عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

عمال توصيل الطلبات .. تحديات وطموحات طائرة على "عجلتين"

عدد من الشباب العاملين في مجال توصيل الطلبات
عدد من الشباب العاملين في مجال توصيل الطلبات

بين عملاء يصدمونهم بالقول "ما تستاهلش التيبس- الإكرامية" وآخرين يوجهون لهم الشكر ويشجعونهم على مواصلة العمل، ويمنحونهم إكرامية جيدة، يعيش عمال توصيل الطلبات يومهم.



يتحدون مضايقات الشارع بسلاح العمل، الأمر الذي يجعل بعضهم يطمح في تأسيس شركة، فيما يدخر بعضهم من أمواله لشراء "الإسكوتر أو الدراجة الهوائية"، التي يحتاجها للعمل والإنفاق على أسرته وتلبية احتياجاته.

 

"ما تستاهلش التيبس"

 

"ما تستاهلش التيبس"- الإكرامية- هاتان الكلمتان وقعتا على مسامع "أحمد السني"- عامل توصيل الطلبات- كالصاعقة، لينصرف من أمام العميل عائدًا للمطعم، طالبًا اعتبار هذا اليوم نصف يوم عمل. 

 

ظل الحزن يطارد "السني"- ابن الـ32 عامًا- طوال هذا اليوم، ليفكر في ترك هذا العمل نهائيًا، بعد أن سيطر على ذاكرته الموقف الذي دار بينه وبين العميل، فقد قام بتوصيل الطلب ولم يكن معه نقود "فكة" فأخبر العميل بذلك، إلا أن رده عليه أنه لا علاقة له بالأمر، بعد أن استلم "الطلب" الخاص به، مطالبًا "أحمد" بأن يُجلب له باقي الحساب.

 

أحمد السني - عامل توصيل طلبات
أحمد السني - عامل توصيل طلبات

 

فشل "السني" في الحصول على "فكة" وعاد للعميل، وهنا ظن العميل أنه يحاول أن يستغله، فدخل شقته وطلب منه الانتظار، وعندما عاد جلب معه عملات معدنية كثيرة، وأخذ في العدّ، ثم وضع في يده جنيهًا ومد يده لـ"السني" ثم أعادها قائلًا له "ما تستاهلش التيبس"، وهنا تركه "أحمد" وعاد لعمله ليستأذن في عدم استكمال اليوم، إلا أنه في اليوم الثاني تجاوز هذا الموقف وعاد لعمله.

 

"السني"، الحاصل على بكالوريوس خدمة اجتماعية عام 2012، بدأ العمل في توصيل الطلبات منذ 12 عامًا، بفضل دعم أصدقائه وأهله الذين ساعدوه في جمع ثمن "اسكوتر" ليستخدمه في عمله، موضحًا أنه تنقل بين الكثير من الشركات والمطاعم وأخيرًا استقر منذ عدة أعوام في العمل مع أحد التطبيقات الإلكترونية، الذي وجد فيه مزايا أكثر من الارتباط بمكان محدد. 

 

 

إكرامية حلاوة البطيخة 

 

  فيما منح عميل آخر "السني" إكرامية جيدة، عندما استلم طلبه، وهو "بطيخة"، ووجدها جيدة، حيث روى "السني" لـ"بوابة روزاليوسف" هذا الموقف، فقد طلب العميل "بطيخة" عبر التطبيق الإلكتروني، فسارع عامل التوصيل  بتلبية طلب العميل، ليصل في الوقت المحدد، إلا أنه فوجئ بأن العميل يطلب منه الانتظار لحين التأكد من أن البطيخة "حمراء"، ثم طلب منه الانتظار مرة أخرى لحين "تذوقها"، وعندما وجدها جيدة و"مسكرة" منحه الحساب وإكرامية جيدة.

 

من أجل الرضيع 

 

ووجه عميل آخر الشكر والثناء لـ"السني" ومنحه إكرامية بعد أن نفذ الملحوظة التي أبلغها للمطعم، فقد طلب ألا يرن- عامل التوصيل- الجرس فور وصوله للعنوان المحدد، وأن يتصل بصاحب الطلب ليخرج ويتسلم منه الطلب. 

أحمد السني - عامل توصيل طلبات
أحمد السني - عامل توصيل طلبات

 

الفضول دفع "السني" لسؤال العميل عن سبب هذه الملحوظة، فأخبره بأن لديه طفلًا صغيرًا نائمًا، وأمه ليست موجودة، ويخشى إن رن الجرس يوقظه من النوم.

