السبت 20 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

رجال دين : التحلي بالصدق والتفاني في العمل أساس نهوض المجتمع

الشيخ فوزي القوصي
الشيخ فوزي القوصي و الشيخ علي جمعه

مازلنا  خلال هذا الشهر الكريم نحتفل بمولد سيد الانسانية رسولنا الكريم لكي نثبت حبنا له لكن الاحتفال الحقيقي يكمن في التطبيق العملي لحياة الرسول صلي الله عليه وسلم والتحلي  بصفاته واتباع ماامرنا به واجتناب مانهانا عنه  ففي جانب المعاملات نجد رسولنا يركز علي ضرورة حب العمل والبعد عن الغش حيث قال من غشنا فليس منا.وعدم الإقبال علي الرشاوي حيث قال الراشي والمرتشي في النار 

كل هذه ضوابط للنهوض بالمجتمع والتقدم الاقتصادي  

بوابة روز اليوسف ألقت الضوء علي هذه الجوانب من خلال السطور القادمة..

  في البداية يقول الشيخ فوزي عباس القوصي مدير عام إدارة اوقاف حجازة قنا من الصفات التي يتصف بها النبي صلي الله عليه والسلام الأمانة ولقد ضرب الرسول صلي الله عليه وسلم اروع الأمثلة في لأمانة وخير مثال علي امانته عندما هاجر الي المدينة امر سيدنا علي بن ابي طالب ان ينام علي فراشه حتي يؤدي الامانات الي اَهلها رغم ماكان منهم من كفر وعناد واذي له ولأصحابه ورغم ذلك كانوا ياتمنونه عَل أماناتهم وموضحا انه من الأمانة ان يقوم العامل او الموظف بالعمل المنوط به بصدق وأمانة واخلاص ومن الخيانة الاهمال في العمل وبيع الموظف مصالح الناس بالرشوة 

 

ويضيف الشيخ القوصي ان من صفات النبي صلي الله عليه وسلم ايضا الصدق  وكان معتمدا عليها في دعوته  حيث عرف بين قومه بهذه الصفة وكان يلقب بالصادق الأمين   وقد كان الصحابة يؤثرون الصدق مهما كان وراءه من الآلام. وبعض الآباء يحثون اولادهم علي الصدق بالكلام فقط ويدفعونهم الي الكذب بالافعال فاذا سال من لايحب لقائه قال لولده اخبره بأنني لست موجودا ثم يعاقب ولده بعد ذلك اذا كذب   لذا يجب ان يكون الانسان ضميره يقظا بالأمانة والصدق حتي تتقدم الامم  

فَلَو كل انسان اتصف بالأمانة  والصدق ماوجدنا خائنا ولا كذابا ولا منافقا ولا غشاشا  في المجتمع المسلم  لافتا الي ان الضمير الميت يتسبب في زوال أمة بأثرها  ولو فقد الشخص ضميره الإنساني لاستحالت الدنيا الي دمار شامل وأنانية وفساد لم يبقي له مثيل  ولتحوله حياة الناس الي فوضي عارمه  لا دين يردعهم ولا اخلاق تجمعهم  ولا قيم تآلف بينهم حسب كل واحد منهم ان يقول نفسي نفسي  

وليس عجبا حينما سئل احد علماء الغرب وقد كان سببا في تفكك اتحاد الجمهوريات السوفيتية   مالذي صنعته حتي تفكك الاتحاد قال أعطيت ضميري اجازة مفتوحة ووضعت الرجل المناسب في المكان الغير مناسب وهذا هو حال الأمة الاسلامية الوازع الديني فيها ضعيف كل انسان لايفكر الا في مصلحته 

 

ويشير القوصي الي حديث الرسول صلي الله عليه وسلم ( من غشنا فليس منا ) وماحدث من   سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما كان يتفقد الرعية ليلا وسمع امرأة تقول لابنتها اخلطي اللبن بالماء فقالت الابنة ان سيدنا عمر منع خلطه بالماء فقالت الام أين عمر الان فانه لايرانا وترد الابنة اذا كان امير المؤمنين لايرانا فرب عمر يرانا ولَم تنفذ الفتاة مطالب منها 

هكذا نجد الصحابة وابنة امتثلت وتخلت باخلاق الرسول ص الله عليه وسلم قائلا لو فرد في مهنته تحلي بهذه الصفة لم نجد قط أدوية وأغذية فاسدة او مباني آيلة للسقوط بسبب بيع المهندسين والمقاولين ضمائرهم 

وقال مدير عام إدارة الأوقاف بحجازة   اننا مااحوجنا لمن يتحلي بالقيم والاخلاق حتي ندفع المنحرف الي العودة الي الأخلاق والفضائل  حيث ان رسولنا رسالته قامت علي الأخلاق حين قال إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق

 

ويلتقط خيط الحديث الشيخ علي  جمعه اما م  وخطيب بالأوقاف.  بقوله ان  طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم من طاعة الله، قل اطيعوا الله والرسول، ولكن  مانجده واقعيا فى وقتنا المعاصر حدوث  انفصام فى تطبيق الهدى النبوى فى المعاملات الاسلاميه وبعدا بعيدا عن سماحته صلى الله عليه وسلم حيث يقول، رحم الله رجلا سمحا اذا باع واذا اشترى واذا اقتضي، 

ويقول حين يمر على صاحب الطعام، من غشنا فليس منا، 

نطبق انعكاسا تاما فى المجتمع المؤسسي ب الغش والشده فى التعامل ضربين عرض الحائط بهذه الارشادات النبويه الطيبه

 

ويوضح علي جمعه اننا لا نريد حناجر تعلو واصوات تنتحب باتباعها هديا نبويا رشيدا ادعاء وتناظرا وتباهيا فقط بل نريدها اخلاقا وواقعا ملموسا عاما وشاملا فى جميع النواحى الحياتيه وحين تسال ام المؤمنين  وضعت قاعده اصيله قائلة، كان خلقه القرءان، وكان قرءانا يمشي على الارض، 

ليست دعايات انما هى معاملات انسابت من خلقه الشريف القويم صلي الله عليه وسلم 

 

ويشير الشيخ جمعه  ان الرسول صلي الله كان لايحب ان يتحلي المسلم بصفات  سيئة منها الرشوة حيث قال صلي الله عليه وسلم، لعنة الله على الراشي والمرتشي، لافتا الي اننا عندما ننظر للواقع نرى الرشوه قد استمرأت فى جسد المجتمع وكيانه آكلة حقوق الغير من الضعفاء والمساكين. مضيعة الامانه التي فى الاعناق نظير دراهم معدوده. 

ومن سوء المعاملات بيننا تفشي الكذب والبهتان بصوره صارخه 

ورسولنا الحبيب كان يلقب بالصادق الأمين.

 

وضرب علي جمعه مثالا حيّا لرسولنا الكريم حين  جاء الى   ام المؤمنين خديجه فزعا مدثرا لرؤيته جبريل قالت له مهدأة نازعة منه الرجفة والرهبه والله يا محمدانك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق 

هذه صفات عمليه حياتيه له صلي الله عليه وسلم مع غيره من الناس. لم تذكره بنسبه وحسبه وشرفه وماله وكذا انما ذكرته بمعاملاته الواقعيه الملموسه من اعانه للفقراء والمساكين ومن رحمه وصدق وامانه فى بيعه وشراءه ومن وقوف بجانب الضعيف المظلوم هكذا هو الاتباع الحق الصادق وكما قال الشافعى  لو كان حبك صادقا لاطعته 

