القوات الإسرائيلية في فم التمساح
وضع القائد الأعلى للقوات المسلحة المصرية النقط على الحروف، تحدث أمام أكثر من أربعمائة صحفي عالمي عن الأوضاع العسكرية بطريقة أذهلت كل المراسلين وأثارت إعجابهم في الوقت نفسه. وأثار القائد أنور السادات ضمير العالم عندما تكلم كرجل سلام.. لأنه كان يمثل سلاما مدرعا.. يدق أجراس السلام الاختياري الواعي ليوقظ به النائمين والغافلين في المجتمع الدولي. وعندما تحدث الرئيس عن موضوع التسلل الإسرائيلي في الضفة الغربية للقناة.. أثار نقاطا عديدة حول حقيقة الوضع العسكري.. ومدى وأهداف ذلك التسلل. ومن بين تلك النقاط ثلاث مسائل رئيسية: * اتهم الرئيس المؤسسة العسكرية الإسرائيلية باتباع أسلوب النازية في الحرب النفسية والإعلام. * ووصف ذلك التسلل بأنه نوع من العمل العسكري البائس والذي يهدف فقط إلى الإثارة.. وشبهه بالهجوم الألماني النازي في الحرب العالمية الثانية وهو هجوم الأردين في الجبهة الغربية ضد قوات الحلفاء. وكشف الرئيس لأول مرة التقسيم الحقيقي لقوات الجيش الثالث وكيف أن القطاع الأكبر من ذلك الجيش الباطل يحيط بالإسرائيليين إحاطة السوار بالمعصم. النازية والحرب النفسية لم يكف الإسرائيليون عن الطنطنة لحكاية وجود بعض قواتهم في غرب القناة. فأثناء الهزائم المتتالية التي كانت تلحق بهم وجيشنا في الضفة الشرقية يتقدم.. كان التليفزيون الإسرائيلي يعرض صورا لموشى ديان بين قوات التسلل في الضفة الغربية في اليوم الثاني للتسلل.. ليؤكد للإعلام الإسرائىلي حديث جولدا مائير أن القتال يدور «وراء خطوط المصريين في الضفة الغربية». بل عمد الإسرائيليون بعد ذلك إلى الكذب الكبير فزعموا أنهم احتلوا مدينة السويس في الوقت الذي تكسرت فيه كل هجماتهم على أبوابها، ولكن صحف إسرائيل بدأت تتحدث عن خط أوتوبيس من تل أبيب إلى السويس..! ما هو الخط الفكري وراء ذلك؟ إن الصهيونية التي هي الفاشية الجديدة في عصرنا.. وإن كانت فاشية هزيلة حقا لأنها جاءت فيما بعد هزيمة الفاشية الأم وهي النازية والفاشية الإيطالية.. إلا أنها ترضع أفكارها وأساليبها من تلك الفاشية الأم. فهتلر هو القائل: إن بلبلة الأفكار وخلق المشاعر المتضاربة وإيجاد وجود من القلق والعجز عن التصميم وبذر بذور الهلع هي أسلحتنا الحقيقية! وهتلر كان تلميذا مخلصا لأبي العسكرية البروسية كارل فون كلاوز فيثر.. رئيس أركان القيادة العامة للقوات البروسية المسلحة عام 1830 الذي قال عن التصريحات والشائعات والشعارات الكاذبة التي ترفع في أثناء الحرب: مع أن هذه الخطب والتصريحات لا تكلف شيئا إلا أنها تخدم المختال المخادع في غش العالم! وقد استطاع الإسرائيليون غش العالم حقا ولكن إلى حين.. عندما أصبح واضحا أمام القادة الإسرائيليين أنفسهم أن وجودهم على الضفة الغربية وجود «هش» كما كشف الرئيس أنور السادات.. وأن ذلك الوجود محاصر.. وأكثر من ذلك أنه لا يستطيع ولن يستطيع تحقيق أي مغزى استراتيجي. إن الإسرائيليين أرادوا التغطية على المغزى الهائل لانتصار القوات المصرية في الشرق. وهم أرادوا أيضا أن يكسبوا كارتا في حلبة الصراع الدبلوماسي سواء في مؤتمر السلام الذي قرر مجلس الأمن انعقاده.. أو في الوقت الحالي كما تبين من لجوئهم إلى إدوارد هيث رئيس وزراء بريطانيا لفك الحصار في باب المندب مقابل الانسحاب إلى منطقة الدفرسوار. ولكن كلا الهدفين لم يتحققا. فلا انتصار العبور واقتحام خط برليف قد غطى عليها.. ولا القيادة المصرية اهتزت أو فكرت لحظة في التنازل عن تطبيق قرار مجلس الأمن 242 بحذافيره. بل إن استمرار وجود القوات الإسرائيلية في غرب القناة مرهون بالإرادة المصرية وحدها التي تنتظر فقط ما ستسفر عنه المجهودات الدبلوماسية المكثفة الآن في محور: القاهرة - واشنطن - موسكو. هجوم بوميرانيا اليائس وإذا كانت العملية الإسرائيلية عملية يائسة فقد سبق النازيون صبيانهم من الصهاينة النازيين الجدد في القيام بهجمات يائسة كهذه تستهدف إثارة ضجة.. أو تدعيم مركز القيادة الهتلرية في مواجهة المعارضة المتزايدة داخل المؤسسة النازية نفسها كما يحدث الآن. وقد أشار الرئيس إلى هجوم الأردين المشهور.. في الجبهة الغربية ضد القوات الأمريكية والإنجليز عام 1944.. وقد فشل ذلك الهجوم. وللألمان أيضا هجوم يائس مشهور في الجبهة الشرقية ضد القوات السوفيتية.. هو هجوم بوميرانيا.. في فبراير 1945. أي قبل استسلام ألمانيا بدون قيد ولا شرط بثلاثة شهور فقط! لقد كانت نتيجة الحرب واضحة تماما. فالقوات السوفيتية كانت قد نقلت مسرح المعركة إلى أراضي ألمانيا ذاتها بعد أن حررت معظم الأراضي السوفيتية. وكان الحلفاء في الغرب قد أتموا تحرير فرنسا وبلجيكا وجزء من هولندا حتى نهر ماس ووصلوا إلى قرب خط سيجفريد الألماني. كانت ألمانيا في حالة «حصار استراتيجي». وكما كشفت محاكمات نورمبرج.. كان الكثيرون من جنرالات هتلر يقولون إن نتيجة الحرب قد حسمت منذ هزيمة الألمان في ستالينجراد.. وآخرون ذكروا أنها حسمت منذ معركة كورسك في 18 أغسطس 1943.. وهي المعركة التي قام فيها الألمان بأول هجوم مضاد كبير لهم بعد هزيمة ستالينجراد.. واستمر الهجوم خمسين يوما.. وانتهى بانتصار الجيش الأحمر. وكوفئ أيامها مائة ألف جندي وضابط سوفيتي بالأوسمة والنياشين من أجل انتصارهم في تلك المعركة الجبارة! ومع ذلك استمر هتلر في الحرب.. وأصدر قرارا بتجنيد كل الألمان رجالا ونساء من 18 إلى ستين فيما سماه بجيش الشعب. وفى فبراير 1945.. قرر القيام بهجوم مضاد في جبهة بوميرانيا.. رغم تحذير قادته له بأنه لا يوجد تكافؤ.. حتى بين القوات. فقد كان السوفييت متفوقين على الألمان بنسبة ثلاثة إلى واحد للأفراد وسبعة إلى واحد للمدفعية، بل حتى الطائرات سبعة إلى اثنين.. ناهيك عن الروح القتالية الجبارة للجيش السوفيتي المنتصر. في 20 فبراير بدأ الألمان هجومهم المضاد بعد أن سحبوا من الجبهة الغربية أربع فرق دبابات وست فرق مشاة. وكانت الخطة هي أن يقتحموا مجموعة الجيوش السوفيتية المتحصنة في منطقة جرود زندي في بولندا.. والوصول إلى مؤخرة تلك القوات. وقام الطيران الألماني بهجوم مروع على الجيش السوفيتي وفي مدى يومين قام بخمسة آلاف غارة وثمانية.. وألحق بالقوات السوفيتية خسارة كبيرة. وواصل العدو النازي تقدمه.. رغم خسائره الكبيرة.. وتمكن من إسكات بعض مواقع بعض الفرق فعلا. ولكن لم تمض أيام حتى كانت القوات السوفيتية قد أقامت رأس جسر في قلب الهجوم الألماني.. وتوسع رأس الجسر حتى أصبح 44 كيلومترا. واحتوت الجيوش السوفيتية من الجانبين الهجوم الألماني.. ووقع في المصيدة أربعون ألف أسير فقط! ناهيك عن القتلى والجرحى. سأل مولوتوف أيامها ستالين القائد الأعلى للقوات السوفيتية في غرفة العمليات بموسكو عن الهدف الألماني من مثل ذلك الهجوم اليائس. أجاب ستالين بلهجته الهادئة: - إن ما يأملون فيه هو نفس ما يأمله لاعب الورق عندما يغامر بآخر قرش في يده على مائدة القمار. وضع الجيش الثالث وببعض المقارنات البسيطة يمكن أن نجد أن التاريخ يعيد نفسه.. مع اختلاف الظروف.. إن الإسرائيليين يغامرون. فكل من يزور الجبهة الجنوبية لا يجد صعوبة في اكتشاف حقيقة ما أكده الرئيس السادات من أن الوجود الإسرائيلي في الضفة الغربية للقناة وجود هش. إن تلك القوات الإسرائيلية موجودة في فم التمساح الذي يفتح فاه ليطبق من حين لآخر على الأسماك التي تجمعت فيه. والتشبيه ليس من عندي.. وإنما تشبيه مراسل صحفي إنجليزي هو جون سبنسر.. والتمساح هنا.. هو الجيش الثالث. إن الإسرائيليين أنفسهم قدروا قوات الجيش الثالث الموجودة في الضفة الشرقية بأنها لا تزيد عن خمسة عشر ألف جندي. ليس هناك حصار لقواتنا.. إنما الحصار لقوات العدو الإسرائيلي. ويوم تجرؤ إسرائيل على رفض إرادة المجتمع الدولي بعدم الانسحاب إلى خطوط 22 أكتوبر.. ستفيق المؤسسة العسكرية الإسرائيلية من نشوتها على الهزيمة الكبرى التي ستلحق بمغامرتها الأخيرة بأبشع ما حدث لسادتها الهتلريين عندما فشلت هجماتهم اليائسة في الأردين وبوميرانيا. وكما قلت في تحقيقي السابق من المنطقة الجنوبية.. إن قواتنا متداخلة مع قوات العدو، وأن طبيعة الأرض في المنطقة فريدة وغريبة. إن هذا التداخل.. وهذه الطبيعة سيلحقون بالعدو أشد الخسائر إن هو لم يرعوِ. وسأحكى هنا معركة رأيتها.. أثناء إحدى المحاولات الإسرائيلية التي استمرت ثلاثة أيام كما ذكر الرئيس السادات لاقتحام مدينة السويس.. لنرى معنوية جنودنا. كان قول من دبابات العدو.. يتقدم عن الطريق من ناحية الزيتية.. ليقتحم مدينة السويس.. واستطاع الطيران الإسرائيلي ومدفعية الدبابات.. أن تحطم بطارية من بطاريات مقاومة الدبابات.. ولم يبق في الموقع إلا مدفع واحد مضاد للدبابات. وكانت خمس دبابات تتقدم في القول.. وقال الضابط الملازم الذي لم يتجاوز سنه عشرين عاما.. للجنود الأربعة معه.. ليس لدينا إلا ست قذائف والدبابات خمسة لا بد أن نضرب في المليان من أول مرة. وصرخ: حنموت ولا نترك العدو يمر. وجرى الضابط ومعه الجنود الأربعة بمدفعهم الوحيد الباقي والذخيرة واعتصموا في مبنى صغير تهدم معظمه.. وفتحوا ثغرات في حائط سليم مواجهة للقول الإسرائيلي. عندما أصبحت المسافة بينهم وبين الدبابة الأولى 200 متر فقط صاح الملازم: اضرب.. الله أكبر.. اخترقت القذفية الأولى خزان بنزين الوقود.. وانفجرت الدبابة مشتعلة.. الله أكبر.. القذيفة الثانية أصابت جنزير دبابة أخرى. دقيقة.. وعلى نغمة الله أكبر دبابة ثالثة ورابعة وخامسة. كانت القذائف.. موجهة بعناية وفن.. لكن أعظم من ذلك بروح معنوية هائلة. وهي قصة من عشرات القصص، بل مئات القصص الواقعية عن الروح القتالية والمهارة لدى قواتنا في الجبهة الجنوبية. إننا فقط ننتظر.. لنرى.. لنرى ماذا يكون من أمر العدو الإسرائيلي. وإنا لمنتظرون.. وعيوننا مفتوحة على آخرها. عبدالستار الطويلة
