الثلاثاء 23 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
بوابة روز اليوسف

تتسارع خطوات الجمهورية الجديدة فى الاتجاه للتنمية والاستقرار.

«رئيس واثق.. ومؤسسات قادرة.. وشعب يستحق»، معادلة تتفاعل بمنتوجات عملية على أرض الواقع بخطوات غير مسبوقة انعكست على وطن أصبح بلا قانون طوارئ بعد أكثر من 100 عام كان لا بد أن تظهر «حالة الطوارئ» فى خلفيات المشهد.

وضعت الجمهورية الجديدة خاتمها مرة أخرى فى اتجاه غير مسبوق، صك عبدالفتاح السيسي بصمة جديدة فى اتجاه آخر غير معهود.

(1)

شرع قانون الطوارئ تدبيرًا مساعدًا للحفاظ على الدولة فى أوقات حساسة، تستهدف القوانين من هذه النوعية مواجهة ما تتعرض له الدولة من أخطار على مستويات عالية.

ليس صحيحًا أن الطوارئ فرضت لأغراض سياسية كما كان يتشدق بعضهم، ولم يحدث أن استحدثت الطوارئ فى مواجهة المواطن العادى، كما يمضغها بعضهم لبانة فى فمه.

ثم إن أحكام قانون الطوارئ دستورية، تقوم بسند من مواد الدستور، وتحت رقابته.

شرع قانون الطوارئ 162 لسنة 58 فى مواجهة الملمات وحفاظا على الأمن والنظام وتمكينًا للدولة من حفظ الدولة.

بعد ثورة يوليو، فرض قانون الطوارئ خلال حرب 67 فى ظروف محيطة استلزمت مواجهة ما يطرأ فى الشارع بإجراءات سريعة غير عادية.

بعد اغتيال الرئيس أنور السادات كان فرض الطوارئ ضرورة، إذ إن الأمور تعدت اغتيال رئيس الجمهورية إلى مخطط كامل للاستيلاء على السلطة، والانقلاب على المؤسسات الشرعية، من خلال مجموعات جهادية متطرفة، وفى ظروف لم تكن للدولة أن تبقى فيها ساكنة.

لم تدخل الدولة خلال الستين عامًا الماضية بالتقريب، ما رأت فيه أنه لم يعد لحالة الطوارئ لزومًا ووجوبًا.

العشر سنوات الماضية كانت واحدة من أكثر مراحل التاريخ المصري حساسية وخطورة.

يمكن وصف أحداث ما بعد يناير 2011 بالرجة الشديدة التي فتحت باب الهاوية، ودفعت إليها الدولة المصرية دفعًا.

حددت أحداث ما بعد يناير 2011 نقاطًا ملتهبة على خريطة الوطن، بتداعيات لو استمرت لما استمرت الدولة نفسها.

كان قانون الطوارئ ذلك الوقت أداة لتمكين الدولة من استعادة السيطرة.

هيمنة الدولة الكاملة وبسط سلطانها التام أحد أهم مقومات وطن ينشد التنمية والرخاء.

اعتدت الدولة بقانون الطوارئ فى مواجهة جماعات حاولت اختطافها بزبيبة الصلاة والسلاح.

من وقتها لم تكف جماعات الارتزاق الحقوقى عن محاولات الصيد فى الماء العكر.

عبر أبواق خارجية، وعن طريق كتائب إلكترونية كان قانون الطوارئ مادة محلاة بالسكر، للمضغ آناء الليل وأطراف النهار.

بعد قرار الرئيس السيسى بإلغاء الطوارئ أسقط الحواة ومعتادو الغواية فى أيديهم.

(2)

عرفت مصر قانون الطوارئ فى العام 1914، بدأ فرض ما يسمى بالأحكام العرفية مع بدايات الحرب العالمية الأولى.

بعد العدوان الثلاثى عام 56 بدأت رحلة الطوارئ فى محطات قليلاً ما يغرب فيها القانون.

ليس صحيحًا ما يتداوله البعض على مواقع التواصل من تحرصات، ليس صحيحًا أن قانون الطوارئ بدأ مع دولة 30 يونيو.

العكس هو الصحيح.. فدولة 30 يونيو هى التى بادرت بإلغاء حالة عرفها المصريون بعد أكثر مما يقرب من مائة عام.

ويبقى الحديث عن حجم ما واجهته دولة 30 يونيو من تحديات، تقزمت فيها المعوقات وصولاً لإلغاء الطوارئ لاحقًا.

ورث عبدالفتاح السيسى بعد توليه المسؤولية أوضاعًا شديدة التعقيد فى وطن كان لا بد له من ترياق.

أولاً: دخل عبدالفتاح السيسى القصر الجمهورى، بينما فى الشارع المصرى حالة شديدة السيولة خفت فيها الأمانات، وتنازعتها المطالب الفئوية، وبقى الإرهاب محدقًا بعيونه فى خلفية المشهد.

ثانيًا: كانت جماعات الإرهاب قد دخلت مع الدولة ومع الشارع صراع صدمة، بعد انحياز الجيش المصرى لإرادة شعب نزل الشوارع يستنجد بالسيسى من أصحاب الذقون وحكم المرشد.

موجات الإرهاب كانت شديدة، وترامت أسلحة المتطرفين شرقًا وغربًا، واشتدت الحرب فى سيناء بوصفها المعقل الأخير لجماعات كانت تتصور أنها يمكن أن تحقق ولو أبناطًا فى مواجهة جيش وطني قادر.

ثالثا: كان وضع الاقتصاد على الأرض شديد التدهور، وفى حالة باتت تتطلب علاجًا بالصدمات الكهربائية ومشارط الجراحين.

تحديات كانت كبيرة، ومؤامرات حفت الدولة المصرية من الجهات الأربع، وسط توترات إقليمية وطموحات ليست فى محلها.

بدأت دولة 30 يونيو على كل المحاور دفعة واحدة، اقتحم عبدالفتاح السيسى كل الملفات، ودفع فى اتجاه العمل بالتوازى.

محور الأمن مع محور التنمية، محور البناء بالتوازى مع حقوق المواطن، وتحسين جودة حياته على امتدادات ذلك المحور وسياقاته المختلفة.

ظل قانون الطوارئ لدى «أرزقية الأوطان» محور الكلام و«محور الهرى».

كما لو أن كل جهود التنمية لا تكفى دليلاً وكأن كل ثمرات الإصلاح لا تكفى مؤشرات على دولة تنشد المستقبل بخطوات ثابتة على الأرض وفق استراتيجيات غير مسبوقة.

قرر عبدالفتاح السيسى إلغاء الطوارئ .. ماذا عساهم من حيل أخرى لهرى جديد؟!

تم نسخ الرابط