ان المحب لمن يحب مطيع فأحيوه ذكراه العطره باتباع هديه وسنته ورحمته قولا وعملا

واختتم  الشيخ علي جمعه حديثه بقوله: ان الله يحب اذا عمل احدكم عملا ان يتقنه، نجد ه اصلا عظيما من اصول سنة النبي صلى الله عليه وسلم فى الحياه عامه وفى المعاملات خاصه سنجد الطبيب المتقن المتبع لسنة النبي غير مبال بكثرة مال ولا شهرة ولا سمعه وسنجد المهندس فى ميدانه مؤسسا عمله صادقا محافظا على ارواح الناس وسنجدموظفي  الحكومه يؤدون عملهم طاعة لله ولرسوله قاضين حوائج الناس لانهم يرفعون عنهم كربهم ومشقتهم في الاتباع عمل واخلاص 

نريد ان نرفع من معاناة الناس  وقضاء حوائجهم بهديه صلي الله عليه وسلم 

 

يوضح  الشيخ  مصباح الهادي عبد الرحمن امام وخطيب بالاوقاف ان الدين  كله خلق ، فمن زاد عليك فى الخلق زاد عليك فى الدين . بهذه الكلمات يلخص طبيب القلوب وحكيم الإسلام ابن قيم الجوزية الدين الإسلامى كله ، فهو دين يقوم على الخلق الحسن ، وكلما ازداد المرء من الأخلاق الحسنة كان أقرب إلى حد الكمال فى دينه ، ولا خير فى تدين مغشوش لا يقوم على خلق حسن  لافتا . إن الإسلام يدعوا إلى الأخلاق الحسنة ، ويجعلها أساس القبول للأعمال عند الله عزوجل ، فلا قبول لعمل مهما ظهر صلاحه دون سناد من خلق حسن . ألم يُسأل النبى صلى الله عليه وسلم  عن امرأة تقوم الليل وتصوم النهار لكنها تؤذى جيرانها بلسانها فقال هى فى النار . فهذه عبادات يُخضع لها ، قيام ليل وصيام نهار ، لو أن القبول عند الله مرجعه إلى العبادات وحدها لكانت صاحبتها فى أعلى عليين ، وفى منزلة تالية للأنبياء والصديقين ، لكن لما كان القبول متوقفا على شرط آخر وهو الخلق الحسن ، كانت هذه المرأة فى النار . ولما كان المرجع للخلق الحسن كانت المرأة الأخرى صاحبةُ العبادات القليلة التي تذكر من قلة صيامها وصلاتها لكنها تحسن إلى جيرانها فى الجنة .   لهذا نرى النبى صلى الله عليه وسلم فى صلاته بالليل يدعوا ربه قائلا : اللهم اهدنى لأحسن الأخلاق لا يهدى لأحسنها إلا أنت ، واصرف عنى سيئها لا يصرف عنى سيئها إلا أنت 

 

ولفت الي مصباح الي فئة من الذين يظنون أن العبادات بدون خلق حسن ترفع قدر العبد عند ربه عزوجل هم فى الحقيقة واهمون ، فإنه حين توزن الأعمال بين يدى الله يكون حسن الخلق أثقلها عند الله عزوجل ، وصدق ابن القيم (ذهب حسن الخلق بخير الدنيا والآخرةإن الأخلاق الحسنة هى أصل كل خير ، وهى مفتاح القبول عند الله  ، وإن صاحبها ليحظى بالقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن من أحبكم إلى وأقربكم منى مجلسا يوم القيامة أحسنكم اخلاقا

 

ويقول مصباح . إن المتدبر فى أمر صعود نجم الحضارات وأفولها يرى أنه ما قامت حضارة إلا على خلق حسن ، وبمقدار مافى الحضارة من خلق حسن يكون استمرار هذه الحضارة ودوامها ، ومحال أن تقوم حضارة بدون خلق حسن ، إذ الخلق الحسن هو الصمام الحافظ للحضارات من الإنهيار ، وإنما تظل الحضارة قائمة بمقدار ما بقى فيها من خلق حسن فإذا مافسدت الأخلاق انهارت الحضارات

 

تم نسخ الرابط