 

عبارات شكر 

 

فيما ينطلق "محمد حسني"، ابن الـ26 عامًا لعمله في توصيل الطلبات منذ الـ7 صباحًا؛ لإسعاد عملاء المطعم الذي يعمل به عبر توصيل طلباتهم في الموعد المحدد، وحتى نهاية فترة عمله، التي تستمر حتى الساعة الرابعة مساء. 

 

يُقابل بعض العملاء "حسني" بوجوه مبتسمة وعبارات شكر وإشادة، فيطير قلبه فرحًا، لأنه أدى المهمة بنجاح، بينما يلتقيه آخرون بوجوه عابسة وصيغة آمرة تهبط بروحه المعنوية إلى النقطة صفر، إلا أنه يواجه هؤلاء بسلاح حب العمل. 

محمد حسني - عامل توصيل طلبات
محمد حسني - عامل توصيل طلبات

 

 

طار "محمد" فرحًا عندما منحته طبيبة إكرامية جيدة، وعاملته بشكل لائق، شعر وقتها بأنه يؤدي عمله جيدًا، وأن هناك من يقدره ويحترم مكانته كشخص يسعى لكسب قوت يومه من عمل جاد.

 

تحديات العمل 

 

أزعج عامل التوصيل ما فعله معه أحد العملاء، عندما طلب منه توصيل وجبة "إفطار".. وعندما وصل للعمارة وجد المصعد معطلًا، فصعد للدور الـ12 ليسلم الوجبة للعميل، إلا أن المفاجأة كانت عدم وجود "فكة" مع العميل، الأمر الذي اضطر معه "حسني" لنزول الأدوار الـ12 وصعودها مرتين، في ضوء رفض العميل النزول عددًا من الأدوار لملاقاة "حسني"، والحصول على باقي الحساب. 

 

حوادث الطريق 

ويروي "حسني" لـ"بوابة روزاليوسف"، أنه أثناء رحلته لتوصيل أحد الطلبات فوجئ بأن أحد أتوبيسات النقل العام قام بإنزال رجل كبير في السن دون التوقف، ووقتها كان يسير بجانب الأتوبيس، ما تسبب في أنه صدم الرجل الذي هبط فجأة من الأتوبيس أثناء سيره.

 

محمد حسني - عامل توصيل طلبات
محمد حسني - عامل توصيل طلبات

 

إيصالات أمانة 

 

تُلزم المطاعم والشركات الراغبين في العمل معهم على توقيع إيصال أمانة بمبلغ 10 آلاف جنيه لمن يمتلك دراجة "نارية"- موتوسيكل- وإيصال بـ5 آلاف جنيه لمن يمتلك دراجة "هوائية"، بحسب محمد حسني. 

 

ويبين "حسني"، أن بعض المطاعم وشركات الشحن تحرم "الطيارين" من التأمين الصحي والتأمين الاجتماعي، لأنها لا تتعاقد معهم وإنما تعاملهم بنظام الأجر مقابل العمل فقط، الأمر الذي يتسبب في ضياع الكثير من حقوقهم وعدم قدرة عامل التوصيل على التعامل في حال تعرضه لحادث أثناء عمله. 

 

ضحى تدخر ثمن "شاندو"

 

بدأت "ضحى محمد"- ابنة الـ28 ربيعًا- العمل كعامل توصيل منذ 4 أعوام بالصدفة، فقد كانت تعمل سكرتيرة لدى طبيب، إلا أنه سافر، وكان لديها زميلة تقوم بتوصيل طلبات عن طريق مترو الأنفاق، وحدثت لها مشكلة، فحصلت منها على هذه الطلبات وقامت بتسليمها للعملاء.

 

ضحى محمد - عاملة توصيل طلبات
ضحى محمد - عاملة توصيل طلبات

 

أسعدت "ضحى" والدتها، بعد أن نجحت في ادخار ثمن "اسكوتر"، البالغ 22 ألف جنيه، وشرائه لتطلق عليه اسم "شاندو"، لتستخدمه في توصيل الطلبات بدلًا من استخدام المواصلات العامة، وتحمل عناء ثقل بعض الطلبات والسير لمسافات طويلة. 

 

تتلقى "ضحى"، عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي، الطلبات المطلوب توصيلها قبلها بيوم، ثم تقوم باستلامها وتسليمها في اليوم التالي.

