شهد الوسط الفني والثقافي إسدال الستار على فاعليات الدورة التاسعة من مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير، والذي تم انعقاده من (١٦- ٢٢) فبراير الجاري وسط حالة من الانبهار والدهشة بما حققه المهرجان من نجاحات متتالية على مدار دوراته السابقة.
رغم التحديات والصعوبات التي واجهت صناع الأفلام القصيرة، خاصة القائمين على هذا المهرجان في البداية، فإنهم استطاعوا أن يصنعوا المستحيل بالصبر والتحدي وبما قدموه من جهود حقيقية استحقوا عليها تقدير واحترام قطاع كبير من صناع الفن والسينما، بالإضافة إلى المجهودات التي بذلوها من أجل النهوض بمستوى المهرجان من المحلية ووضعه على خريطة المهرجانات العالمية.
القصة من البداية تعود إلى نحو عشر سنوات للخلف، من خلال رحلة مليئة بالشغف والحلم والإرادة لمجموعة من شباب سكندريين سعوا إلى تحقيق طموحاتهم وتحويل حلمهم إلى حقيقة على أرض الواقع، من خلال إقامة مهرجان رفع شعار "سينما ببلاش".
بدأ الشباب السكندري طموحاته بإطلاق الدورة الأولى للمهرجان بالجهود الذاتية. كانت الدعاية والإعلان عن المهرجان تتم من خلال الكتابة على ورق أبيض "الكراسة" ويتم توزيعه باليد في الشوارع والمقاهي وإشارات المرور، بالإضافة إلى الكتابة على ألواح كرتونية وتعليقها على جدران المقاهي والكافيتريات لاستقطاب الجمهور لمشاهدة أعمالهم، وكانت الفعاليات تقام بقصور الثقافة وأماكن أخرى قليلة، وكانت الأفلام التي صنعوها هي الأفلام المشاركة بالمهرجان من خلال مسابقة واحدة.
كانت الأمور تخطو خطواتها من أجل تحقيق حلم الشباب الطموح الذين بذلوا كافة جهودهم إلى أن قابلوا المنتج محمد العدل، الذي تبنى الفكرة وهنا تحول الحلم إلى حقيقة، الأمر الذي جعل القائمين على المهرجان يقومون بتقليد العدل منصب "الرئيس الشرفي للمهرجان"، وهنا تطورت الدورات المتتالية للمهرجان بالشكل الذي يليق بمكانته، حيث تم منحه الصفة الدولية من الدورة الثامنة، وازداد عدد المسابقات من مسابقة إلى خمس مسابقات "عربية، ودولية، وأفلام طلبة،......"، كما منحتهم وزارة الآثار المتحف القومي لتنظيم ورش عمل نجحت في جذب صناع السينما من أنحاء مصر سواء في مجال الديكور أو الإخراج أو التمثيل، والذين أصروا على أن يلتقوا الشباب حتى ينقلوا لهم خبراتهم وتجاربهم.
كما نظمت وزارة الثقافة حفل الافتتاح والختام بدار الأوبرا بالإسكندرية، وتم دعوة الضيوف من شتى بقاع العالم بثقافتهم السينمائية المختلفة، شارك بالدورة التاسعة ٨٠ فيلمًا من ٤٦ دولة حول العالم تعرض لأول مرة بالشرق الأوسط في مصر، منها ما حصد جوائز بمهرجانات دولية كبيرة.
كما شهدت فعاليات الدورة التاسعة إقبالًا كبيرًا من الجمهور السكندري على الأفلام المعروضة ورفعت دور العرض شعار "كامل العدد" لجميع العروض الخاصة بالمهرجان. حيث إن القائمين على صناعة السينما منحوهم العرض في "دور السينما والأوبرا" من دون مقابل الأمر الذي جعلهم يغيرون شعارهم من سينما ببلاش إلى سينما لكل الناس.
أخيرًا وبعد كفاح طويل وتحدي الصعاب استطاع هؤلاء الشباب السكندري أن يجنوا ثمار تعبهم.
وعلى الرغم من ذلك لا تزال هناك مشاكل اقتصادية تواجههم منها "التمويل، وارتفاع سعر تذكرة الطيران، والانتقالات، وغيرها من التحديات،..."، ورغم هذا قام أصدقاء هؤلاء الشباب بالتغلب على مشكلة الانتقالات من خلال نقل ضيوف المهرجان بسياراتهم الخاصة من أجل تقليل النفقات.
الجدير بالإشارة أن إدارة مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير تتكون من محمد محمود رئيسًا، وموني محمود للإدارة الفنية، ومحمد سعدون مديرًا، ومنى حجاب مستشارًا إعلاميًا، المهرجان احتفالية سينمائية تقام كل عام، أسسته وتنظمه جمعية دائرة الفن، ويهدف إلى نشر ثقافة الفيلم القصير، وتبادل الثقافات العربية الدولية، تحت رعاية ودعم وزارة الثقافة وهيئة تنشيط السياحة ووزارة الشباب والرياضة.
في النهاية لا يسعني سوى أن أقدم تحية احترام وتقدير لهؤلاء الشباب المبدع، متمنيًا تضافر جهود الجهات المعنية معهم وأن يتم مساندتهم في الدورات القادمة من أجل إثراء الحركة الفنية والثقافية.



