التراث الشفاهي في سلطنة صنغي
يعتبر شعب "الصنغاي" (سنغاي) من أبرز شعوب غرب إفريقيا التي لعبت دورًا مهما في تاريخ تلك المنطقة عبر التاريخ، وينسب لهم تأسيس "سلطنة صنغي" (أو صنغاي).
وشعب "الصنغاي" حاليا– وبحسب البعض ومنهم البروفيسور محمد عوض محمد- يستقر أكثرهم في الإقليم القريب من منحنى نهر النيجر، وعددهم حتى وقت قريب كان يبلغ حوالي مليونين.
ومن الراجح أن اسم دولة "السنغال" (الحالي) مشتق من اسم شعب "الصنغاي" أو "السنغاي"، وقد اختلط شعب الصنغاي ببعض الجماعات التي هاجرت إلى غرب إفريقيا، ومن ثم استقرت في هذه البلاد، وكانوا قادمين من الشمال، مثل الطوارق والفولا (الفولاتة)، لكن الصنغاي ظلوا محتفظين بسيطرتهم على الأقاليم التي استقروا بها، رغم بعض الغزوات المغربية أواخر القرن العاشر الهجري/ القرن السادس عشر الميلادي.
ويبدو التأثير العرقي لاختلاط شعب الصنغاى بالشعوب الشمالية التي هاجرت لبلادهم، ومن المؤكد أن اعتناق شعب "الصنغاي" (صنغي) للدين الإسلامي منذ قرون بعيدة، يحددها البعض بحوالي القرن الخامس الهجري/ القرن الحادي عشر الميلادي، ساهم بشكل كبير في عملية التقارب بينهم وبين الشعوب والقبائل الأخرى المجاورة لهم.
ويتميز شعب الصنغاي بأنه ذو قامة طويلة، والأنف ذو التناسب المعتدل، وكذلك بشرتهم خفيفة السمرة، ولهم شعر لولبي على غرار الماندنجو.
ونال تراث صنغي أهمية كبرى في غرب إفريقيا، وهذا التراث يذكره المؤرخون الأفارقة القدامى مثل: محمود كعت وعبد الرحمن السعدي، عن الحكام الأوائل لملوك هذه البلاد، لا سيما أسرة الأزواء، وكان أولهم زاء الأيمن.
يقول السعدي: "ذكر ملوك سغي (يقصد: صنغي)، أول من تملك فيها من الملوك زا الأيمن، ثم زازاكي، ثم زاتكي، وزاكي، ثم زاكو، ثم زا علي"، وهي ذاتها الأسرة التي تذكرها روايات شفاهية أخرى باسم أسرة ضيا Dia.
وكذلك اشتهر التراث الشفاهي حول السلطان المعروف أسكيا محمد، وهو ما يرويه المؤرخ السعدي (في كتابه الموسوم: "تاريخ السودان) عن رؤى بعض الصالحين في المملكة للنبي (ص)، لا سيما ما رواه أن الفقيه المعروف محمود بن عمر بن محمد أقيت، رأى النبي (ص) في المنام، وأنه اقترب منه، وقبل عيني النبي (ص) وأخبره النبي (ص) أن أحد أحفاده سوف يأتي لبلادهم، ووصف له رداء هذا الشاب المبارك، وأنه سوف يقيم الصلاة في بلادهم.
متخصص في التاريخ والتراث الإفريقي



