حصّن مؤتمر باريس إكمال العملية الديمقراطية فى ليبيا فى الطريق لاستعادة الدولة.
تأكيد دولى بدعم كبير لضرورة مضى ليبيا نحو الاستحقاقات الديمقراطية، نقطة أخرى فى رصيد عملية مهمة, بقى على كل الأطراف انتهازها فرصة نحو إغلاق الباب نهائيا على كل محاولات اللعب بمصير بلد يستحق أن يستعيد نفسه.
نجاح مؤتمر باريس صورة من صور النجاحات التي حققتها مصر الجديدة.
كانت مصر أول من دعا إلى استقلال القرار الليبى ووحدة الأراضى ووحدة الرأى إيمانا بوحدة مصير الأشقاء فى ليبيا.
كانت القاهرة أول من نبهت إلى خطورة محاولات اختطاف ليبيا بنزاعات تدفع بلدًا متأزمًا نحو طريق الذي يذهب ولا يعود. كللت توصيات مؤتمر باريس جهودًا مصرية بدأت من قبل إعلان القاهرة ثم ما بعد إعلان القاهرة وصولًا إلى الآن، تدفع بالضرورة إلى خروج مرتزقة مسلحين من أراضى الليبيين، وتدفع بالضرورة إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية لبدء مرحلة جديدة لبلد آن له أن يستعيد مقدراته لنفسه.. وثرواته لنفسه.. وأراضيه لنفسه استنادا لرصيد هائل على صفحات التاريخ.
(1)
للإنصاف كان أن وضعت الدولة المصرية المسألة الليبية على رأس الأولويات بدعوات ورغبات تعاون مرة، وبخطوط حمراء ملزمة مرة أخرى فى الطريق لحلول، حيث لم تعد فرص رفاهية الوقت متاحة على الخريطة.
سعت مصر إلى حلول ناجزة للمسألة الليبية وفق مجموعة ثوابت ومحددات لم تحد عنها القاهرة فى أى وقت من تعاطيها الإقليمى والدولى.
تنطلق الرؤية المصرية نحو القضية الليبية من ثوابت لأطر لا حلول ممكنة بدونها.
أولا: إن الشعب الليبى وحده هو القادر على إنهاء مراحل الخلافات فى إطار استيعاب كل الاختلافات الداخلية فى نسق ديمقراطى فى الطريق لاستعادة الدولة واستعادة مؤسساتها.
فى الوقت الذي يتحتم فيه على الأشقاء فى ليبيا الدفع نحو إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المنتظرة نهايات ديسمبر المقبل.
ثانيًا: استعادة الأشقاء فى ليبيا دولتهم، لن يتأتى إلا بإعادة إحياء المؤسسات والجيش الوطني، باعتبار الجيوش الوطنية صمام أمان لحفظ استقرار الوطن وسلامة أراضيه.
ثالثا: إن الشعب الليبى الوحيد - ومن خلال مؤسساته الوطنية - هو الذي له السيادة الكاملة والفعلية فى استغلال ثرواته، والاستفادة من موارده، لذلك فإن أى محاولة إقليمية «هوجاء» بطموحات مبالغ فيها، أو خطط شيطانية لن تسمح بها مصر أن تتخذ مكانًا على الأراضى الليبية، فى معادلة سبق وحدد منها رئيس الدولة المصرية عبدالفتاح السيسي خطوطًا حمراء على الخريطة.
رابعًا: كانت مصر أول من نبهت ولفتت أنظار العالم إلى موجات المرتزقة والإرهابيين الذين توافدوا إلى أراضى الغرب الليبى، وبما يترتب على تلك السياسات من مزيد من اشتعال الأوضاع وبصورة لن تتأخر معها مصر فى اتخاذ ما تراه من إجراءات لحماية أمنها القومى الاستراتيجى والاستجابة لمناشدات الليبيين الرئيس عبدالفتاح السيسي فى الانطلاق بما لدى البلدين من رصيد مشترك فى الجغرافيا والتاريخ للحيلولة دون مزيد من الفوضى فى البلاد.
(2)
أنعش مؤتمر باريس آمال الليبيين فى إنفاذ وإنقاذ الانتخابات الليبية المنتظرة، أكد المؤتمر فى جانب آخر رواية مصرية ثاقبة سبق ولخصت الوضع الليبى وشخصنت حالته بدقة وأقنعت العالم بأن الحلول المطروحة ليس لها بدائل كثيرة وأن كلها تبدأ وتنتهى من إجراء الانتخابات، وإخراج المرتزقة الأجانب والإرهابيين فى الغرب الليبى.
وصل رئيس الدولة المصرية إلى مؤتمر باريس برؤية مصرية لها خصوصية وأسانيد من الواقعية الشديدة فيما يتعلق باحتياجات الشعب الليبى فى المرحلة الحالية.
ليس هناك من يمكن أن ينكر أن الجهود المصرية الدؤوبة فيما يتعلق بالأزمة الليبية كانت حجر أساس فى معادلة مستمرة التفاعل أدت إلى مخرجات مؤتمر باريس برعاية الرئيس الفرنسى ماكرون.
جنبت توصيات مؤتمر باريس الليبيين تداعيات خلافات قانونية حول التشريعات الانتخابية، وهى كلها تدخل فى نطاق «الافتعال» انعكاسًا لبعض المحاولات على الأرض ممن يرون أن استقرار ليبيا وبدء العملية الديمقراطية فيها ليست فى صالحهم، ولا يمكن أن تقاس على باترونات طموحاتهم التي بعضها خبيث، وبعضها الآخر شيطانى.
تماشت توصيات باريس مع تطلعات الشارع الليبى، ومع رغبات الغالبية من الكتل السياسية.
التلويح فى باريس بعقوبات للمخالفين أو لأى تسبب فى عرقلة الاستحقاقات الانتخابية، رادع دولى، لما تبقى من محاولات إقليمية لن تجد لها مكانًا ولا مستقرًا.
جدد رئيس الدولة المصرية فى باريس دعوته للأشقاء فى ليبيا بلفظ كل أجنبى دخيل مهما تغنى بأن وجوده خير.
جدد رئيس مصر التأكيد على أن خير بلاد الليبيين فى أيادى الليبيين وحدهم.
لم تتوان مصر عن دعم الليبيين.. ولن تفعل.. وليس هناك خيارات إلا تجاوز ليبيا سنوات المحن، تدشينًا لمرحلة جديدة نحو المستقبل للبناء والتنمية.
تبقى مصر رهن إشارة الأشقاء فى ليبيا.. إذا ما طلبوا. أعاد رئيس الدولة المصرية فى باريس التأكيد للشعب الليبى: «ستجدون مصر سندًا لكم وقوة متى احتجتموها.. دعمًا لأمنكم ولخياراتكم وطموحاتكم».
مسافة السكة.



