الزواج هو عقد اتفاق بين الزوج والزوجة على بناء حياتهما المستقبلية من خلال عدة أسس، هي: الحب والاحترام والمودة، وفقًا للشرائع السماوية التي ينتميان إليها.
رغم الدور الذي تقوم به الدولة المصرية عامة، ومؤسسات المجتمع المدني خاصة، في نشر الوعي بين المقبلين على الزواج، من خلال تدشين وتنفيذ المبادرات الرئاسية والقومية التي تصب في صالح الشباب من الجنسين بكافة محافظات الجمهورية، على سبيل المثال لا الحصر مبادرة "مودة" التي تتضمن لقاءات وندوات توعوية وتثقيفية للمخطوبين والمتزوجين حديثًا، لتأهيل الشباب المقبل على الزواج وإعدادهم لبدء حياة زوجية ناجحة بالشكل الذي يضمن استمرارها على الوجه الأكمل دون مشاكل أو متاعب مستقبلية، ما زال العديد من الشباب المقبل على الزواج يصطدم بالعديد من التحديات والصعوبات "الاقتصادية، والاجتماعية، والنفسية" التي قد تساهم في تأجيل فكرة الزواج أو إلغائها من الأصل، والغريب أنه يوجد من بين هذه المشاكل والصعوبات ما يسهل التغلب عليه لكونها من صنيعة الأهل "عادات وتقاليد" ومنها: المغالاة في المهور والطلبات، قيمة المؤخر، قائمة المنقولات، الشبكة وغيرها من متطلبات تمثل أعباء مالية من الممكن الاستغناء عنها ووضع بديل مناسب لها.
الجدير بالإشارة أن مشروع "مودة" تابع لصندوق هيئة الأمم المتحدة، وتبناه رئيس الجمهورية ووزارة التضامن الاجتماعي عام ٢٠١٨، وتم تنفيذ وانطلاق المبادرة بداية من عام ٢٠١٩، من خلال تنظيم لقاءات وجلسات حوارية لتثقيف وتوعية الشباب المقبلين على الزواج، بهدف الحفاظ على كيان الأسرة المصرية والحد من نسبة الطلاق.
يتضمن مشروع "مودة" جوانب وخطوات استباقية لموعد الزفاف، ومنها الجانب الصحي والطبي الذي يشمل القيام بعمل فحوصات ما قبل الزواج والكشف عن الأمراض الوراثية، بالإضافة إلى التطرق نحو الجوانب النفسية والدينية والاجتماعية وشرح مفهوم الزواج، وما يترتب عليه من معرفة كل طرف حقوقه وواجباته.
كما تستعرض المبادرة أساليب وفنون التعامل بين الزوجين ومعايير اختيار شريك الحياة المناسب، بالإضافة إلى كيفية مواجهة الظروف والمشاكل الحياتية التي قد تواجههم في المستقبل، وكيفية تخطي تلك التحديات وتذليل العقبات والصعاب التي من الممكن تجاوزها، فضلا على وضع حلول تناسب وترضي الطرفين، وذلك من أجل الحد من ظاهرة الطلاق التي تتفشى بشكل كبير عامًا تلو الآخر، بالإضافة إلى حل مشكلة العزوف عن الزواج. يحزنني عندما أقرأ أو أسمع قصة حب بين زوجين جمعتهما مواقف وذكريات جميلة أن تنتهي بشكل لا يليق ببداية العلاقة التي كانت تربط بين الطرفين، والمؤسف أن تلك القصص تتحول إلى حكايات مأساوية بين أروقة المحاكم وأقسام الشرطة، وفي النهاية يكون المجني عليه "الأطفال" الذين يدفعون ضريبة هذه المشاكل وتتأثر بها حياتهم المستقبلية، فإذا انتهت الحياة بينكما عليكما أن تخرجا منها بالتراضي حتى لا يصبح أولادكما الضحية.
دعت الرسالات السماوية كافة إلى حياة زوجية مستقرة وهادئة يملؤها الحب والاحترام المتبادل والعشرة الطيبة، لهذا ينبغي أن يتأنى كل طرف في اختيار شريك حياته الذي يناسبه من كافة الجوانب، يقول الله عز وجل في كتابه العزيز: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" [سورة الروم (اية ٢١)]، وفي حديث صحيح قال رسول الله ﷺ "تنكح المرأة لأربع: مالها، وجمالها، وحسبها، ودينها؛ فاظفر بذات الدين تربت يداك"، اللهم ارزق كل شاب زوجة صالحة وكل فتاة زوجًا صالحًا وألّف بين قلوبهم وارزقهم الذرية الصالحة واحفظهم بما تحفظ به عبادك الصالحين.
في النهاية يجب على كل زوجين أن يراعيا الله في معاملة بعضهما البعض، وأن تكون المصارحة والوضوح والمكاشفة وحفظ أسرار الحياة الزوجية هي أهم بنود قانون التعامل فيما بينهم، وأن تكون المودة والرحمة والإخلاص هما دستورهما في حياتهما، وذلك من أجل بناء جسر من التواصل الإيجابي بينهما، وتنشئة أجيال صالحة في مناخ صحي جيد.
ونصيحتي لأسر وعائلات العروسين هي أن الحديث عن قيمة مؤخر الصداق، وقائمة المنقولات هما بمثابة اتفاق على الطلاق وليس الزواج.



