السفير حسام زكي: الأزمة الدامية كشفت عن مخاطر الإهمال الدولي للقضية الفلسطينية
أكد السفير حسام زكي، الأمين العام المساعد، أنه خلال السنوات الأخيرة تمكن الطرف الإسرائيلي من سدّ كل منافذِ الحل السياسي للقضية الفلسطينية.. وقام بعملية ممنهجة لغسل الأدمغة.. حوَّل خلالها الضحية الى معتدٍ، والشعب الواقع تحت الاحتلال الى ممارسٍ للعنف غير المبرر.. جاء ذلك اثناء القاء كلمته في جلسة الجمعية العامة لامم المتحدة لدورة75 لمناقشة الوضع في فلسطين المحتلة تحت البندين 37 و38.
وقال إن اللحظة الحالية كاشفة.. وتجعل العالم يرى الوضع في صورته الحقيقية: قضية عادلة لشعبِ واقع تحت احتلال عسكري ذميم منذ عقود.. ونظام للفصل العنصري يُمارس صورة محدثة من صور التطهير العرقي... تلك هي حقيقة الوضع التي رآها الجميع في أحياء القدس الشرقية، وغيرها من المناطق الفلسطينية المحتلة عبر أحداث الاسابيع الماضية.
وأشار إلى أنه وسط طوفان الهجمات الإسرائيلية الغاشمة في غزة ومئات الضحايا الأبرياء الذين سقطوا.. لا يجب أن ننسى أن تلك الحلقة الدامية من تاريخ النزاع قد بدأت في القدس الشرقية المحتلة.. وأن الشرارة التي فجرت الموقف لم تكن سوى سلسلة من الإجراءات العنصرية الاستفزازية والمتعمدة التي مارستها قوات الاحتلال الإسرائيلي.. والذي يتصرف حقيقةً كأي احتلال آخر عرفه التاريخ يسعى لنزع ملكية السكان الأصليين وطردِهم من بيوتهم وإحلال مستوطنين محلهم بالمخالفة الصريحة لأحكام اتفاقية جنيف الرابعة.
واوضح انه في القدس المواطن الاسرائيلي له كل الحقوق، من الأمن والسكن والتملك وحرية التحرك... أمّا الفلسطينيون فيعيشون مُهددين بالطرد من مساكنهم في أي وقت.. لا حقّ لهم في ممارسة شعائرهم الدينية بحرية أو الوصول غير المقيد لأماكن العبادة.. لا حقّ لهم في التحرك بحرية في مدينتهم التي ولدوا بها.. يعيشون معزولين عن بقية شعبهم على بعد كيلومترات.. يفصل بينهم جدار عنصري شائن.. فضلاً عن بوابات التفتيش والإذلال اليومي.
وضع يسير عكس حركة التاريخ وضد كل مبدأ إنساني أو أخلاقي.
وقال ان الفلسطينيين الشجعان الذين تضامنوا مع من تعرضوا للطرد من بيوتهم، وأصروا على مقاومة المخطط العنصري لتهويد القدس، في الشيخ جراح وسلوان وغيرها من أحياء المدينة الواقعة تحت الاحتلال.. مارسوا حقهم القانوني في النضال المدني.. وجاءهم الرد في صورة رصاص مطاطي وعنف مُفرط وقنابل صوت وغاز، واعتقالات بلا هوادة.. ثم جاءت حملة القصف الشامل على غزة لتطال المساكن والمشافي والمدارس، بل وحتى مقرات الإعلام الدولي.. وأسقطت حتى هذه اللحظة ما يزيد على مائتين وعشرين شهيداً..
واشار ان هذه الجمعية تُمثل الضمير العالمي المُجرد من لغة القـــوة والإجبار.. ولهذا فإنها مُطالبة بالتعبير عن موقفٍ واضحٍ من القضية الأصلية.. ألا وهي قضية استمرار الاحتلال من دون أي أفق سياسي ضمن إطار زمني لإنهائه.
واليوم تدخل هذه القضية منعطفاً خطيراً مع جنوح متصاعد ناحية اليمين المتطرف في إسرائيل.. لقد صارت أجندة المستوطنين المتطرفين والمنادين جهاراً بقتل العرب وترحيلهم عن أرضهم هي فعلياً برنامج عمل الحكومة الإسرائيلية.. ومن أسفِ أن إشعال الوضع في المدينة المقدسة والانتقام من المدنيين في غزة وسواها صار سبيلا للبقاء على رأس السلطة في إسرائيل.
وقد كشفت الأزمة الدامية عن مخاطر الإهمال الدولي للقضية الفلسطينية.. أنّ حلّ الدولتين القائم على التفاوض - والذي تتآكل فرصه يوماً بعد يوم - هو المسار الذي ارتضته منظمة التحرير الفلسطينية وأيدته الجامعة العربية بالإجماع.. غير أنّ الطرف القائم بالاحتلال يُفضل حلاً يقوم على الفصل العنصري.. وهو مستعدٌ لأن يذهب إلى أبعد مدى في تطبيقه بالقوة الغاشمة، وعبر ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
إنّ الجامعة العربية تدعو الجمعية الموقرة الى عدم القبول بالمنطق الخاطئ الذي يستهدف حماية الاحتلال واستدامته.. وقد آن الأوان أن يعلو صوت الضمير العالمي - صوتكم - رفضاً لهذا الواقع المشين.. وآن الأوان أن يتحمل الاحتلال الاسرائيلي المسؤولية عن جرائمه.



