عمارة الطين في مدينة سجلماسة المغربية
وفيما يخص "العمارة الطينية" في غرب إفريقيا، فإننا سوف نتناول أبرز تلك الخصائص والسمات التي أثرت في طرز العمران، وأثر البيئة الصحراوية. ويمكن القول بأن العمارة الطينية كانت قد اشتهرت في أكثر المدن الأثرية القديمة هناك. وتُعد مدينة سجلماسة من أهم المدن الأثية القديمة في غرب الصحراء الكبرى، وهي تقع في موريتانيا حاليًا.
وقد نالت تلك المدينة مكانة كبيرة بفضل موقعها المهم على طريق التجارة الصحراوية، ورغم تهدم موقعها الأثري حاليا الحلقة الأساسية في تاريخ الصحراء، فالمدينة كانت مركزا جامعاً لكل تقاليد العمارة الطينية،
ولقد ُشيدت تلك المدينة في منتصف القرن 2هـ/8م. وصارت سجلماسة خلال العصور الوسطى أحد أهم المقاصد التجارية وإحدى أهم المحطات التجارية والاقتصادية، كما صارت سجلماسة مركز تجمع كونها ميناء ومخزن تجاري مرتبط بالصحراء، وكانت مركزاً للتجار العرب واليهود، ومحطة تنافس على السلطة بين الإمارات الأمازيغية والعربية في شمال إفريقيا،.
وترك لنا الرحالة والجغرافيون العرب إبان حقبة العصور الوسطى شهادات مهمة حول عمارة الطين في سجلماسة، ومدى انتشارها، حيث كان التجار يمتلكون أحيانًا مساكن مبنية بالطين، أو باللبن، أو بالطابية (وهو ما يعرف بـ"اللبن المدكوك")، وتتجلى العمارة الطينية أيضًا في مدينة سجلماسة من خلال المتون، حيث إن التربة كانت مستعملة في تشييد الأسوار الدفاعية، والمباني العامة لهذه المدينة منذ أنشأها على شكل طابية، أو من الطوب اللبن.
ولقد تم التعرف من خلال الحفريات والتنقيبات الأثرية الحديثة، على منشآت عديدة تظهر جدران وأساسات من الطين، أو من القوالب، أو الكتل الطينية، أو من اللبن، وكذلك كشف عن عناصر بناء شيدت من الآجر، أو أرضيات الطين، هذه العناصر موجودة في كل المستويات الأثرية منذ القرن (8-14م) دون انقطاع تقني واضح.



