في البداية هناك لغط وخلاف حول وجود فرق بين مفهوم العامل والموظف، فهناك من حصر كلمة الموظف على من يعمل بالقطاع الحكومي أو بالعمل المكتبي "الإداري"، بينما العامل هو من يعمل بالقطاع الخاص أو من ينجز عمله بيديه "الصناعي".
لكن في الحقيقة المصطلحان يعتبران انعكاسًا لمفهوم واحد، فالكل يسند له وظيفة "مهمة عمل" ويتقاضى أجرًا ماليًا "يوميًا أو أسبوعيًا أو شهريًا" متفقًا عليه مسبقًا، سواء بعقد أو شفهيا، مقابل إنهاء العمل أو المهمة المكلف بها، والتي يجب أن يؤديها على أكمل وجه وبصورة ترضي وتناسب صاحب العمل أو المؤسسة التي يعمل بها، "العامل كل من يعمل لقاء أجر لدى صاحب العمل".
تقديرًا لجهود العمال ودورهم في دفع عجلة التنمية والإنتاج، وكونهم الركيزة الأساسية للعمل والبناء والانطلاق نحو التطوير والتنمية الاقتصادية المرجوة، بالإضافة إلى كونهم الثروة الحقيقية لكل دولة تسعى إلى التعمير، لذلك يحتفي العالم في أول شهر مايو من كل عام باليوم العالمي للعمال "عيد العمل".
جاءت قرارات الرئيس عبد الفتاح السيسي في "عيد العمل"، لكي تؤكد للجميع أن العمال على رأس اهتماماته وأولوياته، كما أعلن الرئيس حزمة من الإجراءات التي أثلجت صدور العمال، خاصة العمالة غير المنتظمة، جاء ذلك في إطار احتفاء وتقدير هيئات ومؤسسات الدولة للدور الذي يقوم به العامل في بناء الجمهورية الجديدة.
مما لا شك فيه أن العمل له قيمة عظيمة لدى كل إنسان، ويعد الوسيلة الرئيسية التي تؤمن للعامل وأسرته الحياة الكريمة، بالإضافة إلى فوائده المتعددة، منها على سبيل المثال لا الحصر: أن العمل يقوم بمكافحة الفقر، ويساهم في تحسين الإنتاج المحلي والصناعة الوطنية، ويزيد من مهارات وإبداعات وقدرات العامل ويعزز من الثقة بالنفس، ويحقق مبدأ التكافل الاجتماعي بين أبناء المجتمع، كما ينمي العلاقات الإنسانية من خلال التعاون والمشاركة، ويلعب دورا مهما في القضاء على البطالة ومعدل الجريمة بالمجتمع.
ولقد حثنا الله تعالى في كتابه الكريم على السعي إلى العمل الصالح والرزق الحلال، قال تعالى "من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون" سورة النحل.
وفي سورة الكهف قال جل جلاله: "فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا".
وفي الأحاديث النبوية الشريفة قال رسول الله- ﷺ- "ما أكل أحد طعامًا خيرًا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده"، وفي حديث آخر.. عن عائشة رضي الله عنها، قال رسول الله ﷺ: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه".
الجدير بالإشارة أن الاحتفال بالعيد العالمي للعمال في أول مايو من كل عام، تشرف عليه الجهات المعنية بالدولة منها النقابات والاتحادات النقابية، وتحول هذا اليوم في بلدان كثيرة إلى عطلة رسمية، وتعود أصول هذا التاريخ إلى اتفاقية لاتحاد العمل الأمريكي عام ١٨٨٥م، والتي أصدرت قرارًا يدعو إلى اعتماد ثماني ساعات في اليوم اعتبارا من ١ مايو ١٨٨٦م، حيث طالبوا فيه بتحديد عدد ساعات العمل تحت شعار «٨ ساعات عمل، ٨ ساعات نوم، ٨ ساعات فراغ للراحة والاستمتاع» الأمر الذي أغضب السلطات وأصحاب المعامل خاصة أن الدعوة للإضراب حققت نجاحًا جيدًا وشلت الحركة الاقتصادية في المدينة. ومن هنا تحول يوم ١ مايو من كل عام إلى ذكرى لإحياء النضال من أجل الثماني ساعات في اليوم، وفي هذا الصدد يسمى الأول من مايو بالعطلة الدولية لعيد العمال، أو عيد العمل.
وأخيرًا وليس آخرا، على كل عامل أن يؤدي عمله بإتقان ويعرف ما له من حقوق وما عليه من واجبات، وأن يراعي ضميره في إنجاز المهمة المكلف بها بالشكل الذي يرضي الله، كما يجب عليه أن يسعى إلى تطوير مهاراته وقدراته العملية والعلمية لكي يواكب عصر التكنولوجيا الحديث ونحقق التنمية لمصرنا الحبيبة. كل عام والأيدي العاملة "الشقيانة" بخير واستقرار ونجاح دائم.