تقرير من الجبهة الجنوبية ما الذي حدث في السويس؟! كتب: عبد الستار الطويلة المراسل العسكري لصباح الخير
الشيء المؤكد أن المعارك التي دارت خلال انتهاك الإسرائيليين لقرار وقف إطلاق النار.. معارك ستخلد في تاريخ الحروب. إن المعارك غرب القناة تدور في ميدان قتال ذي طبيعة خاصة وقد عشت في ذلك الميدان مع قواتنا المسلحة أربعا وعشرين ساعة في الأسبوع الماضي. إن المنطقة التي دخلها الإسرائيليون غرب القناة.. منطقة مليئة بالمستنقعات التي تربط بينها جداول مائية متفرعة من البحيرات المرة ومن المصارف العديدة هناك.. وتختلط فيها حشائش السافانا العالية كأننا في براري إفريقيا.. وحدائق الفاكهة والرمال الرخوة والرمال الجافة ذات التلال المتموجة. وفيما عدا بعض المطارات العسكرية القديمة التي أنشأها الإنجليز أثناء احتلالهم للمنطقة لا تكاد تحس أن ثمة أثرا للتطور الحضاري فيها نظرا لقلة عدد السكان من الأصل الذين يتبعثرون في قرى صغيرة قد لا يزيد عدد مساكن الواحدة منها على عشرة مساكن يقطنها بعض عشرات قليلة من المواطنين. هذه الطبيعة الفريدة هي التي تسببت فيما وصفته البلاغات العسكرية المصرية بالتداخل بين قواتنا وقوات العدو. ما معنى التداخل بين القوات؟ من الناحية العسكرية معروف أنه في الحرب يقبع كل فريق من المتحاربين في بقعة معينة من الأرض يقيم عليها استحكاماته الدفاعية والهجومية، وتكون «مرتكزا» لعملياته إن تقدما أو تراجعا. ويتبادل الفريقان الضرب بالأسلحة المختلفة حتى إذا تقدم المهاجمون احتلوا أرض الفريق الآخر. وربما حدث تلاحم وتداخل مباشر يختلط فيه الحابل بالنابل كما يقولون حتى إن الفريقين يمكن أن يتصارعا بالسلاح الأبيض كما حدث في معارك الجولان الأخيرة. مثل هذا التلاحم والتداخل معروف.. وهو مؤقت عادة إذ سرعان ما ينتهي بسيطرة الفريق المنتصر على الأرض الجديدة وإخلائها من الأعداء إما بقتلهم أو بأسرهم. ولكن التداخل الذي حدث في الجبهة الجنوبية غرب القناة، والذي أشارت إليه بلاغاتنا العسكرية هو تداخل من نوع آخر. نظرا لطبيعة الأرض فإن عملية وجود القوات الإسرائيلية ضده تتخللها أيضا عمليات وجود للقوات المصرية في مواقع عديدة داخل وحول المواقع الإسرائيلية. فمن الممكن أن توجد بعض الدبابات الإسرائيلية هذه تتخللها أيضا عمليات وجود على تلة مجاورة فصيلة مدرعات مصرية أيضا.. ثم في حقل من «الهيش» تختبئ مدفعية إسرائيلية.. وهكذا.. ليس هناك خطوط فاصلة بين القوات المتحاربة في مناطق مختلفة. وهذا التداخل بين القوات ليس جديدا في تاريخ الحروب لقد جرت في بعض معارك الحرب العالمية الأولى، وفي الحرب العالمية الثانية وخاصة في معارك الصحراء، حيث الحدود غير واضحة في تيه الصحراء في حرب «البروسيدر» المشهورة في شمال إفريقيا عندما كانت قوات روميل الألمانية تتداخل مع القوات البريطانية حتى إنه في بعض الأحيان كان رجال البوليس الحربي البريطاني الذين ينظمون حركة المرور يشيرون لدبابات إليانزر الألمانية المتداخلة في المنطقة بالمرور وهم لا يعرفون! ويمكن