إسرائيل هى أخطر أعداء اليهود
طالبت حكومة إسرائيل شباب اليهود فى العالم بأن يتركوا بلادهم وأعمالهم ويهرعوا إليها ليقوموا فى مختلف المرافق والمصانع والحقول والمواقع بأعمال الشباب الإسرائيليين الذين انضموا إلى الجيش منذ إعلان التعبئة العام!
ولأن كثيرا من شباب اليهود فى العالم لم يقتنعوا بنداءات الحكومة الإسرائيلية، ولأنهم رفضوا الولاء المزدوج لبلادهم الأصلية ولإسرائيل واختاروا أن يخصوا أوطانهم بالولاء، ولأنهم رفضوا أن يخدعوا مرة أخرى، وأنهم يقاومون وصمة الانضمام إلى جيش يطلق على نفسه جيش الدفاع، وهو منذ وجد يمارس العدوان على أرض الغير وحقوقه ويقترف من الأعمال الوحشية ضد المدنيين ما يثير الاشمئزاز، ولأن إسرائيل بعد استمرارها فى سياسة العدوان والاغتصاب وتحدى القرارات الدولية وإهدار العدالة وآمال الشعوب وتمزيق حقوق الإنسان.. لأن إسرائيل لم تعد بعد هذه السيرة القذرة فى المجتمع الدولى تستطيع أن تقنع أحدا مهما تكن غفلته بأنها تدافع عن أمنها الخاص ضد ما تزعمه أعداء يحيطون بها.. من أجل ذلك كله، لم يستجب لنداءات إسرائيل غير مئات متناثرة قليلة من شباب اليهود.. لعلهم من هؤلاء الأفراد المتصعلكين على أرصفة أوروبا من نفاية المجتمع الرأسمالي، من الذين فقدوا الثقة فى الحياة والإنسان وسحقتهم البطالة والصدمات والمخدرات وأصبحوا مستعدين أن يتحولوا إلى سفاحين محترفين أو إلى مرتزقة يبيعون أجسادهم لمن يدفع الثمن.. فهم لا يجدون فى غير الدعارة طريقا لكسب العيش ومازل فى عالمنا على الرغم من كل تقدم لسوء الحظ عديد من الذين يبيعون كل شىء لمن يدفع أكثر!
من الحق أن إسرائيل قد استعانت فى أواخر أيام حرب أكتوبر بهذا الصنف الضائع المباع من السفاحين المحترفين، محاولة بهم أن تعزز عملية التسلل.. وهؤلاء المحترفون مهما يكن تقدمهم فى حرفة القتل واستعمال أحداث أدوات الدمار التي أغدفتها أمريكا على إسرائيل بغير حساب وربما بغير طلب.. هم مهما يكن من أمرهم لا يدافعون عن قضية يؤمنون بها، وليس لهم هدف يستعدون لبذل الحياة فى سبيله.. ولكنهم مرتزقة يبيعون قدراتهم على القتل فى أرض لا يعرفونها ولا تعرفهم ولا تربطهم بها آمال أو مودات أو ذكريات! هم مرتزقة من السفاحين المحترفين اليهود.. يبيعون أنفسهم كالساقطات فى أسواق النخاسة.. لمن يدفع أكثر!
وهم من أجل ذلك عار عصرنا، عار حضارتنا، عار أمريكا و إسرائيل واليهود جميعا!
وستظل الإنسانية ملطخة بالأوحال مما يفعله هؤلاء السفاحون المحترفون من جرائم وتدمير.. ولكن حكومة إسرائيل لا تستطيع أن تلطخ الإنسانية كلها بالوحل.. ولا يمكن أن تدمغ كل يهود الأرض بوصمة العار آخر الدهر!
وإنه لمما يستعيد الثقة بالإنسان حقا وبأنه مازال قادرا على أن يجعل الحياة أجمل مما هى، أن يرفض شباب اليهود وفى أوروبا استنفار إسرائيل، وأن يستمسكوا بولائهم لأوطانهم، وأن يدينوا السياسة العدوانية والسلوك المتوحش، وأسلوب الابتزازز والاغتصاب، وكل ما تقوم عليه سيرة حكام إسرائيل!
إن اليهودى إنسان.. يجب أن يتطهر من اللعنة التي تستجلبها عليه حكومة إسرائيل! فسياسة العسكرية الإسرائيلية تريد من كل يهودى فى الأرض، أن يتجه إليها أولا بالولاء.
وهى بهذا تصمه أول ما تصمه بالخيانة الوطنية للدولة التي ينتمى إليها!
والعسكرية الإسرائيلية تطالب كل يهودى فى الأرض، بأن يبادر إلى مساعدتها وإلى الانضمام إلى جيشها أو بالقليل بأن يعمل مكان المجندين، دعما لكيان الدولة الإسرائيلية التي تشن حروب عدوان وتتمسك بالاستيلاء على أراضى الآخرين بالقوة لأنها هى الدولة التي تزعم أنها تمثل شعب الله الذي يجب أن يكون مختارا فوق كل الشعوب أحل له بعض الذي حرم على غيره!
