معرض ومؤتمر التحول للنقل الأخضر الذي افتتحه الرئيس عبدالفتاح السيسي خطوة من خطوات جادة ومتسارعة خطتها مصر فى اتجاه بيئة نظيفة حفاظًا على المناخ.
تدرك مصر مسؤولياتها تجاه مشكلة المناخ العالمى. لم يعد هناك رفاهية فى الوقت لإنقاذ عالم يشترك فيه الجميع، بينما الضرر يعود على الجميع أيضًا.
لم تعد قضية المناخ قضية رفاهية.. باتت قضية ملحة تدفع فيها الدول النامية ثمن مسالك الدول الصناعية الكبرى، بتأثيراتها شديدة الضرر على شكل وطبيعة درجات الحرارة على هذا الكوكب.
(1)
حسب مراقبين، وحسب ما يسمى بجماعات «الخضر» المنتشرة فى دول كبرى، فإن الدول الصناعية الكبرى تفعل غير ما تقول، وتدعم غير ما تدعو.
ترى جماعات الخضر أن أزمة المناخ فى حاجة إلى وقفة خالصة.. وإلى نيات «بيضاء».
هذه عناصر غائبة لدى بعض الدول الكبرى، ويبدو أن بعض تلك الدول يعمل كما لو أن التغيرات المناخية الشديدة لن تطوله.. أو لن تقترب منه.
غريبة.. مراقبون يتساءلون عن أسباب الانفصام الفكرى فى ذهنيات الدول الصناعية الأكبر على هذا الكوكب بين ما يدركونه جيدًا.. وبين ما يقومون به على الأرض من إجراءات!!
هناك من يرى أن بعض الدول الكبرى الصناعية يتعمد أن يصدر نفسه زعيما لمكافحة آثار التغيرات المناخية، ونادرًا ما يكف عن توجيه الاتهامات لدول أخرى.. فيما تسير حركة التلوث البيئى والمناخى من تحت «الترابيزات» بمزيد من السرعة.. وكأن بعضهم فى سباق مع الزمن لإيقاف الزمن على كوكب الأرض!
(2)
فى جلاسجو استمع العالم إلى رئيس الدولة المصرية، حيث استعرض خطة تنموية مصرية متكاملة نظيفة تعمل عليها مصر ضمن استراتيجية 2030 بخطوات خضراء.
فى سياساتها التنموية تضع مصر مساحات خضراء آمنة للمناخ على خريطتها.
تدرك مصر جيدًا أنه انطلاقًا من مسؤوليتها وسياساتها لتعزيز اتفاقية باريس، فإن التأخر من آخرين، أو حتى التباطؤ لن يدعم المشكلة بحلول أصبحت ضرورة الوصول إليها اليوم قبل غدٍ أمرًا حتميًا.
رؤية مصر وسياساتها تجاه التحول الأخضر لاقت دعمًا وترحيبًا دوليًا وعربيًا كاملاً لاستضافة مؤتمر المناخ المقبل عام 2022.
فى مؤتمر جلاسجو تكلم رئيس الدولة المصرية نيابة عن دول نامية وعن إفريقيا.. استمع العالم إلى رئيس أولى دول المنطقة والشرق الأوسط والإقليم المبادرة بخطوات جادة تطبيقًا لنموذج تنموى مستدام يستهدف أول ما يستهدف التكيف مع تغير المناخ وصولًا إلى 50 % من المشروعات الخضراء الممولة حكوميًا بحلول عام 2025 لترتفع النسبة إلى 100 % بحلول عام 2030.
خلال سنوات قليلة كانت مصر قد وضعت خطتها لمكافحة التغيرات المناخية فى إطارها المؤسسى، وأسرعت بالانتهاء من الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ.
تفتح الاستراتيجية المصرية لتغير المناخ الطريق لمساهمات الدولة المصرية المحددة وطنيًا، ووفق خطوات مرسومة بدقة، ووفق إجراءات مكملة.
بينما كان الرئيس عبدالفتاح السيسي يخاطب العالم فى جلاسجو فى أسكتلندا، كانت الطاقة المتجددة تمثل تقريبًا أكثر من 20 % من مزيج الطاقة فى مصر.
تعمل مصر على وصول تلك النسبة إلى 42 % بحلول 2035، بالتزامن مع ترشيد دعم الطاقة.
خلال سنوات وفقًا لخطط التنمية، حققت مصر خطوات واسعة فى الطريق لنقل نظيف مع تنمية مستدامة نظيفة أيضًا، توجتها بإصدار مصري لأول سندات خضراء بحوالى 750 مليون دولار.
(3)
مثلما تدرك مصر واجباتها إدراكا تصدقه إجراءات على الأرض، فإن مصر تعى أيضًا حجم ما يواجه الدول النامية على العموم، وإفريقيا على وجه الخصوص لبطء التنفيذ فى التزامات دول كبرى فى مواجهة آثار الأزمة، التي لا ينكر أحد أن تلك الدول أكبر أسبابها.
تنفيذ الدول النامية، ودول إفريقيا لإجراءاتها فى مواجهة أزمة المناخ يظل مرهونًا بحجم الدعم الذي تحصل عليه.
تقديم الدول الكبرى التمويل اللازم أساس ومقوم رئيسى لإحداث التوازن الذي مثلته اتفاقية باريس.
من حق دول نامية، وإفريقية الشعور بالقلق إزاء الفجوة الكبيرة بين التمويلات اللازمة وبين التمويل الفعلى.
لم يعد أمام الدول الصناعية الكبرى إلا الوفاء بتقديم الـ155 مليار دولار سنويًا لتمويل إصلاح المناخ والحد من آثاره السلبية.
ربما إفريقيا، أكثر من غيرها، تواجه آثارا صحية واقتصادية وأمنية وسياسية لظواهر التغيرات المناخية، رغم عدم مسؤوليتها عن أزمة المناخ.
لذلك دعا الرئيس عبدالفتاح السيسي بدعم دولى خاص لإفريقيا فى إطار اتفاقية باريس.
وللحقيقة وللإنصاف، فإنه مقابل اهتمام مصري نابع من إدراك مؤكد لحجم الأزمة، مازالت دول كبرى معنية تسير ببطء، أو قل إنها تضع نفسها فى آخر مقعد فى السيارة كما لو أن الوقت مازال متاحًا.. وأن مزيدًا من الفرص مازالت مواتية.
تتبادل دول كبرى اللوم والنبرات الغاضبة كل صباح، فيما تتوارى الأصوات حينما يتعلق الأمر بإجراءات حقيقية لتخفيض انبعاثات الكربون.
بعض الدول الكبرى لم يتخذ ولو أبسط الإجراءات المطلوبة، فى ألمانيا على سبيل المثال، يساهم تحديد السرعة على 70 % على الطرق السريعة، بما لا يتعدى 100 كيــلومتر فى الساعة فى خفض أكثر من 32 % من الانبعاثات الكربونية.
للآن تتدارس سلطات بعض المقاطعات الألمانية إذا ما كان إصدار هذا القرار ممكنًا من عدمه.
دراسة هذا القرار مازالت مستمرة بلا نتيجة منذ اتفاقية باريس 2015!