القول إن قواتنا المسلحة قد استغلت هذا التداخل على أفضل ما يمكن في المعارك التي أثارها الإسرائيليون عندما دأبوا على مواصلة خرق قرارات مجلس الأمن بوقف القتال. لقد أعطى التداخل فرصة لقواتنا الخاصة التي أنيط بها رد العدوان أن تنصب الكمائن لدبابات العدو ومدرعاته وأن تصطادها بالصواريخ المضادة للدبابات فتلحق بها الدمار. كما أن فصائل من القوات الخاصة كانت تتسلل إلى عمق العدو وهي مسلحة بأسلحة خفيفة وقنابل يدوية، وتنقض على قوات العدو وتلحق بها أفدح الخسائر. وهي عمليات تتخذ طابعا أشبه بطابع نضال الفدائيين وفي مثل تلك المعارك يكون ضابط الفصيلة المصري في خدمة رجاله.. ويكون أول المقتحمين لمواقع العدو. وكل تطورات المعركة وقرار وقف القتال، لم تؤثر أبدا في معنوية قواتنا.. إن قواتنا المسلحة غرب القناة في أعلى مستوى لا من حيث التماسك العسكري فقط، بل من حيث الروح المعنوية التي لا تقهر. وفي عمليات الأسبوع الماضي، سجل جنودنا بطولات خارقة لا تقل عن بطولات معارك ستالينجراد المشهورة. إن اندفاع الجنود والضباط نحو دبابات العدو وركوبها.. وفتح برجها بالقوة وإلقاء القنابل اليدوية داخلها، صورة متكررة وعادية في ميدان القتال. في إحدى تلك المعارك اليومية.. اقترب ضابط برتبة رائد من دبابة معادية، ولكنه لم يستطع الصعود فوقها.. لحركتها السريعة وألقى قنبلة على برجها فأطارته.. بينما تصيد جنود فصيلته طاقم الدبابة وهم يخرجون منها. * ولقد كان هدف العدو الإسرائيلي من الانتهاكات المستمرة لقرار وقف إطلاق النار هو محاولة دخول مدينة السويس لاستكمال حلقة تطويق لقواتنا شرق القناة. ولذلك فإن ما قامت به قواتنا المسلحة سيدخل ملاحم التاريخ النضالية في حروب الدفاع عن المدن. في أول محاولة إسرائيلية لدخول المدينة.. كان ضابط مصري يقبع خلف مدفعه المضاد للدبابات.. يواجه القول من الدبابات السنتوريون الإسرائيلية المتقدمة إلى أحد مداخل المدينة. ولما أصاب ثلاث دبابات سدت الطريق زمجرت الدبابات خلفها.. ونزل أكثر من عشرين جنديا إسرائيليا منها بأسلحتهم في اتجاه الموقع المصري فواجهتهم فصيلة جنود قامت بالإجهاز على المهاجمين الإسرائيليين وأسر ثلاثة منهم. ولم ينجح لا سلاح الطيران الإسرائيلي ولا المدفعية الثقيلة ولا الدبابات الباقية في كسر مقاومة الأبطال الذين دافعوا عن السويس. لماذا؟ لأن التلاحم بين الجيش والشعب كان مثاليا ونادرا.. إن المبادرة والسرعة والمرونة والمفاجأة.. وروح الفداء التي شملت قواتنا في الجبهة الجنوبية غرب القناة.. كانت الصخرة التي تحطمت عليها غزوات الجيش الإسرائيلي المتكررة للمدينة الباسلة. ومن الخطأ أن نقع في المبالغة.. وأن تنجح الحرب النفسية التي يشنها العدو في حجب الانتصار الأكبر بعبور القناة.. والانتصارات الرائعة على الجبهتين الشرقية والغربية. إن جيشنا الباسل ما زال قويا.. وسلاح طيراننا حسب تقارير المخابرات الأمريكية ذاتها مازال قويا أيضا فلم «يستخدم المصريون حتى الآن القوات الرئيسية فيه» على حد تعبير الخبراء العسكريين في الغرب. وبعد هذا، فإن العالم كله معنا.. لأن شرفاء العالم مع الحق. والعدالة.
المراسل العسكري لصباح الخير
عدد مجلة صباح الخير 931