وهعى بهذا تشوه صورة اليهودى، وتجعله كائنا آخر غير الإنسان.. كائنا متسلطا ضيق الأفق مصاص دماء، متخلفا من بقايا الهمجية الأولى مهما يتح له من تقدم علمى!
غير أن حكومة إسرائيل بهذا السلوك إنما تثير التعصب الدينى البغيض، وتشعل فى العالم كله فتنة هوجاء.. وتؤجج العداء الجنونى لليهودية والسامية، وتبرر للنازية وحشيتها ضد اليهود.. وهى بسياستها إنما تفرض على الناس تلك الصورة البغيضة لليهود التي لفقها كتاب بروتوكولات حكماء آل صهيون والتلمود! وهى.. إنما تعزل كل يهودى داخل وطنه فى محيط من الزراية والعداء والشكوك!
وهى بسياستها العدوانية ووحشية، سلوكها وإصرارها على انتهاك العدل وإثارة التوتر، وتحدى المجتمع الدولى وتلطيخ الإنسانية بالوحل.. إنما تطرح الوجود الإسرائيلى نفسه للتساؤل؟
لماذا يبقى تجمع كهذا فى المجتمع الدولى إذا كان كل دوره هو العدوان والابتزاز والتخريب والانتهاك ودفع العالم إلى الهاوية!
من أجل ذلك فهى مسؤولية اليهود الذين يرفضون هذا الهوان، أن يسحقوا المؤسسة العسكرية والدوائر الحاكمة فى إسرائيل بكل تعصبها وهمجية أساليبها وأكاذيبها، إنها لمسؤولية كل يهود العالم، كل يهود إسرائيل الذين يفضلون الحياة فى سلام على الموت فى العار، إنها لمسؤوليتهم أن يحرروا أنفسهم والإنسانية من همجية حكامهم، وأن يقضوا على الطبقة الحاكمة فى بلادهم، وعلى قيم هذه الطبقة!.. يجب ألا يسمحوا للرأى العام الإسرائيلى بأن يقع ضحية لمزايدات تجار الحروب وصناع الموت والدمار، فلئن نجحت مزايدات سماسرة الموت فى تضليل الرأى العام الإسرائيلى، وإن ملأوا صدور بسطاء الناس بأوهام الأمجاد العسكرية وزيف الانتصارات واغتصاب حقوق الآخرين.. إنها للكارثة! ولا أمن لأحد فى إسرائيل!
ولا ريب أن بسطاء الناس فی إسرائيل لا يريدون أن يعيشوا على أشلاء غيرهم.. ولا ريب أن بنات إسرائيل يشعرن بالزراية وبالهوان وبالعار إن عر فن أن المجندات الإسرائيليات كن يلتمسن يلتمسن كل أنواع اللذاذات بقتل الشباب من العرب وهم عراة!
هذا كله شائن وزرى.. ويجب أن تتخلص منه إسرائيل فهو وصمتها!
يجب أن يعتنق الرأى العام فى إسرائيل سياسة أمن قائمة على احترام الإنسان واحترام حقوق الآخرين، وحرياتهم وإلا فلا أمن لإسرائيل!
ويجب أن يناضل الرأى العام الإسرائيلى فى سبيل وجود أوفر كرامة وأمنا.. وإثارة لاحترام الآخرين!
ولابد أن البسطاء من الرجال والنساء فى إسرائيل يدركون أن إثارة التعصب الدينى إنما هو انتهاك لكرامتهم وتهديد لأمنهم! فليدركوا إذن أن القدس تضم مقدسات الديانات الثلاثة، وأن تمسك إسرائيل بجعلها عاصمة لها إنما ينبع من ذات السياسة العدوانية المتعصبة القائمة على الاغتصاب.. لقد احترم العرب دائما حرية العبادة.. وضمنوا عبر القرون أمن الحجاج.. وحتى عندما أغار الصليبيون ليستولوا علی القدس تحركهم قيم عدوانية تنتمى للعصور الوسطى، قاومهم العرب جميعا من مسيحيين ومسلمين.. ولقد كان من أبرز قواد صلاح الدين قواد مسيحيون مصريون وسوريون وهؤلاء جاهدوا بالنفس والمال حتى حرروا القدس واستردوا لها عروبتها.
وإذن.. فلماذا تحرم القدس من عروبتها اليوم؟ لماذا يجب أن يحكمها اليهود دون المسيحيين والمسلمين؟!
لماذا؟!
كفى إثارة للنعرات الطائفية المزرية..
كفى امتهانا للإنسان..
كفى انتهاكا لحقوق الشعوب..
كفى اغتصابا لأرض الغير..
كفى وحشية!
فليدرك شعب إسرائيل أن ثورة التحرير العربية إنما هى ثورة تحرير له من نير المتعصبين وتجار الموت وسماسرة الحروب.. وهی تطهير له مما يلحق به من وصمات.. فلنضرب معا إذن.. كل فى ميدانه لنحرر المستقبل من أعداء الحياة.. وإلا أتت النار على كل شىء.. على خضرة الحياة والزيتون!
صباح العدد 934



