صحيح.. لاتبنى البلاد بالطبطبة.. ولا بالكلام وخلاص. التنمية عمل وتخطيط جاد وتنفيذ من حديد.
فى أكتوبر 73 عبر رجالة مصر للضفة الشرقية فى قناة السويس فى حرب الكرامة. فى 6 ساعات حطم الجندى المصري أسطورة الجيش الإسرائيلى الذي لا يقهر.
تكسرت كذبة جيش العدو وتفتتت ونزلت 60 حتة على الأرض.
خلال 7 سنوات من 2014 وحتى 27 الشهر الماضى حققت مصر عبورا ثانيا لأرض الفيروز.
27 الشهر الماضى هو يوم افتتاح رئيس الدولة المصرية لمحطة معالجة مياه بحر البقر.
بحر البقر نموذج وعينة ليد البناء التي امتدت لسيناء باستراتيجية غير مسبوقة، وبخريطة تنمية فعلية داخلية ظاهرة على الأرض تتحقق لأول مرة فى تاريخ أرض الفيروز.
محطة بحر البقر عينة على استراتيجية دولة أنزلت الأحلام إلى أرض الواقع, 700 مليار جنيه تكلفة استثمارية تغير شكل وطبوغرافية البوابة الشرقية لمصر.
ليست مفارقة أن يتزامن افتتاح رئيس الدولة لمحطة بحر البقر مع ذكرى أكتوبر المجيدة.
للتاريخ علامات.. وللزمن إشارات.
(1)
حققت دولة 30 يونيو أكثر من «عبور» خلال 7 سنوات فى مرحلة كانت الأصعب فى تاريخ مصر الحديث. عبر عبدالفتاح السيسي بالوطن من فوق بركة آسنة كان فيها الشارع والناس والبلد والأرض فى الطريق للهاوية. فى المقارنة بين أكتوبر 73 ونصر 30 يونيو 2013 مبالغات.
فى أكتوبر 73 حطّم الجيش المصري إرادة عدو اقتطع الأرض، وتحفظ على تراب وطن بانعكاسات على السيكولوجية الاجتماعية للشارع المصري.
سنوات قبل نصر أكتوبر، دخلت السيكولوجية المجتمعية فى الشارع المصري أسيرة الهزيمة والانكسار.. بآمال وطموحات كبرى فى الانتصار.
فى أكتوبر 73 استطاع الجندى المصري قطع يد العدو فجأة، بخطط مباغتة نقلت كتائب القوات المسلحة المصرية (فجأة مرة أخرى) للضفة الشرقية للقناة.
لم تكن الحرب قدرات عسكرية وعتادًا مسلحًا ودمتم. إنما دارت فى الحرب ألاعيب دعاية مضادة ممنهجة من العدو استهدفت معنويات المقاتل المصري كما استهدفت بسطاء الشارع فى القاهرة وطلاب الجامعات والموظفين فى الأقاليم والمحافظات وعمال المصانع.
حطّم الجندى المصري كل هذا، وعبر قناة السويس بتكتيكات عسكرية أصبحت مرجعًا فى العلوم العسكرية فى كليات الدفاع حول العالم.
فى 30 يونيو 2013 عبرت مصر أيضًا مخططات الخيانة، ومؤامرات ممنهجة للفت في عضد الشارع، بإشعال الحرائق، وسرقات المتاحف وحرق الكنائس.. فى وقت كانت الدولة تسير فى الطريق لحرب أهلية مؤكدة.
ظهر عبدالفتاح السيسي فى معادلة عبر التاريخ ليعبر من جديد بالوطن من «حوارى» ضيقة للفتنة وتثوير الشارع، وإلهاب حماسة بعضهم بشعارات مزيفة عن الديمقراطية مرة.. وكلام فارغ عن الحريات مرات.
فى عبوره انتشل عبدالفتاح السيسي بلدًا كاد أن يسقط من حالق فى هاوية.
سقوط الدولة فى الهاوية ترجمة حقيقية لـ «سكة اللى يروح مايرجعش» فى المفهوم الدارج.
(2)
لم يكن العبور الثانى لسيناء بعد ولاية الرئيس السيسي فى 2014 سهلًا. لم يكن طريقًا مفروشًا بورود على الجانبين.. ولا طريقاً بشارات براقة أعلى أعمدة الإنارة.
بالعكس أغلب شوارع سيناء ذلك الوقت لم تكن قد غرست بها أعمدة الإنارة بعد.
ورث عبدالفتاح السيسي وطنًا ينزف فى غرفة الإنعاش.
ورث اقتصادًا بلا اقتصاد، وبنية تحتية غابت عنها البنية التحتية.
ورث عبدالفتاح السيسي سيناء مستوطنة بإرهاب مسلح وسط خريطة إقليمية بتفاعلات خطرة شديدة التعقيد وقنابل زمنية بدأ العد التنازلى لانفجارها.. ثوان بعد ثوانى.. فى زحف كان يحسب باللحظة لا بالساعات.
انعكست منهجية الإرهاب فى سيناء على الشوارع فى باقى محافظات مصر بسيولة اجتماعية شديدة، فى وطن امتدت إليه خراطيم الغذاء من الأنف، وأسلاك قياس قدرات أجهزته الحيوية على شاشات إليكترونية فى محاولة للبقاء.
كان الوطن فى غرفة الإنعاش.
لا تتخذ التنمية مكانًا مع صديد الإرهاب، لا تثمر محاولات إصلاح مهما كانت مع سيولة اجتماعية وانفلات سلوكى فى الشارع، وسط غابة من شعبوية واضحة كما يقول الكتاب.
بقدرة فائقة وعزيمة من فولاذ عبر عبدالفتاح السيسي بالوطن إلى بر الاستقرار.
على الضفة الشرقية فى قناة السويس، وبخط ممدود على استقامته جهة الحدود الشرقية للبلاد سطّر الجيش المصري ملاحم أخرى فى الفداء تمهيدًا لطريق التنمية.
قدم شباب مصري زى الورد دماءهم رخيصة صونًا للأرض وللعرض.. لتدخل كراكات البناء، ولوادر الشحن إلى طريق عبرته دبابات ولادك يا مصر إلى عمق أرض الفيروز.
صحيح - لا تُبنى الدول بالكلام.. ولا تعلو الأوطان بالشعارات.
لا تُدار البلدان بأحاديث الخيبة على قهاوى المثقفين.
ظهرت مشاهد التنمية على أرض سيناء كاملة متكاملة. غيرت الدولة الحياة هناك باستحداث شكل جديد عصرى للتجمعات البدوية.
امتدت خطة الدولة للأجيال الجديدة فى سيناء اتساقًا مع منظومة متكاملة لتطوير التعليم.
دخل التعليم الجامعى الأهلى لأول مرة قاموس أهالى سيناء بجامعة الملك سلمان.
700 مليار جنيه فى أقل من 7 سنوات غيرت الحياة فى سيناء.. حيث جرى العمل فى صمت.. على الأرض بمشروعات فوق الخيال.
أكبر مشروعات لإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي، دخلت سيناء لاستصلاح وزراعة 500 ألف فدان.
شمل العبور الثانى نهضة حقيقية بتطوير المناطق السياحية، بمطاراتها، ولوجيستياتها.
حققت أنفاق قناة السويس الجديدة متطلبات الحرب والسلام. ملحمة إنجاز أنفاق القناة فى التخطيط والتنفيذ غيرت مفاهيم الزمن، وأعادت تشكيل الطبوغرافيا.
دعمت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس إضافة أبعاد تنموية بملايين من فرص عمل، ومليارات متوقعة إضافية للدخل القومى.
فى المسافة التاريخية بين عبور أكتوبر والعبور الثانى لسيناء بعد 2014 مدى سيظل محفورًا فى فصول التاريخ بالعزيمة والإصرار والقدرة والعمل.
صحيح.. لا تُبنى الأوطان بالكلام.. آن لأصحاب الكلام أن يصمتوا.
أما آن لهم أن يصمتوا؟!
من مجلة صباح الخير



