إفريقيا وهجرة الإخوة السبعة
من أهم الهجرات العربية التي وفدت على ساحل شرق إفريقيا، هي هجرة الإخوة السبعة من قبيلة الحارث العربية، في منطقة الأحساء، على ساحل الخليج العربي، وسبب هذه الهجرة هو الصراع الذي نشب واشتد بين الخلافة العباسية وبين القرامطة حكام البحرين، ومنطقة الأحساء منذ أواخر القرن الثالث للهجرة/ التاسع للميلاد. وكان بنو الحارث مؤيدين للخلافة العباسية، وموالين لها لأنهم سنة، بينما كان القرامطة شيعة، ولذلك اضطهدوا بني الحارث وأجبروهم على النزوح من بلادهم.
وخرج إخوة سبعة من قبيلة الحارث ومعهم عشيرتهم، وصحبهم الكثير من سكان الشاطئ الغربي للخليج العربي في ثلاث سفن، سنة 273هـ/ 887م هاربين من اضطهاد ملك الأحساء لهم، ونزلوا في الساحل الشرقي عند شاطئ بنادر، وامتد نفوذهم حتى جنوبي ممبسة، وتحالفوا مع الصوماليين أصحاب البلاد الأصليين وشيدوا مدينتي مقديشو وبراوة، وكانت مقديشو أول مدينة عربية تأسست في الساحل الشرقي، ثم تلتها براوة.
ولم يستطع الزيدية الذين نزلوا على ساحل بنادر قبل هجرة الإخوة السبعة، التأقلم والانسجام مع بني الحارث لأنهم سنيو المذهب، بينما هم شيعة، وبذلك فضلوا الانسحاب إلى الداخل، حيث اختلطوا بالسكان الأصليين وكونوا علاقات قوية معهم، وتكونت أمة خليطة من العرب والزنوج عرفت بالأمورزيديج.
وأسس بنو الحارث سلطنة إسلامية هي (سلطنة مقديشو) واتخذوا من مقديشو عاصمة لساحل بنادر، ونشطت تجارتهم حتى وصلت إلى مدينة سوفالة جنوب نهر موزمبيق، وبذلك ظهر إلى الوجود مركز إسلامي كبير، وأصبحت العاصمة الدينية والثقافية لساحل شرق إفريقيا كله، وسيدة على كل عرب هذا الساحل، وكان لذلك أثره الكبير والقوى في نشر الإسلام بين الصوماليين، وسكان شرق إفريقيا.
ومن الواضح أن جماعة الأحساء هم الذين نشروا الإسلام على ساحل صوماليا الشرقي، والدليل على ذلك أن المذهب السائد في هذه المنطقة إلى اليوم هو مذهب أهل السنة والجماعة.