 

بددت "ضحى" مخاوف والدتها المستمرة عليها باستمرارها في العمل بشكل آمن وعملها من دون مخاطرة، عبر انتقاء الطلبات التي تقوم بتوصيلها، وكذلك نظرات المجتمع التي كانت تستنكر عملها في هذا المجال دون خوف، مع اقتناعهم بأنه عمل مثل باقي الأعمال، يستهدف صاحبه منه كسب رزقه. 

 

العمل أهم من الزواج 

 

"ضحى" قالت لـ"بوابة روزاليوسف"، إنها رفضت عددًا من الشباب الذين تقدموا لطلب يدها للزواج، لأنهم طلبوا منها التوقف عن العمل في مهنة "الديليفري" بعد الزواج، مبررة رفضها شرطهم؛ لأنهم عرفوها من خلال عملها كـ"ديليفري".

 

حلم ضحى

 

طموحات "ضحى" لا تتوقف، فهي تدخر جزءًا مما تكسبه لرغبتها في شراء سيارة لتستخدمها بديلًا لـ"الاسكوتر" في توصيل الطلبات، وتتمنى أن تتمكن في المستقبل القريب من تأسيس شركة "شحن" تتخصص في توصيل الطلبات، على أن يكون معظم العاملين بهذه الشركة من "الفتيات" والسيدات. 

ضحى محمد- عاملة توصيل طلبات
ضحى محمد- عاملة توصيل طلبات

 

الأمن يبدد مضايقات الشارع

 

تروي "ضحى"، أنها تعرضت لمضايقة من مجموعة من الشباب في سيارة ملاكي، أثناء توصيلها أحد الطلبات في منطقة "حدائق الأهرام"، حيث حاولوا إسقاطها عبر السير أمامها بشكل متعرج، وفي هذه الأثناء وجدت إحدى دوريات الشرطة، فتوجهت نحوها وروت الموقف للضابط المسؤول، إلا أن هؤلاء الشباب لاذوا بالفرار عندما رأوا أنها توجهت لدورية الشرطة.

 

الدفع مقدمًا يؤرق عمال التوصيل

 

أبرز المشكلات التي يُعاني منها عمال التوصيل- بحسب "ضحى محمد"- هو إلزام عامل التوصيل بـ"الدفع المقدم" ثمن الشحنة أو الطلب. 

 

وبيّنت "ضحى" أن سبب هذه المشكلة، هو أن عامل التوصيل قد يتعرض أحيانًا للنصب والاحتيال من بعض العملاء، في ضوء ذهابهم لأماكن بعيدة في بعض الأحيان، وأشخاص لا يعرفونهم.

 

اتحاد العمال يُعلّق 

 

يقسّم مجدي البدوي- نائب رئيس اتحاد العمال- عمال توصيل الطلبات لـ"فئتين"، الأولى هي ذلك الشخص الذي يمتلك مركبة ويعمل لدى صاحب عمل واحد، "يقوم بالتوصيل لمطعم واحد تربطه به علاقة تعاقدية"، ويخضع لجميع أنواع التأمينات "الشيخوخة والعجز والوفاة والمرض والإصابة والبطالة"، حيث يُسدد صاحب العمل حصة تأمينية له. 

 

والفئة الثانية من عمال توصيل الطلبات- بحسب "البدوي"- هي من يمتلك مركبة ويعمل بها حسب الطلب، ويخضع لتأمين العمالة غير المنتظمة، حيث إنه ليس له صاحب عمل ثابت، ويشترك عن نفسه ويُسدد حصة تأمينية لنفسه، ويستفيد من تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة. 

 

وبيّن نائب رئيس اتحاد العمال، أنه منذ نوفمبر ٢٠٢١ صدر قرار رئيس الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي باستفادة العمالة غير المنتظمة لمزايا التأمين الصحي، وفقًا للقرار ١٠٧٢ لسنة ٢٠٢١ بشرط قيامهم بسداد حصة التأمين الصحي ٤%، بجانب اشتراكاته وهي ١٠%، لذا يصبح متمتعًا بالتأمين الصحي.

 

اقرأ أيضا

5 توجيهات من الرئيس السيسي بشأن ثروة مصر الحيوانية ومراكز تجميع الألبان

"سكك حديد مصر" تنشر "فيديو" خاصًا عن قطار تالجو الفاخر

 

لا يفوتك

صرف مساعدات استثنائية بمليار جنية ل ٩ ملايين أسرة

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز