جائحة كورونا "كوفيد-19"، كانت كلمة السر في تسريع التحول الرقمي والاعتماد على الأنظمة الإلكترونية، لتوفير الوقت والجهد والمحافظة على السلامة، وأظهرت الأهمية البالغة للتكنولوجيا الرقمية في جميع مناحي الحياة، فالتحول الرقمي كان خيارًا لكثير من الحكومات بعد فترات طويلة من الإغلاق والحظر والتباعد، وكان التحدي الكبير في تطبيق الخدمة الرقمية يتمثل في التأقلم السريع من العنصر البشري مع العالم المتغير للتكنولوجيا الذي يتطور بصورة مستمرة وسريعة.
الحكومة، ممثلة في وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بذلت جهدًا كبيرًا في إعداد الكوادر البشرية المؤهلة في مجال تكنولوجيا المعلومات لمواكبة التطورات السريعة، التي يمر بها المجتمع المصري والسوق الدولية من رقمنة معظم الوظائف التي تتيح فرصًا لعمل الشباب.
وأطلقت وزارة الاتصالات مجموعة من المبادرات، التي تهدف إلى تمكين الشباب في سوق العمل المستقل عبر الإنترنت والاستفادة من مزاياه العديدة، المتمثلة في الحصول على فرص عمل متميزة من أماكنهم دون التقيد بحدود السوق المحلية، وكانت أحدثها مبادرة "أشبال مصر الرقمية"، التي أطلقتها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات تحت شعار "النهارده بنستثمر في ولادنا علشان بكرة يبنوا بلدنا"، وتهدف لإعداد جيل متميز من طلبة المدارس المتفوقين يكون قادرًا على استشراف المستقبل واستخدام التقنيات الحديثة في مجالات وتطبيقات تكنولوجيا المعلومات المختلفة، ليصبحوا شبابا ومواطنين فاعلين في بناء مجتمع رقمي يتواكب مع مستحدثات العصر ومتطلبات المستقبل محليًا وعالميًا.
مبادرة "أشبال مصر الرقمية"، هي مبادرة وطنية تسعى لتحقيق هدف استراتيجي للدولة وهو "الاستثمار في البشر"؛ وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أطلقت المبادرة باستثمارات 25 مليون دولار في خمسة أعوام لتدريب ٣ آلاف طالب كل عام، وتهدف المبادرة إلى انتقاء نخبة من طلبة المدارس المتفوقين وإعدادهم ليصنعوا نقلة نوعية في صناعة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمصر، واستشراف آفاق جديدة في هذا المجال، بما يتواكب مع متطلبات المستقبل، وليصبح مؤهلاً لقيادة المسيرة التكنولوجية ومشروعات مصر الرقمية.
توفر المبادرة فرصًا للنشء لتنمية مهاراتهم التكنولوجية واكتشاف قدراتهم الإبداعية في سن مبكرة، كما أن منهجية تنفيذ استراتيجية بناء القدرات التي تنفذها وزارة الاتصالات ترتكز على عدة مرتكزات منها الشمول لتغطية جميع شرائح المجتمع في مختلف المراحل العمرية، وتنوع التخصصات ومواكبتها لسوق العمل، واستخدام آليات التعليم الهجين، من خلال الدمج بين نموذج التعليم التقليدي والتعليم الرقمي عن بُعد لإتاحة التدريب في أنحاء الجمهورية كافة.
وتنتهج المبادرة منهاج تنمية مهارات طلبة المدارس وفقا لأحدث التطورات العالمية في مختلف المجالات التكنولوجية مثل: تطوير البرمجيات والفنون الرقمية، والشبكات وأمن المعلومات، وعلوم البيانات والذكاء الاصطناعي، والروبوتات والأنظمة المدمجة، بالإضافة إلى بناء المهارات الشخصية والحياتية والقيادية، كذلك تنفيذ أنشطة علمية وثقافية واجتماعية لبناء الشخصية المصرية القيادية، القادرة على التفاعل مع علوم المستقبل.
وتوفر المبادرة بيئة تعليمية تشاركية تفاعلية محفزة على الإبداع والتميز والابتكار لدى النشء، من خلال إتاحة التدريب العلمي والعملي، بالتعاون مع الشركات والمؤسسات المحلية والدولية المتخصصة في العلوم التكنولوجية المختلفة.
وتقدم المبادرة للطلبة الملتحقين بها منح دراسية جزئية من الجامعات التكنولوجية المتخصصة والتابعة لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات للمتفوقين، الذين سوف يُتمون سنوات الدراسة بالمبادرة، بالإضافة إلى جوائز عينية للمتفوقين وشهادات معتمدة من الوزارة كل عام، كما أنها تتيح فرص المشاركة في المسابقات التكنولوجية المحلية والعالمية.
تؤكد هذه المبادرة أهمية تمكين النشء وتعليم طلبة المدارس في المرحلتين الإعدادية والثانوية لبناء المستقبل الرقمي ومواكبة العصر وتغيراته المتسارعة، كما تعتبر مبادرة "أشبال مصر الرقمية" خطوة نحو تحقيق استراتيجية مصر للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي، بما يمكننا من خلق كوادر تساهم بشكل مباشر في تسريع عملية التحول الرقمي في مصر، من خلال خبراتهم الرقمية المكتسبة وإثرائهم بهذه المهارات والمواهب على سوق العمل.
نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية