الأربعاء 24 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
بوابة روز اليوسف

كلمة " أب " رغم أن عدد حروفها لا يتجاوز  الحرفين ، لكنها تحمل معانى وقيمة عظيمة تصل إلى أبعد الحدود. وقد وصف الأب بالعديد من الألقاب الكثيرة التي منها أنه العمود الفقري للأسرة وهو أيضا السند ودرع الحماية وهو المثل الأعلى والقدوة وحصن الأمان  وصانع القرارات .... وغيرها من صفات، ولكنني أعتقد أنه لا توجد ألقاب توفيه حقه الحقيقي .

اليوم في التاسع من شهر ديسمبر تهل على أسرتي ذكرى ميلاد أبي رحمة الله عليه ، رغم أنني دائم الدعاء له يوميا في صلاتي بالرحمة والغفران ولكن في ذكرى ميلاده لهذا العام قررت أن أحتفل به بطريقة اخرى على غير المعتاد ، قررت أن أرسل له خطاب يجعلني أتخيل أنني أعيش ولو لحظة معه ، من خلال حوار صامت تسمعه الروح ويشعر به القلب ، اردت أن أقول لك يا أبي :  أنني لم ولن أنساك .

 

ربما لم أشبع من حنانك بالقدر الكافي نظرا لمغادرتك الحياة فى وقت مبكرا بالنسبة لي ، حيث كنت حينها في منتصف العام الدراسي بالصف الثاني الإعدادي ، لكنني لم أنسى يوما طيبة قلبك وحنانك  وعطفك علينا ، وقوة شخصيتك التي كانت الدستور الذي تربينا و نشأنا عليه . 

 

أتذكر عندما غادر أبي حياتنا لم يكن الحزن مقتصرا على أفراد أسرتنا فقط بل امتد ليشمل الجيران والأهل والأصحاب وجميع أفراد العائلة بكافة محافظات مصر ، وبرغم مرور سنوات عديدة على فراقه إلا أن سيرته العطره مازالت تفوح من حولنا بكونها كنز توارثناه نحيا به رافعين الرأس فخورين بأبوته لنا واسمه الخالد طيب الذكر .

 

لقد تعلمت من والدي الكثير من الأمور منها على سبيل المثال : الذكاء فى تربية الأبناء لدرجة أنه كان يشعر كل فرد في أسرتي أنه المفضل والمتميز لديه ، كما رباني على التدين حيث تجد أنه كان كلما زادت الأعباء  والمتطلبات وقست الحياة عليه كان يلجأ إلى الله بالدعاء والتضرع ، كما كان أبي همزة الوصل بين أفراد عائلته حيث كان حريصا على صلة الرحم سواء بالسؤال ، أو بالزيارة وتقديم الدعم  المالي والمعنوي و النفسي  .

 

كما أنه كان يمتلك " كاريزما " مختلفة عن أي شخص صادفته في حياتي ، هو الرجل الصعيدي الشهم صاحب الشخصية القوية والقادر على اتخاذ القرار الصائب في الوقت المناسب ، وفي نفس الوقت كان الرجل الحنون والعطوف على زوجته ، وهو أيضا صاحب الدم الخفيف والقلب الصافي النقي الذي يتمنى الخير للغير و لا يحمل أي ضغينة لأحد  .

 

أما عن إحساس الأبوة لدي فقد ظهر لأول مرة عندما أصبحت خال لأولاد شقيقاتي وكان  شعور جميل ورقيق شعرت وقتها بقيمة المقولة التي تؤكد على أن " الخال والد " ، و لكن الشعور الذي انتابني عندما رزقني الله بأجمل هديتين وهما  بناتي " روفان و سدن "  لا يوصف ، وقتها أدركت وشعرت بالإحساس العظيم الذي كان يشعر به والدي تجاه جميع أبنائه .

 

رحلة "الأب" في الحياة عبارة عن مسيرة من العطاء والتضحية بدون نهاية ، لذلك هو يستحق  التكريم والثناء في كل لحظة سواء وهو على قيد الحياة أو بعد وفاته ، كما أن الاحتفاء  به بمثابة رسالة شكر  لكل الآباء الذين يفنون حياتهم من أجل أبنائهم .

 

أخيرا وليس آخرا يجب على كل من منحه الله والدان على قيد الحياة أن يبرهما ويعطف عليهما كما ربياه صغيرا ، أما إذا كانوا قد توفاهم الله فلا ننساهم فى دعائنا وفى أعمال الخير التي تعود عليهم بالثواب العظيم.  

 

اللهم بارك في صحة وعمر كل أب على قيد الحياة ، واشفي كل أب سكن المرض جسده ، وأرحم كل من توفاه الله من آبائنا.

 

 

تم نسخ الرابط