كل يوم في كثير من المجتمعات على مستوى العالم نتيجة إساءة استخدام وسائل تكنولوجيا الاتصال الحديثة وهو ما تستغله الجماعات المتطرفة المارقة وشعارها الدين من أجل السياسة بهدف إضعاف الأمة العربية وتقويض دعائم الاستقرار والتقدم في البلاد العربية، ومصر في قلبها النابض وهي التي اشتهرت على مدار التاريخ بالتنوع والتعايش والتسامح عبر كل العصور فالعمق التاريخي للإسلام الحنيف يشهد على روعة التعايش والتسامح بين المسلمين وغيرهم وترسيخ قيم الوسطية والاعتدال وتدعيم البناءً التشاركي لتحقيق السلام الإنساني بين المجتمعات تحت مظلة تعميق مفهوم المواطنة في كل دولة.

 

ثالثًا: مكافحة الإرهاب ليس بالقوة وحدها بل بإذكاء الوعي الإنساني عن طريق حوار رجال الدين والفكر والثقافة:

 

يقول الدكتور محمد خفاجي إن مكافحة الإرهاب ليس بالقوة وحدها بل بإذكاء الوعى الإنساني عن طريق حوار متعدد الجوانب لرجال الدين والفكر والثقافة لإيقاظ الضمير الدولي نحو العمل المشترك، ولا ريب أن رجال الدين يأتون على القمة من تحمل المسؤولية نحو حوار بناء بين الأديان، فمثل ذلك الحوار مع الأخر هو الذي يقطع أواصر الخوف ويبدد مظاهره، وقادة الدين في الدول هم الفريق المستنير الذين يملكون الإرث المشترك لروح الإنسانية البشرية، ولا ريب أن هذه الاستنارة وذلك الاعتدال والفهم الصحيح للدين ونظرته في احترام الأديان الأخرى هي الإرادة الحقيقية للبناء القوى العتيد عن التناغم الاجتماعي والتعايش السلمي، بما يصون الكرامة لكل كائن بشرى أيا كانت أصوله أو دينه.

 

رابعًا: إرهاصات لمراكز الحوار للأديان لبعض البلاد العربية (السعودية- الإمارات- المغرب) لكنها تبقى جهودا منفردة دون أن تشمل كافة الدول:

 

يقول الدكتور محمد خفاجي هناك إرهاصات أولى عن مراكز الحوار للأديان بجهود طيبة لبعض البلاد العربية في إنشاء مراكز لحوار الأديان لكنها تبقى جهودا منفردة دون أن تشمل كافة الدول العربية والإسلامية، ومثالها مركز الملك عبد الله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات "كايسيد" الذي أسسته المملكة العربية السعودية عام ٢٠١٢ بالتعاون مع جمهورية النمسا ومملكة إسبانيا إلى جانب الفاتيكان بصفته عضوا مؤسسًا مراقبًا، والكائن مقره في مدينة فيننا عاصمة النمسا، وتقوم أهدافه على دفع مسيرة الحوار والتفاهم بين أتباع الأديان والثقافات المتعددة، والعمل على تعزيز ثقافة احترام التنوع انبثاقا من أن الدين قوة فاعلة لتعزيز ثقافة الحوار والتعاون لتحقيق الخير للبشرية.

 

وعلى الرغم من المجهودات الكبيرة التي يبذلها مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات إلا أنه تعرض لحملة شرسة غير عادلة بالدعوة لغلقه وهو ما دعا المفوض السامي للأمم المتحدة لتحالف الحضارات ميغيل مورانينوس في يوليو 2019 إلى وصفها بغير مقبولة معربا أن مبادرة التحالف للحضارات بالأمم المتحدة شريك أساسي لمركز الملك عبد الله لحوار الأديان مؤكدًا المفوض السامي أن العمل في حوار الأديان أمر أساسي يجب إدراجه في الخطة الحالية لمواجهة الإرهاب.

وفى 12 يناير 2021 عقد مركز الملك عبد الله لحوار الأديان لقاءً افتراضيًا حول القيم والتضامن والأمنيات الشخصية لكل عضو من أعضاء مجلس الإدارة وآماله المنشودة بغد أفضل للعالم عام 2021، لإبراز رؤية المركز الداعية إلى التعاون والداعمة للتضامن والتفاهم بين أتباع الأديان والثقافات على أساس المشتركات الإنسانية، وتطلعاتهم المرجوة للعالم.

 

وفي دولة الإمارات افتُتح عام 2012 في العاصمة الإماراتية أبو ظبي مركز التميز الدولي لمكافحة التطرف العنيف، المعروف باسم "هداية" وهو المركز الذي يقوم على بناء شراكات مع مؤسسات عدة، ضمن مجال مكافحة التطرف العنيف، ودعم ضحايا الإرهاب.

 

وفى مملكة البحرين صدر في 4 مارس 2018 أمر ملكي بإنشاء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي يتبع للديوان الملكي.

 

وفي المغرب يوجد أيضًا المركز المغربي للتسامح وحوار الأديان، وله جهود طيبة في هذا المجال، وفي الأزهر الشريف في يونيه عام 2015 أصدر شيخ الأزهر الشريف قررًا بإنشاء مركز للحوار بين الأديان، ويتبع المركز شيخ الأزهر مباشرة، وضم في عضويته أساتذة بجامعة الأزهر استاذ بقسم اللغة الفرنسية بكلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر، ومدرس بقسم الدراسات الإسلامية باللغة الإنجليزية بالجامعة الأزهر، ومدرس بقسم العقيدة والفلسفة بكلية أصول الدين بطنطا، والمشرف على شعبة الدراسات الإسلامية باللغة الألمانية بالجامعة الأزهر، وباحث في الحوار الإسلامي المسيحي، عضو بالمنظمة العالمية لخريجي الأزهر، ويختص مركز الحوار بالأزهر الشريف بنشر ثقافة الحوار بين الأديان والحضارات المختلفة، والعمل على قبول الآخر والتعايش المشترك، والتأكيد على القيم الدينية المشتركة، وتعزيز التعاون بين الأزهر والمؤسسات الدينية المختلفة في هذا المجال، وتقديم الدعم لبيت العائلة المصرية في تحقيق أغراضه ورسالته.

 

وعلى هذا النحو المتقدم يبقى إنشاء مراكز لحوار الأديان مجرد محاولات فردية مشكورة لبعض الدول العربية لكنها لا تتصف بالصفة العالمية من حيث عدد الدول الأعضاء المكونين لها أو المنتسبين إليها، مما يمكن القول أنها محض إرهاصات محمودة في هذا المجال لكنها لا تكفي لكى ينتج حوار الأديان آثاره المرجوة على المستوى الأممي، وحتى تتحقق الغايات المرجوة من مراكز حوار الأديان يجب أن تكون هناك معاهدة دولية بين الأقطار المختلفة تضم مختلف الأمم المعنية بهذا الأمر تتشارك فيما بينها ولا تنفرد، وسندى في ذلك أن حوادث الإرهاب لدعاة التشدد والعنف والتطرف لم تعد قاصرة على أُمة دون أخرى أو ديانة دون غيرها مما يستلزم الأمر معه تكاتف وتعاضد الجهود الرسمية التشاركية لمعظم الدول على نحو ما تقدم.

 

خامسًا: أنادي بمجلس عالمي لحوار الأديان لا تنفرد به دولة لتلافى المجالس الوهمية التي تتخذ من الدين ستارا للعنف مثل مجلس القرضاوي :

 

يقول الدكتور محمد خفاجي أنه على الرغم من أن تلك المحاولات تمثل الإرهاصات الأولى لمراكز الحوار بين الأديان في البلاد العربية والإسلامية وغيرها، إلا أنها تبقى محاولات منفردة لبعض الدول دون أن يضفى عليها ذلك السمة العالمية للتشارك الدولي الفعلي في العضوية لمختلف الديانات والثقافات حول العالم، مما أنادي معه بإنشاء مجلس عالمي لحوار الأديان تتشارك فيه الدول ولا تنفرد به دولة بمفردها ليكون عمل المجلس العالمي لحوار الأديان مثمرا على مستوى العالم ويؤتي أكله، ولتلافي محاربة المجالس الوهمية التي تتخذ من الدين ستارا للعنف مثل مجلس القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وقد تأسس ذلك الاتحاد في 11 يوليو 2004 بمناسبة عقد مؤتمر في لندن بإنجلترا ونص البند رقم (3) من مشروع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين تحت عنوان "سمات الاتحاد المنشود" ما نصه: "الشعبية: فهو ليس مؤسسة حكومية وإنما يستمد قوته من ثقة الشعوب والجماهير المسلمة به ولكنه لا يعادى الحكومات..." وينص البند رقم (4) من ذات المشروع على أنه: "الاستقلال: فهو لا يتبع دولة من الدول ولا جماعة من الجماعات ولا طائفة من الطوائف، ولا يعتز إلا بانتسابه إلى الإسلام وأمته ".

 

سادسًا: نكشف ولأول مرة أن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يترأسه مفتى الجماعة الإرهابية القرضاوي ليس مؤسسة رسمية حكومية تتبع أي دولة من الدول بوثيقة إنشائه :

 

يقول الدكتور محمد خفاجي أنه يكشف ولأول مرة في العالم العربي أن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يترأسه مفتي الجماعة الإرهابية يوسف عبد الله القرضاوي ليس مؤسسة رسمية حكومية تتبع أي دولة من الدول بنص إنشائه وتحتضنه قطر، ومن ثم فإن هذا الاتحاد يعمل بلا ترخيص أو قانون أو لائحة لأية دولة من دول العالم، وكشف عن نيته أنه يعمل على معاداة الحكومات وإلا فما أعوزه الدليل من النص في البند الثالث من مشروع انشائه على أنه "لا يعادى الحكومات" وهو ما يسمى في علم النفس القضائي استباق الاعتراف، وبهذه المثابة فهذا الاتحاد بلا وطن سوى أن له مقر رئيسي في الدوحة بقطر، وفروع في كل من القاهرة أيام الجماعة الإرهابية تم غلقه بعد ثورة 30 يونيو 2013، وتونس وغزة بفلسطين، ودون أن يتحصل على ترخيص رسمي من أية دولة في العالم كما ذكرنا، لأنهم لا يؤمنون بفكرة الدولة والحدود الجغرافية فيما بينها.

 

وقد كان لي شرف إصدار حكم في قضية انتهاء عضوية القرضاوي أيام الجماعة الإرهابية حيث أصدر رئيس الجمهورية المنتمي لتلك الجماعة قرارا جمهوريًا بعضوية القرضاوي بهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف وكان لا يتوارى عن فتاواه ضد رجال الجيش والشرطة المحرضة على العنف، مما دعا بعض العاملين بالأزهر الشريف إلى إقامة دعوى قضائية ضد رئيس الجمهورية حينذاك بقصد إلغاء قراره بضم اسم القرضاوي مفتي الإرهاب لعضوية هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف أمام محكمة القضاء الإداري بكفر الشيخ برئاستنا في ذلك الوقت، وحكمت المحكمة بانتهاء الخصومة وأصدرت حكما باعتبار الخصومة منتهية في الدعوى لإصدار شيخ الأزهر القرار رقم 8 ھ بتاريخ 23 ديسمبر 2013 بإنهاء عضوية الشيخ الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي من وظيفته بهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف والزمت المحكمة شيخ الأزهر المصروفات لاستجابته لطلب المدعين بعد رفع الدعوى.

 

وفي إبريل 2013 قاطع القرضاوي مؤتمرًا عن حوار الأديان في الدوحة بسبب حضور الجانب اليهودي، فكيف ينكر وهو رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين المزعوم- الذي بينا أنه اتحاد بلا وطن ولا قانون سوى الدولة التي تحتضنه بغير ترخيص منها حتى لا تتحقق مسؤوليتها الدولية- على أصحاب الديانة اليهودية حوارًا ثقافيًا ودينيًا مع أقرانهم من أصحاب الديانتين المسيحية والإسلام! مما تبدو الحاجة ماسة معه لوجاهة ما ننادي به من إنشاء مجلس عالمي لحوار الأديان تتشارك فيه كافة الدول، ولا يكون جهدا منفردا لدولة معينة، مع عدم الاعتراف بما يسمى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين لعدم تبعتيه بحكم مشروع إنشائه لأي دولة في العالم ودون قانون أو لائحة وتحتضنه قطر وحدها من بين دول العالم بأسره.

 

تم نسخ الرابط