صبري سراج.. فقد ذراعه في التدريبات واستعادها برفع العلم على كبريت
صبري سراج: "يوم الوفاء" يتجسد في أسمى أنواع التكافل الاجتماعي بالتواصل مع أسر الشهداء والزملاء المرضى
تحتفل مصر باليوبيل الذهبي لانتصار أكتوبر 1973، العاشر من رمضان، الذي استطاع فيه رجال القوات المسلحة المصرية تحطيم أسطورة الجيش الذي لا يقهر.
وفي ذكرى انتصارات أكتوبر، حرص اللواء صبري سراج، على فتح قلبه لنا وذكر بعضا من ذكرياته عن حرب أكتوبر وكيف استعدنا أرضنا الغالية.
كان اللواء صبري سراج نائب رئيس نادي الزمالك الأسبق أحد أفراد دفعة التي أطلق عليها اسم الشهيد عبد المنعم رياض، بعد استشهاده على الجبهة حينما كانت في السنة الأخيرة في الكلية الحربية.
يعد يوم الثلاثاء الأول من كل شهر موعدًا مقدسًا عند اللواء صبري سراج، نائب رئيس الزمالك الأسبق، فهو الاجتماع الشهري لدفعة 59 حربية، المسماة بدفعة «الشهيد عبد المنعم رياض»، فعلى مدار 50 سنة لم يتخلف أعضاؤها عن اجتماع الثلاثاء إلا لظروف طارئة، ويشهد الاجتماع كل مرة- ودون ملل أو حماس- الحديث عن يوم العبور العظيم في 6 أكتوبر، ليستعرض كل واحد منهم ذكرياته ومواقف زملائه البطولية.
ويذكر اللواء صبري سراج أن اجتماع الثلاثاء الأول من كل شهر بمثابة يوم الوفاء، الذي يتجمع فيه من بقي على قيد الحياة، لا يقتصر على مجرد تجمع، وإنما يتجسد في أسمى أنواع التكافل الاجتماعي بالتواصل مع أسر الشهداء والزملاء المرضى.
فقدت ذراعي في التدريب وعادت باستعادة كبريت
وخلال فترة قضاء الإجازة الصيفية، يعد أن ينتهي اجتماع الثلاثاء، وفور وصوله إلى المنزل يلتف حوله كريم وعمر، نجلاه، وأحفاده ندى وعمر وفاطمة وليلى- بعد عودتهم من الكويت- ليحكي لهم ما سمعه من حديث وبطولات عن أبطال حرب أكتوبر، وهنا يشعر بأنه عاد ملازمًا أول في الجيش المصري، يسمع في أذنه صوت المركبات وطلقات المدافع وأزيز الطائرات، وبالتحديد يوم كان على الجبهة في فرقة المشاة يتدرب على اقتحام النقطة الحصينة للعدو في منطقة كبريت، وسقط مصابا وفقد ذراعه.
وقال: رغم بتر ذراعي رفضت الإحالة على المعاش، ورغم انتقالي إلى جهاز الرياضة العسكري، ومع إعلان الحرب، كنت دائما أتواجد في المستشفيات للشد من أزر زملائي المصابين ورفع معنوياتهم وإن أي إصابة تعرضوا لها تهون أمام الوطن.
ويشير البطل المصري إلى أن العبرة مما يرويه أن التدريب الشاق- الذي كانت به خسائر بشرية- هو الذي ساهم في رفع القدرة القتالية لأبطال القوات المسلحة، وأنه استعاد ذراعه يوم نجاح زملائه في اقتحام نقطة كبريت ورفع العلم المصري، موضحًا أنه كان مستعدا للتضحية بحياته- كما فعل الكثير من زملائه، الذين روت دماؤهم الطاهرة أرض سيناء- من أجل هذه اللحظة. وقال سراج إنه دائما ما يحكي لأسرته عن الحالة المعنوية للمصابين أثناء الحرب، وأنهم لم يكونوا في حاجة إلى من يرفع معنوياتهم، فتجدهم يتحدثون عن البطولات وعمن استشهد من زملائهم، وأنهم يأملون في سرعة الشفاء ليعودوا إلى الجبهة وحمل السلاح والقتال.
< من عجائب أكتوبر.. ابن المنصورة يعيش برصاصة في رأسه
وأكد صبري أنه مما شاهد من عجائب الخالق ملازم أول محمد توكل، ابن المنصورة، الذي أصيب بطل ناري واستقر المقذوف في رأسه، ما يعنى أنه في عداد الموتى، لا محالة، لكن الأشعة أثبتت أن الطلقة استقرت في الجمجمة دون أن تسبب في أي تلف في المخ، وأنه من الأفضل تركها دون جراحة، وكل ما فعله أنه جلس يضحك ويحمل معه الأشعة ويردد «مش هتمنعني الطلقة وهرجع الجبهة».
وأخيرًا أكد أن الحديث عن روح أكتوبر ليس شعارات، فروح أكتوبر بالفعل قادت مصر إلى انتصار عظيم، تحطمت معه أسطورة الكيان الصهيوني، فروح أكتوبر هي التي تجعل الأبطال- الذين كانوا شبابًا في المعركة، وأصبحوا شيوخًا الآن- مستعدين مجددًا لحمل السلاح للدفاع عن وطنهم، وتجد هؤلاء من أشد المدافعين عن وطنهم، وتجد الحماس في حديثهم لحث جيل الشباب على حمل أمانة الوطن، والصبر على أي ظروف اقتصادية يمكن أن تهون أمام ما يواجه الوطن.



