"الأمانة" كلمة واسعة المفهوم، تتميز بتعدد صورها وأنواعها في مناحي أمور حياتنا، كما أنها تشكل دورًا مهمًا في علاقتنا مع الله من ناحية ومع البشر من ناحية أخرى.
وبالرغم من أن عدد حروفها لا يتعدى الخمسة أحرف، لكن لها مكانتها في المجتمع بكونها من أهم الصفات والقيم الأخلاقية المثلى، ويطلق على من يتحلى بها لقب الأمين.
مما لا شك فيه أن الله- عز وجل- أعطى الإنسان الكثير من النعم أمانة لديه، لذا على المؤتمن أن يحافظ على النعم التي وهبها الله تعالى له، فلا يجب أن يتم استعمالها في أمور تغضب الله ولا ترضيه، إذ يوصف كل من لا يحفظ الأمانة ولا يحسن أداءها بالخائن. للأمانة مجالات كثيرة عظيمة الأثر وبالغة الأهمية للفرد كما تعود بالنفع والأثر الطيب على المجتمع، وفي السطور التالية سوف أستعرض جانبًا من أشكال تطبيق "الأمانة" في أمور حياتنا اليومية.
مما لا يدع مجالا للشك أن جسد الإنسان وحواسه "البصر، والسمع، اللمس" وصحته أمانة، الأمر الذي يلزمه ويجبره على ضرورة الحفاظ على تلك الأمانات حتى لا تصاب بالضرر أو الهلاك، كما تعد تأدية العبادات والالتزام بكل معاييرها أمانة بين العبد وربه.
الزواج علاقة لها خصوصيتها وأسرارها التي يؤتمن عليها الزوجان، ولا بد عليهم أن يحرصا على عدم إفشائها للغير، وعلى الزوج أن يعلم أن زوجته أمانة لديه، لذا يجب على الزوجين أن يحسنا ويتقيا الله ويصلحا ذات بينهما.
عندما يهبك الله الأولاد فتربيتهم وتولي أمر رعايتهم مسؤولية كبيرة في عنق رب الأسرة، كما يجب عليك السعي لتنشئتهم تنشئة صحيحة من خلال التقرب إلى الله، وبث روح الانتماء للوطن، والتحلي بالأخلاق الحميدة أمانة عظيمة.
كل من يمتهن مهنة فعليه أن يؤدي عمله بإتقان وأمانة وضمير، وأن يخلص ويراعي الله في عمله، وألا يطمع أحد في ما ليس من حقه، وعلينا الرضا بما قسمه الله لنا من رزق.
شهادة الحق أمانة، فعليك الإدلاء بها كما هي دون تحريف أو زيادة أو نقصان إذا طلبت منك، ولا يجوز الامتناع عنها أو كتمانها مهما كانت التوابع. المعاملات البشرية تحكمها صفة الأمانة في أوقات كثيرة، خاصة في النواحي المالية، ولها صور مختلفة "توزيع الإرث بالشكل القانوني، وإعادة الودائع، وسداد الديون، والرهن عند المرتهن"، كما أن تنفيذ الوصية والولاية بالشكل المشروع الذي يرضي الله هي أمانة في عنق القائم عليها.
"الأمانة" صفة وقيمة أساسية وجزء أصيل دعت إليه جميع الشرائع السماوية، خاصة الدين الإسلامي، في كتاب الله الكريم قال تعالى: "فإن أمن بعضكم بعضًا فليؤد الذي اؤتمن أمانته" (سورة البقرة)، وفي سورة المؤمنون.. "والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون".
وفي حديث صحيح.. قال أنس بن مالك: ما خطبنا رسول الله- ﷺ- إلا قال: "لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له". وقال أبو بكر الصِّديق رضي الله عنه: "أصدق الصِّدق الأمانة وأكذب الكذب الخيانة".
وفي النهاية أتمنى أن نتحلى بهذه الصفة الإنسانية الجليلة، فهي تاج فوق رأس صاحبها الذي يتميز بها عن غيره، وهي تزيد من روابط الطمأنينة والثقة وتنشر المحبة والسلام بين البشر بكافة طوائفهم. من منا لا يعرف أن الأمانة صفة اتصف بها الأنبياء والرسل، وعليك يا حافظ الأمانة أن تحرص على أداء واجبك بعيدا عن الكذب والنفاق والخيانة، وإن لم تصل الأمانات إلى أصحابها كما يجب أن تكون.. فسكة الندامة هي الجزاء لمن خان الأمانة.



