الاتفاقية الجديدة وانتصارات أكتوبر المجيد
اليهود الذين هنأوا سفير مصر بانتصار أكتوبر نظرية الأمن الإسرائيلي.. النظرية والواقع دهش السفير عندما وجد كل الزوار الذين طلبوا مقابلته من اليهود.. وكانت دهشته أكبر عندما وجدهم جميعًا يتكلمون العربية.. فقد كانوا في الأصل يهودًا مصريين خرجوا من مصر في أعوام 48- 49- 56- 57. ولكن كانت المفاجأة أكبر عندما استمع السفير إلى ما جاء هؤلاء اليهود يقولون له. إنهم يهود في بلد أوروبي غربي والسفير. هو السفير المصري في ذلك البلد.. والزمان بعد حرب أكتوبر ببضعة أيام. لقد جاءوا لتهنئة مصر في شخص سفيرها بنجاح الجيش المصري ضد إسرائيل في حرب أكتوبر!! وقال السفير في حذر: > ولماذا أنتم سعداء بهذا النجاح؟ أجابوا: - لأنهم «أي الصهاينة» دائمًا يبتزون منا التبرعات.. سيكفون أيديهم عنا الآن إذ ليس لهم «عين» يطالبوننا بشيء! وأضاف واحد منهم:- إن أمن إسرائيل قد كسر، ولا يجرؤ أحد الآن أن يضغط علينا لنذهب إلى إسرائيل لنعيش هناك! كانت هذه الصورة بعد انتصار أكتوبر وهي صورة تغني عن كل تعليق. > ولقد قيل كلام كثير عن أن واحدًا من أبرز نتائج حرب أكتوبر المجيدة هو تحطيم نظرية الأمن الإسرائيلية، وهو ما عبر عنه ذاك اليهودي في حديثه مع السفير المصري «أن أمن إسرائيل قد كسر». > ما هي نظرية الأمن الإسرائيلي؟ في الأصل أن إسرائيل تقوم على اغتصاب أرض عربية لم نمكن نملكها.. ليس هذا فحسب بل إنها قائمة على التوسع في اغتصاب المزيد من الأرض.. لتحقيق حلم إسرائيل الكبرى. ومن الطبيعي أن إقامة مثل تلك الدولة الكبيرة من العسير تحقيقه فوق شريط ضيق من الأرض أي أرض فلسطين التي تقوم عليها إسرائيل الآن، بل لا بد من التوسع في مزيد من الأرض! وهذا التوسع لا بد من تأمينه أي حمايته ناهيك عن تأمين الاغتصاب الأصلي ذاته. ولما كان الاغتصاب قد تم لأرض عربية ولما كان التوسع لا مجال له إلا في أرض عربية أيضًا فإن التأمين ضد العرب. والتأمين يعتمد على القوة العسكرية الرادعة.. على قاعدتين أساسيتين: التفوق الجوي.. والمدرعات التي يصفون رجالها في إسرائيل بالصفوة ومطلوب من هذين السلاحين أن ينهيا الحرب في أقصر فترة ممكنة وتحاشي مجابهة العرب مجتمعين.. ويستدعي ذلك الاعتماد على تحالف مع دولة استعمارية كبرى مقابل تأدية خدمات أساسية لها. ولا بد لذلك التأمين للأرض من حدود واقية على الأرض.. فما هي الحدود الآمنة في نظر القيادة الصهيونية؟ إنهم يعملون على الاستيلاء على أرض جديدة ليكونوا في وضع أكثر ملاءمة «للدفاع» عن أنفسهم. ثم يمضي التفكير والتخطيط بالقيادة الصهيونية هكذا: إن ضم أرض جديدة لحماية كيان الدولة الصهيونية يستلزم أن تتحول تلك الأرض إلى جزء من الكيان ذاته. ومن ثم تحتاج تلك القيادة إلى أرض جديدة لتكون في وضع أكثر ملاءمة للدفاع عما ضمنه من قبل! وهكذا نمي في حلقة مفرغة والتوسع لا ينتهي. وقادة إسرائيل صرحاء جدًا في الكشف عن نظرتهم في الأمن هذه عملًا لا قولًا. وهذا النموذج نفسه اتبعته إسرائيل في حرب 1948 فبعد أن اعترف العالم بحدودها ضمت إليها مساحات جديدة من الأرض العربية التي كان مفروضًا أن تقام عليها دولة فلسطين وفقًا للتقسيم. > سقوط جدار الوهم؟ إذن ماذا نعني نحن عندما نقول إن الجيش المصري في حرب أكتوبر قد حطم نظرية الأمن الإسرائيلي؟ يعني أننا حطمنا فكرة الحدود الآمنة البعيدة عن الحدود الدولية لإسرائيل أي يمكن أن يسترد الحرب الأراضي المحتلة التي سعت القيادة الصهيونية إلى ضم بعضها إلى الكيان الأصلي.. وأن نثبت في أذهان العالم أن حدود إسرائيل لها حدود لا يسمح العرب لها بتجاوزها. واستطاع الجيش المصري بقواده العظام حسني مبارك قائد سلاح الطيران وعبد الغني الجمسي رئيس غرفة العمليات ومحمد علي فهمى قائد الدفاع الجوي حينذاك أن يضرب النظام العسكري أداة ذلك التوسع في الصميم ويسبب له خسائر فادحة دون أن ينفعه التفوق الجوي أو المدرعات أو.. إلخ. وترتب على هذا انهيار نظرية الأمن الإسرائيلي. إن العالم قد رأى أن فكرة إسرائيل عن الحدود الآمنة بالتوسع في أراضي الغير شيء لا يمكن قبوله دائمًا لأن أصحاب الأرض سيعودون لاستعادتها بالقوة ويثير ذلك أخطارًا على السلام العالمي. - إن الولايات المتحدة الحليفة لإسرائيل والتي تستخدمها كأداة ضد الحركة الوطنية العربية تكشف أن تلك الأداة غير صالحة تمامًا لأن هناك من هو أقوى منها أو من هو ند لها على الأقل يستطيع أن يضربها- أي إسرائيل. - إن المؤسسة العسكرية ذاتها في إسرائيل قد ضعف شأنها وهذا يجعلها أقل غطرسة وأكثر استعدادًا لتقبل ضغط الولايات المتحدة عندما تعدل سياستها. - وفيما يتعلق بالكيان الإسرائيلي نفسه فقد سقط الوهم الإسرائيلي أو ضعف على الأقل كثيرًا أن إسرائيل ستقوى بموجب اعتداءاتها المستمرة وتحصل على مجالاتها الحيوية لاستيعاب ملايين جديدة من اليهود عن طريق التثبت بالأراضي الجديدة. > السلام المدرع: هذا الانهيار لنظرية الأمن الإسرائيلي كواحد من أبرز نتائج حرب أكتوبر كان هدفًا من أهداف الخطة الاستراتيجية التي وجهها القائد الأعلى للقوات المسلحة الرئيس أنور السادات للمشير أحمد إسماعيل- يرحمه الله- القائد العام للقوات المسلحة قبل ساعة الصفر. وهذا النجاح بالذات هو الذي تعتمد عليه القيادة السياسية المصرية في استثمار نتائج حرب أكتوبر لتحقيق التحرير الكامل للأراضي العربية المحتلة وإقامة دولة فلسطينية على ما بقي من أرض فلسطين. والقيادة السياسية تدرك التغير التكنيكي في السياسة الأمريكية.. وتفتح الباب على مصراعيه لهذا التغير ليحدث تحقيق التحرير ولو خطوة خطوة لتلافى المزيد من التضحيات والدماء والدمار. وتحرير الأوطان بالأسلوب السياسي ليس جديدًا في العالم.. وليس جديدًا على حركة التحرر الوطني في مصر. فقد سبق أن طردت ثورة 23 يوليو جيشًا من ثمانين ألف جندي بريطاني كانوا يحملون منطقة القناة دون حرب شاملة.. وإنما على مائدة المفاوضات، ولقد سبق أن جلس إلى مائدة المفاوضات مع الإنجليز حكام مصريون من قبل.. ولكنهم ما استطاعوا أن يحققوا جلاء القوات البريطانية.. فما السبب؟ السبب أن قادة ثورة 23 يوليو كانوا يفاوضون الإنجليز تحت تهديد استخدام القوة وحرب العصابات في منطقة القنال. اليوم تتحرك القيادة وتقود على أوسع الجبهات.. ووراءها رصيد انتصار حرب أكتوبر.. وأيضًا هي تسلح نفسها من قمة الرأس إلى أخمص القدم. وتتجه إلى جميع مصادر السلاح في العالم.. وتضغط على الاتحاد السوفيتي وتنفذه لكي يمدها بما تريد من سلاح. إذن هذه القيادة تفاوض.. وأصابعها على الزناد.. نحن نبحث عن السلام ونحن مدرعون! والعدو الإسرائيلي- الأمريكي يعرف هذا ويراه.. أنه لا يواجه نظامًا متخاذلًا أو مستسلمًا.. إنما يواجه نظامًا عنده وضوح رؤية وتصميم على الهدف.. والقوة التي تمكنه من تحقيق الهدف بتلك القوة إذا ما ركب العدو رأسه. > ليست حلًا نهائيًا والقيادة السياسية لا تكف عن البحث عن وسيلة سلمية للتوصل إلى التسوية الشاملة لتحقيق الأماني الوطنية التي ارتبطت بها ألف مرة.. والتي تتفق مع مصالحها ومصالح الوطن العربي كله. وهذه المحاولات السلمية الدائبة هي رصيد عالمي هائل لنا عندما تطلق أول رصاصة من جديد لاستئناف معركة التحرير وهي فرصة لنا لتسليح أنفسنا. في ضوء هذا يمكن فهم اتفاقية فض الاشتباك الثانية في سيناء.. والمرء يدهش حقًا عندما يرى كل هذا الهجوم الضاري دون مبرر حقيقي.. فلو أن القيادة المصرية قد قالت أن هذه الاتفاقية هي نهاية المطاف وقدمتها للجماهير المصرية والعربية كما قدمت حكومات ما قبل الثورة معاهدة 1936 مثلًا على أنها معاهدة الشرف والاستقلال.. لكان لهؤلاء الرافضين حق بل لكنا على رأس الرافضين. ولكن العجيب أن القيادة المصرية تقول أنها خطوة.. مجرد خطوة على طريق الحل.. بل إن نص الاتفاقية نفسه ورد فيه أنها خطوة على طريق التسوية الشاملة.. فلماذا الضجة؟ هل عندما جلت القوات البريطانية عن مدن مصر وتركزت في القنال تصورت الحركة الوطنية المصرية أن هذا هو التحرير.. أما أنها اعتبرت ذلك خطوة بعدها إلى خطوات أوسع حتى التحرير. وقد أعلن الرئيس السادات أنه سيركز في الفترة القادمة على أمرين: فض اشتباك ثان في الجولان ودعوة الفلسطينيين للمساهمة كطرف أصيل في حل المشكلة نهائيًا. وأعلن عن أن الاتفاقات السرية مع الرئيس فورد كانت حول هذه المسائل. وكيسنجر نفسه قدم الاتفاق للعالم على أنه مجرد خطوة. وإسرائيل نفسها قدمته كذلك.. وكل الناس في الدنيا تفهم أنه مجرد خطوة ولكن فريقًا واحدًا في العالم هم الرافضون هم الذين يصرون على معاملة الاتفاقية كأنها الحل النهائي والحاسم والشامل؟ كيف؟.. وأرض مصرية ما زالت محتلة وأرض سورية ما زالت محتلة وشعب فلسطين ما زال مشردًا بلا وطن؟ متى حدث في تاريخ الشعب المصري أن فرط في شبر من أرضه.. ومتى حدث في تاريخ ثورة يوليو أن فرطت في شبر من الأرض.. هل نحن قاصرون وأنتم البالغون الراشدون؟ أليس أنور السادات هو المقاتل ضد الإنجليز منذ نعومة أظفاره.. وأليس هو أحد قادة ثورة 23 يوليو الذين شاركوا في كل عمليات التحرير؟ > المساومات والتنازلات يقول الرافضون.. أن ثمة تنازلات حسنًا أن كل اتفاقية فيها تنازلات. في عام 1954 عند توقيع اتفاقية جنيف في حرب فيتنام.. حيث تنازل متبادل بين قيادة ثورة فيتنام والفرنسيين. في عام 1962 حدث تنازل بين السوفييت والأمريكان بشأن كوبا.. وأيامها عارض كاسترو نفسه الاتفاق واتهم السوفييت بالتخاذل والاستسلام أمام الأمريكان «تمامًا نفس النغمة التي ترددها جبهة الرفض العربية».. ومنذ شهر واحد وقف كاسترو أمام العالم كله في شجاعة ينقد نقده القديم للاتحاد السوفيتي ويقول أنه كان اتفاقًا ثوريًا لصالح شعب كوبا. لماذا؟ لأنه بعد 13 عامًا من ذلك «الاستسلام» السوفيتي ما زالت كوبا قائمة كدولة اشتراكية وتنمو وتتطور دون أن يجرؤ الأمريكيون على أن يسموها بأذى. وحركة التحرر العربية- في مصر- لا ترى أن من مهامها القضاء على إسرائيل أنما مهمتها تحرير الأرض التي احتلتها إسرائيل وإقامة دولة فلسطينية.. وهكذا يرى العالم كله بما فيه الاتحاد السوفيتي.. أي أننا في الناهية حسب قرارات مجلس الأمن وهيئة الأمم نستهدف رد المعتدين إلى حدودهم وإذا ما تحقق ذلك سيحل السلام العادل في المنطقة. على هذا فإذا كان ذلك العدو يبدي استعدادًا للتنازل عن جزء من الأرض المحتلة فإنه من الطبيعي أن أقبل التنازل عن شيء يؤكد نيتي للتوصل إلى ذلك السلام العادل.. كالسماح بمرور البضائع الإسرائيلية في القناة مثلًا وأتمسك بعدم مرور السفن إلا إذا تم الوصول إلى تسوية شاملة. > حكاية قديمة ومن الطبيعي أننا ونحن نحاول التوصل إلى تسوية شاملة بالطرق السليمة أن نقول أننا لا ننوى استخدام القوة. وهذا أمر ينص عليه في كل الاتفاقيات التي تمت مع إسرائيل منذ اتفاقيات الهدف في رودس 1949، و1956 وقرار مجلس الأمن 242 واتفاقية الفصل الأول. ولكن هل هذه النصوص حالت دون أن تستخدم مصر السلاح لتحرير أرضها في الوقت المناسب. بل هي حالت دون اعتداء إسرائيل المسلح علينا؟ إنها طفولة أن نتصور وقوف حركة التحرر العربية، مشلولة اليدين أمام إصرار العدو على استمرار الاحتلال لمجرد نصوص في اتفافيات. وعلى أولئك الذين يتشككون في موقف القيادة المصرية أن يتعظوا بعبرة الماضي، لقد كانوا يؤمنون أن تلك القيادة لن تشن حربًا ضد العدو.. ثم فوجئوا بها تشن حربًا.. وتنتصر فيها.. وتسترد للعرب جميعًا وليس للمصريين فقط كرامتهم.. وتحطم نظرية الأمن الإسرائيلي كما قلنا. > الأمريكيون؟ يبقى أهم ما يوجه للاتفاقية من نقد.. وهو وجود الخبراء الفنيين الأمريكيين. أننا لا نريد وجودهم.. ومن حق الذين لا يريدون وجودهم أن يقولوا رأيهم.. ولكن سيبقى دائمًا ذلك في إطار الخلاف على مدى التنازلات التي تقدم في أي مفاوضات للتوصل إلى اتفاق ما. ولنتأمل الوضع قبل قدوم هؤلاء الخبراء الأمريكيين: هناك محطات إنذار إلكترونية يشرف عليها إسرائيليون من الجيش الإسرائيلي. وهؤلاء الإسرائيليون على علاقة وثيقة بالولايات المتحدة التي أعطتهم هذه المحطات والتي تساعدهم وتحرضهم على الحرب ضد مصر والعرب. إذن فكل المعلومات العسكرية تصل إلى الولايات المتحدة. وهناك في السماء أقمار صناعية أمريكية تمسح العالم كشفًا وبحثًا. وهناك طائرات تجسس أمريكية. إذن فالتجسس على الجيش المصري كان موجودًا وسيظل موجودًا في سيناء حتى يخرج الإسرائيليون، فقط يقوم به إسرائيليون في الأرض وأمريكيون في السماء. ولقد كان هذا التجسس موجودًا قبل حرب أكتوبر فوق تحصينات خط برليف. الذي حدث بموجب الاتفاقية أن ضممنا إلى مراكز التجسس عددًا محدودًا من الأمريكيين وليكونوا من وكالة المخابرات المركزية أو من قلب الجيش الأمريكي. هل سيغير ذلك من الأمر شيئًا جذريًا؟ أنه نوع من التنازل.. قدمه المفاوض المصري مقابل التنازل الإسرائيلي عن: مساحة جديدة من الأرض، الممرات الاستراتيجية التي تحكم سيناء، آبار بترول أبو رديس. > مغالطة مفضوحة: ويخطئ الرافضون عندما يشبهون هؤلاء المائتي خبير أمريكي بالمستشارين العسكريين الأمريكيين في فيتنام. ذلك لأن الأمر في فيتنام كان عبارة عن حكومة عميلة في سايجون تواجه حربًا شعبية مسلحة من شعب فيتنام الثائر ذاته وهي لا تقوى على مواجهة تلك الحرب، فاستعانت بالولايات المتحدة التي كانت تقف ضد الشعب الفيتنامي وتحارب ثورته. فبدأت مساعداتها العسكرية في شكل مستشارين يشاركون في الحرب حتى اتسع نطاقهم ليكونوا جيشًا كاملًا من نصف مليون جندي يحارب جيش الشعب الفيتنامي. أما هنا فالوضع جد مختلف: أننا بصدد جيشين متحاربين: الجيش المصري من ناحية والجيش الإسرائيلي من ناحية أخرى يحتل أرض سيناء المصرية. وتوقف القتال بينهما وبمقتضى تسوية مؤقتة ينسحب الجيش الإسرائيلي من جزء محدود من أرض سيناء. واتفق الطرفان مصر وإسرائيل على مواصلة الجهود لتحقيق تسوية شاملة.. كما اتفقا على أنه إلى أن يتم تلك التسوية لن يستخدم أي منهما القوة المسلحة. ولكي يتأكد كل من الطرفين من التزام الطرف الآخر بهذا التعهد فأنهما وافقا على إقامة محطات إنذار متبادلة. وطلبت مصر أن يشترك في إدارة الجهازين خبراء أمريكيون بعدد محدود ليكونوا شهودًا على ما يجرى ويبلغوا ما يرونه من تحركات للطرفين ولقوات الأمم المتحدة. وهؤلاء الخبراء وفقًا لنص الاتفاق الصريح تسحبهم الولايات المتحدة في واحدة من الحالات الثلاث الآتية: إذا ما هددت سلامتهم. إذا لم يعد استمرار عملهم ضروريًا. إذا ما طلب أطراف الاتفاقية الأساسية سحبهم، ليس هؤلاء الخبراء مستشارين عسكريين إذن مطلوب مساهمتهم في حرب والجيش المصري الذي اقتحم خط برليف بأجهزة إنذاره المتعددة.. لا يهمه كثيرًا وجود قواعد إنذار فيها أمريكيون أو غير أمريكيين. وكما قلنا أنه تنازل إزاء تنازل.. وهو تنازل مؤقت.. ولم يقل أحد أن الاتفاقية رائعة.. بل إن الرئيس السادات أكد أنه كان يريد أكثر من هذا.. وهذا طبيعي لأن الاتفاقية مجرد خطوة على الطريق.. والسؤال هو: ألم تضع الاتفاقية الجديدة الجيش المصري في وضع استراتيجي أفضل أليس اليوم أفضل من الأمس؟ >> إن الذين يهاجمون الاتفاقية ويهاجمون القيادة المصرية بذلك العنف مستخدمين تلك الأساليب اللامبدئية أنما يحققون هدف إسرائيل والولايات المتحدة من شق صفوف القوى الوطنية العربية. ويضيعون الوقت في معارك وهمية بدلًا من تركيزه على المضي في خطوات تالية على طريق التحرير. مثل خطوة فض اشتباك في الجولان.. وانتزاع الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية وتصفية الخلافات المصرية السوفيتية.. وتدعيم التضامن العربي أن عليهم أن يركزوا وقتهم وجهودهم في هذه الاتجاهات البناءة.. أما الصيحات الحماسية والإثارية فلن تجدى. وستمضي القيادة المصرية في طريقها تقود معركة التحرير وستحقق الانتصار ويومها سيعض أولئك الرافضون قصيرو النظر أصابعهم من الندم. فواضح أنهم لم يعتبروا بدرس انتصار 6 أكتوبر العظيم.. وكل 6 أكتوبر وأنتم طيبون.



