شهدت الخريطة البرامجية لشهر رمضان المبارك العديد من الأعمال الفنية التي يتم عرضها على القنوات الفضائية الآن، منها: الدرامية والوطنية والاجتماعية والكوميدية والتعليمية الموجهة للأطفال والدراما الشعبية، والبرامج الترفيهية، بالإضافة إلى الإعلانات المتنوعة التي اعتمدت في غالبيتها على جذب نجوم الصف الأول في عالم التمثيل والغناء.
والجاذب للانتباه هو أن الدعاية الاستباقية القوية للدراما الرمضانية والإعلانات التي تصدرت كافة الفضائيات التي حصلت على حق العرض، أوحت للجميع وجعلت الكثير من المشاهدين يتوقعون موسما دراميا استثنائيا، خاصة بعد الإعلان عن عودة الدراما التاريخية والدينية واستمرار عرض الأعمال الوطنية، وما تضمنته "البروموهات" من عوامل نجاح مختلفة من نجوم وإمكانيات إنتاجية هائلة سعت لجذب الانتباه إليها.
رغم أن تقييم العمل الفني من الحلقات الأولى غير منصف ودقيق إلا أنه على مدار الحلقات المتعاقبة أكدت المؤشرات الأولية وضوح الرؤية مبكرًا. وبعد أن اشتدت المنافسة والسباق بماراثون الدراما الرمضانية نجد أن بعض الأعمال الفنية لا تمتلك الورق "السيناريو والقصة"، وأخرى كانت سببا في إعادة اكتشاف نجوم من جديد، بينما هناك أعمال كتبت نجاح نجوم استطاعوا أن يحفروا أسماءهم بأحرف من ذهب في سوق الدراما بشكل عام والرمضانية بشكل خاص، في حين نجد أعمالًا ليس لها طعم ولا رائحة، لكنها تعافر من أجل البقاء والتواجد فقط رافعة شعار "يكفينا شرف المشاركة".
مما لا شك فيه أنه الطبيعي والمعقول أن الدراما التليفزيونية عامة والرمضانية خاصة لها معايير وضوابط، بكونها تطل على الأسرة بكل فئاتها الاجتماعية والعمرية من خلال النافذة الكبيرة "شاشة التليفزيون".
ورغم ذلك شهد عدد من الأعمال الدرامية عدم الالتزام بآداب القواعد العامة ووجود تجاوزات مختلفة منها "العنف بكافة أشكاله، وتجارة المخدرات والممنوعات، والألفاظ النابية والجريئة"، وغيرها من مصطلحات وسلوكيات غريبة لا تناسب الأسرة المصرية وعادات وتقاليد المجتمع الشرقي، والغريب أننا نلاحظ إقحام مشاهد من أجل الإثارة وجذب الانتباه دون إضافة حقيقية لمجريات السياق الدرامي.
سقطات وأخطاء وقع فيها صانعو الأعمال الدرامية سواء عن عمد أو دون قصد، منها الاهتمام والسعي إلى إنجاح بطل العمل على حساب العمل ككل، بالإضافة إلى أن معظم المسلسلات التي تتحدث عن الصعيد بها أخطاء في اللهجة الصعيدية وتستخدم مصطلحات ليس لها علاقة من قريب أو بعيد بحياة أهل الصعيد. كما أن الإفراط في الإيفيهات وسطحية الكتابة بمسلسلات أخرى ساهمت في تراجع ملحوظ للأعمال الكوميدية، بالإضافة إلى التطويل والحشو والمط دون مبرر أو هدف درامي حقيقي.
نسب المشاهدة ليست المقياس الوحيد للحكم على العمل الفني بالنجاح أو الفشل، قد تجد أعمالا فنية دون المستوى إلا أن نسبة المشاهدين والمتابعين لها كبيرة جدا، والسبب يرجع إلى شعبية بطل أو بطلة العمل وليس إلى العمل ككل، هنا نجد أن آليات التقييم ومؤشرات النجاح لأي عمل فني تكون مختلفة المقاييس.
في النهاية كل منا له رأي ومنظور خاص به، لذلك تختلف الآراء، والجمهور هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة، المشاهد الآن أصبح ذواقًا وعاشقًا للفن ويستطيع أن يميز العمل الفني الذي يشبع رغباته الفنية والثقافية عن غيره. كما أتمنى من القائمين على الدراما خاصة التي تعرض في شهر رمضان، أن تتم مراعاة اختيار الأعمال التي تناسب الشهر الفضيل "شهر الرَّحمة والغفران والخير والقرآن" من خلال زيادة الوعي ونشر النماذج الإيجابية وترسيخ القيم الأخلاقية فضلا عن تعزيز روح الانتماء والوطنية.
أخيرا وليس آخرا أتمنى أن نشاهد المواسم القادمة المزيد من الأعمال الفنية الدينية والتاريخية والاجتماعية لما لها من أهمية كبيرة من خلال الدور الذي تلعبه في تشكيل وبناء الوعي والمسؤولية الاجتماعية، بالإضافة إلى عودة فوازير رمضان مرة أخرى بعد غياب دام سنوات.



