نائب رئيس جامعة الأزهر: الإسلام أوجب احترام البيئة وحذر من العبث بها
أكد نائب رئيس جامعة الأزهر الدكتور محمود صديق أن ديننا الحنيف أوجب احترام البيئة وحذر من العبث بها، فلم يكن الإسلام يومًا ما حائلًا بين الإنسان ومتاع الدنيا، وإنما منهجه يقوم على الحفاظ عليه، ومن هنا كان نهي القرآن صريحا جليا حيث يقول ربنا -سبحانه وتعالى- (كُلُوا وَاشْرَبُوا مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ) .
جاء ذلك خلال كلمة نائب رئيس جامعة الأزهر اليوم :/الثلاثاء/ في افتتاح الملتقى البيئي العاشر لجامعة الأزهر تحت عنوان (من أجل المناخ.. إفريقيا في القلب) والذي حضره وكيل الأزهر الشريف الدكتور محمد الضويني نائبًا عن فضيلة الإمام الأكبر، ووزير الشباب والرياضة أشرف صبحي، ووزيرة التضامن الاجتماعي نيفين القباج، ورئيس جامعة الأزهر سلامة داوود .
وقال صديق إن البشرية مهما بلغت من مكانة وسطرت من ابتكارات وإبداعات، فإنها لم ولن تنعم بحياة آمنة دون أن تعود إلى أخلاقيات الكون التي تضمن الأمان للجميع، ليعلموا أن القرار الفردي في الحفاظ على البيئة جزء لا ينفكُّ عن القرارات الدولية، وكلاهما رهينة أساسية لقاعدة الاستخلاف في الأرض وإعمارها.
ورأى صديق أننا أمام أزمة كونية قاسية لم تعد تتحمل أن نقف أمامها موقف المتفرج بعد أن سمع الجميع صيحاتها تدق كل نواقيس الخطر، وتطرق أبواب أصحاب القرار في عالمنا المعاصر لأن يكون مشكاة نجاة لأنفسهم قبل بيئتهم، متابعا "إذا كنا بصدد التذكرة بما أكده الفلاسفة على مرّ الأزمنة من أن المسؤول الأول عن هذه الكوارث هو الإنسان، فمن باب أولى أن يكون هو ذاته المسؤول على الأقل من تخفيف حدتها".
وقال إن جامعة الأزهر العريقة قدمت دورا علميا ومشاركة فاعلة في مواجهة هذه الأزمة العالمية، بدءًا مما عقدته من ملتقيات ومنتديات بلغت نحو 10 ملتقيات بعد الانتهاء بفضل الله من هذا الملتقى، ثم بتوجيهات من فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر بالاستجابة العاجلة لكل مشاركة محلية ودولية من شأنها أن تسهم في تقديم حلول ناجعة لعبور هذه الأزمة.
وأضاف أن جامعة الأزهر شاركت بمؤتمر التغيرات المناخية الذي نظمته الأمم المتحدة واستضافته مصر في مدينة شرم الشيخ في نوفمبر ٢٠٢٢؛ حيث تقدم مكتب الابتكار وريادة الأعمال بجامعة الأزهر بعدد من المشروعات البحثية التطبيقية في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة وتكنولوجيا معالجة وتنقية المياه، إلى اللجنة التي شكلتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي للتحكيم من خلال الخبراء المتخصصين لتحديد واختيار المشروعات التي سوف يتم مشاركتها للعرض بجناح الابتكار الأخضر بالمؤتمر بمشاركة نحو ٤٠ جامعة حكومية وخاصة بـ٤٦١ مشروعا بحثيا تطبيقيا ليقع الاختيار على ٢٤ مشروعا فقط لهم أحقية المشاركة بالمؤتمر كان من بينها جهاز معالجة مياه الصرف الصناعي باستخدام التكنولوجيا الخضراء الصديقة للبيئة والذي تقدمت به جامعة الأزهر.
وأشار إلى أن وفدا من جامعة الأزهر قام بالمشاركة في مؤتمر الأطراف (COP27) والتأكيد على مجموعة من الحلول العلمية والواقعية لتجاوز هذه الأزمة الكونية وتداعياتها على الجيل الحالي والأجيال القادمة.
وأوضح نائب رئيس جامعة الأزهر أنه وفقًا لاستراتيجية جامعة الأزهر خلال السنوات الماضية نظمت الجامعة نحو 9 ملتقيات علمية، ففي عام 2017، وتحت رعاية رئيس الوزراء وفضيلة الإمام الأكبر أطلقت الجامعة المؤتمر العلمي الدولي الأول للبيئة والتنمية المستدامة وخدمة المجتمع بعنوان «الطاقة..حق ومسؤولية»، حيث شهد المؤتمر حضورًا واسعًا وجلسات علمية ونقاشية لأبحاث علمية متنوعة فاعلة بمشاركة خبراء ومتخصصين في علوم البيئة والطبيعة.
وتابع: "في العام التالي ومع اهتمام الجامعة للتحرك نحو تصنيع مستدام يقوم على نهج شامل وقائم على النظام المتكامل لكيفية الاستخدام الأمثل للموارد، عقدت الجامعة مؤتمرها العلمي الدولي الثاني للبيئة والتنمية المستدامة بعنوان: «مواردنا .. حياتنا».
وقال إن الجامعة أطلقت منتدياتها الدولية التي انعقدت خلال الأعوام السابقة، ومنها نقطة مياه تساوي حياه 2019م، والتكيف والتخفيف 2022، و المنتدى الحواري الأول للقضايا المجتمعية 2022، وغيرها.
وأضاف أن هذا الجهد إنما يأتي انطلاقًا من الدور الإقليمي لجامعة الأزهر لتعزيز جهود الدولة المصرية في مواجهة القضايا المحلية والعالمية، حيث استهدف المؤتمر تبني سياسات وآليات التنفيذ لمواجهة هذه التغيرات وفقًا لرؤية مصر 2030 في جانب الأمن البيئي.
وطرح مجموعة من المحاور المهمة ليتم مناقشتها في جلسات هذا الملتقى الذي تستمر فعالياته على مدار ثلاثة أيام متتالية، يشارك فيها خبراء ومتخصصون لوضع "روشتة" عاجلة، وهي التنمية الاقتصادية وبناء المرونة للعمل المناخي، والحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، ودور الجامعات في التحول العالمي نحو الاقتصاد الأخضر ، وحشد التمويل العالمي للتكيف والمرونة، والمساهمات الطلابية في المشروعات الخضراء، معربا عن أمنياته بأن يثمر هذا الملتقى عن مجموعة من التوصيات التنفيذية المهمة لتكون شعاع نور جديد، وبريق أمل تطمئن له القلوب وتأنس به النفوس.



