الثلاثاء 23 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
بوابة روز اليوسف

مصر الرقم الأهم.

القاهرة مفتاح المنطقة ومعامل التوازن فى الإقليم.

سياسات الدول لا تثبت بالشعارات، على خرائط الإقليم نقاط ملتهبة تبدو منها دول مختلفة حول العالم، تقول منها ما لا تفعل، بينما هناك ما يفعل ما لا يقول.

النتيجة مزيد من تموجات نيرانية فى أنحاء المنطقة وعلى أطرافها وفى داخلها خسرت فيها الإنسانية قبل السياسة، وتراجعت فيها الآدمية قبل طموحات الساسة.

تنطلق مصر من سياسات رشيدة. سياسة الشرف فى زمن عزّ فيه الشرف. تنطلق مصر من ثوابت الإنسانية قبل المصالح، والندية قبل التعاون.  

 

لدى القيادة السياسية المصرية ثوابت أخلاقية قبل لغة المصالح وأرقام التعاملات ومعدلات الصادرات والواردات والرسومات البيانية للعمليات التجارية.

فى جدة أعاد رئيس الدولة المصرية عبدالفتاح السيسي التأكيد على «الإنسانية» فى المحيط الدولى والإقليمى.

(1)

تمد الدولة المصرية أياديها بالتعاون وفق شمول الحقوق والمصالح المشتركة ومعادلات الشرف.

لن تستقيم أى بقعة ما على وجه الكوكب فى معادلات السياسة دون وضوح فى الرؤى، وشفافية فى التعاون والإيمان بالآخر وقبوله.

قمة جدة استثنائية، تكلم فيها رئيس الدولة المصرية للحاضرين بقوة المنطق لا منطق القوة.

لا تقبل مصر منطق القوة. أو بالأحرى لن تخسر مصر معاركها أبدًا فى نواحى الردع والقدرة، خلال سنوات مضت أثبتت مصر أنه «إذا كان على «القدرة».. موجودة»، وإذا كان على الردع.. فمصر لديها ما تردع به وترد وتصيب المتربصين فى مقتل.. وترسم خطوطًا حمراء.

لا تسعى الدولة الرشيدة للقوة رغم القدرة، لكن هذا لا ينفي أبدًا أن يتصور موهومون أن سياسة الإنسانية ضعف.. أو أن رشاد القدرة وهن.

فى قمة جدة رسم رئيس الدولة المصرية خريطة طريق لحلول جذرية لأزمات الإقليم، وسط متغيرات تشبه العواصف، ووسط وضع اقتصادى عالمى ربما لم تشهده الأرض منذ أكثر من 200 عام، ووضع سياسى معقد يظهر لأول مرة بعد الحرب العالمية الثانية على هذا الشكل.

انطلاقًا من سياسة الإنسانية، استخدم رئيس الدولة المصرية صياغة شديدة الوضوح، شديدة الحزم لما قال أنه «لم يعد مقبولًا» أن يكون فى أمتنا العربية ذات التاريخ والحضارة والثروات والإمكانيات والموارد البشرية الهائلة من هو لاجئ أو نازح أو متضرر من حروب أشعلها آخرون، وخطط لها متلاعبون، ودفع لها أفاقون.

لم يعد مقبولًا أن يدفع المواطن العربى ثمن طموحات وهمية أو رغبات شيطانية، دفعت البعض لمحاولات التدخل فى شؤون الآخرين، أو وقائع اعتداء عسكرى غير مشروع، يعبث بمقدرات الشعوب، ويدخل كالسم فى جسد أمة عريقة كتب اسمها الزمن قبل الزمان.

لم يعد مقبولًا.. لا يمكن أن يكون مقبولًا.

 

(2)

مد رئيس الدولة المصرية يده فى قمة جدة، مكررًا ومؤكدًا رغبات مصر فى التعاون البناء، وفق اعتبارات الرغبة الصادقة لتلبية مصالح شعوبنا.

تقوم خارطة طريق رؤية مصر لحلول أزمات المنطقة بالاستناد على إعلاء مبادئ المنفعة المتبادلة وصون أمن واستقرار المنطقة كلها.

لن تستقيم جهود صون استقرار وأمن المنطقة مع إرهاب أسود، لعب به بعضهم، واستخدمه، ودربه، ثم نقله من هنا وهناك، ومن هناك لأبعد من هناك.

لمصر تجربة رائدة تحتذى فى مكافحة الإرهاب ودحره، لكن يبقى على من تولى الإرهاب واستوهم به نتائج لم تحدث ولن تحدث، أن يعيد التفكير ويعيد الاستيعاب ويستفيق.

مصر عصية على أوهام البعض، وعلى طموحات آخرين لاستعادة نزاعات عصور ما قبل الدولة الحديثة وفرضها بمنطق القوة.

فى جدة تحدث رئيس الدولة عن سلام الأقوياء.. سلام الشجعان.

فى سلام الشجعان يتسع العالم للجميع، شريطة الحقوق للجميع والعدل للجميع والتوازن واحترام الجميع للجميع.

القضية الفلسطينية ستظل على رأس أولويات وثوابت السياسة المصرية. لا حل لقضية فلسطين إلا بحل الدولتين والقدس العاصمة، وقرارات الشرعية الدولية. 

قدمت مصر أكثر ما قدمت لأجل فلسطين. دعمت مصر، جمعت ولم تُفرق.. قربت ولم تبعد.

حق الشعوب فى تقرير مصيرها وإدارة مقدراتها واستغلال ثرواتها، وحكم نفسها بنفسها بإدارات وطنية، وجيوش وطنية، وفق ديمقراطية حقيقية شفافة، ثابت آخر من ثوابت السياسة المصرية، وضمن رؤية مصر لخارطة طريق لحلول أزمات المنطقة.

بناء المجتمعات على أسس ديمقراطية يعنى تدعيم المواطنة وحقوق الإنسان.

حقوق الإنسان ليست «غثاء كلام» على مواقع التواصل، وليست دكاكين تضع على بابها يافطة مكتوب عليها اسم منظمة محسوبة على العمل الحقوقى، بينما فى الداخل من لا يراعون حقوقًا، ولا يعملون لصالح مواطن إلا إدمان الشعارات ومحاولات الوقيعة وبث الفرقة فى الشارع باسم الحريات.

حقوق المواطن تبدأ من حقه فى سكن لائق وحياة كريمة، وحق فى تعليم جيد ورعاية طبية حقيقية، وحقوق الإنسان هى حقه فى الأمن وحقه فى الاستقرار.. وحقه فى العمل والإنتاج.. وحقه فى التكسب من موارده، وجني إيرادات ثرواته على أرضه بلا تأخير ولا قال وقيل.

الإرهاب عدو حقوق الإنسان.. محاولات تسليح الميليشيات، وزرع الملثمين من المرتزقة فى الجيوب ودعمهم بالسلاح كلها عوامل تعادى حقوق الإنسان وتصيبها فى مقتل.

لن ترضى مصر بأوهام البعض.. ولن يُفرض عليها أمر بمنطق القوة.

رسمت مصر وقت اللزوم خطوطًا حمراء، بأيادى وصلت لأبعد النقاط استخدامًا لحقها فى حماية أمنها القومى.

لن تجدى مع مصر أجندات هدامة.. ولن تفلح تلك الأجندات، على رعاة أجندات الهدم مراجعة أنفسهم، وحساباتهم غير السليمة وتقديراتهم الخاطئة.

دعا رئيس الدولة فى حدة إلى ضرورة سرعة التضافر للتصدى للأزمات الكوكبية على رأسها أزمة الغذاء والأمن المائى والمناخ, وأعاد من جديد وللمرة المليون أن حقوق مصر فى مياه النيل محفوظة ومصانة بالجغرافيا والتاريخ.

من ذا الذي يمكنه أن ينازع الجغرافيا والتاريخ؟!

 

تم نسخ الرابط