لواء طيار عبدالخالق مكي: مصر تخوض معارك لا تقل شراسة عن حرب أكتوبر المجيدة

- الأغنيات الوطنية كان زادنا يوم العبور العظيم.. وأنصح كل أسرة مصر بنقل عظمة الانتصار إلى أبنائها    

في ذكري اليوبيل الذهبى لانتصارات أكتوبر المجيدة، التقت "بوابة روزاليوسف" باللواء طيار عبد الخالق مكي، أحد أبطال ملحمة العبور العظيم، الذي تضافرت فيه جهود القوات المسلحة المصرية بكل اسلحتها لتحرير سيناء، وتحطيم خط بارليف الذي ظن العدو الإسرائيلى أنه لا يقهر، لكن إرادة وتصميم وعزيمة أبطال مصر حولته فى ساعات قليلة إلى ذكرى تثير الأسى لدى الصهاينة.

  بدأ المبادرة، وأخذ زمام ضربة البداية سلاح الطيران المصري، الذي نحج فى قص شريط تحقيق النصر إذا جاز التعبير.

وفى السطور التالية يروي اللواء طيار عبد الخالق مكي، ذكرياته مع انتصار 6 أكتوبر المجيد.

يقول اللواء طيار عبد الخالق مكى، إنه كان للأغانى الوطنية فضل كبير في حثنا والشد من عزيمتنا وقت التدريبات، وكانت تتردد أصدائها فى أذان المقاتلين وقت الحرب، ويشير فى هذا الصدد لأغنية الراحل الشيخ سيد درويش، والتي كان لها أثر كبير في تحميس الجنود والضباط علي الجبهة، وهي من أحب الأغاني إلي قلبه ولا ينساها أبداً ولا تفارق كلماتها ذهنه حتى الأن، وهى أغنية "حب الوطن فرض علي_ أفديه بروحي وعيني".

  ويضيف: حرب أكتوبر بدأت منذ نكسة ٦٧ التي لم نكن سببا فيها مطلقا، لأنها تعد هزيمة سياسية، وكل الأحداث فى تلك الفترة أدت إلي النكسة، وذلك منذ أعلن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر إغلاق خليج العقبه، دون استعداد كافى لهذه الخطوة، وأيضاً التصريح بأنه سيلقي اليهود فى البحر المتوسط، والبحر الأحمر، ونحن أيضاً غير مستعدين. 

وكان وزير الحربية وقتها اللواء عبد الحكيم عامر، بعيدا عن العسكرية منذ عام ٥٢.. ولا أخفي أن الإعلام وقتها كان له دور فى التهويل من قوتنا العسكرية، وهناك مجموعة أخرى من العوامل التي ساعدت فى حدوث نكسة يونيو، وفى النهاية خسرنا كل شىء، معدات وروح معنوية، دون حرب، فقد كان الأفراد بجميع رتبهم يعيشون فى أعلى درجات الاستعداد الوهمي، وضربت أغلب طائرتنا وهى على الأرض.

ويقول اللواء مكي:  كان لا بد أن نعيد حسابتنا على ضوء الواقع المرير، وأن نرتب أحوالنا من الداخل، من تدريب وتنظيم للقوات وتقوية الدفاع الجوى بصفة خاصة، وأيضاً ترتيب أولويات المرحلة، بالإضافة إلى التدريب الشاق والتكتيك الجديد والخطط التكتيكية والاستراتيجية، بشكل مختلف تماماً، واستمر هذا الوضع من عام 1967الى عام 1973.

  وأضاف اللواء طيار مكي: انقضت الـ 6 سنوات الثقيلة والتي أثقلتنا بالإصرار والتحدى، وكان أقوى عام لمصر من حيث مقاومة الهزيمة هوعام ٦٩ فى حرب الاستنزاف على جميع المستويات، الي أن جاءت لحظة الانطلاق السبت 6 أكتوبر من عام 1973 يوم 10 رمضان المبارك، وفي تمام الساعه 2 ظهراً انطلقت 220 طائرة فى تجاه أهدافها المحددة، والتي شملت جميع القواعد الرئيسية ومطارات العدو ومراكز الاتصالات، علاوة على عمل غطاء جوى لعبور القوات الأرضية من دبابات وأفراد، وهنا أحب أن آحى قوات الصاعقة والضفادع البشرية التي عبرت القناة قبل ساعة الصفر، لتقوم بسد فتحات النابالم فى خط بارليف المنيع، والذي أصبح حطام أمام قواتنا، وطبقا لحساباتنا كان من المتوقع خسارة 20% فى القوات الجوية، والحمد لله لم تتعد الخسائر 6 طائرات.

وقال اللواء مكي: سقط فى أيام الحرب الأولي لواء مدرع للعدو بكامل قواته ومعداته أسرى فى أيدى قواتنا المسلحة، بالإضافة إلى قائده عساف ياجورى، حدث ذلك في ملحمة رائعة لا تنسى.

ويجب أن يعلم شبابنا ما حققه آبائهم وأجدادهم، ولن أنسى أننى طوال تواجدى فى الاستراحة مع زملائي كنا نسمع أغنية سيد درويش القديمة:

"حب الوطن فرض علي_ أفديه بروحي وعيني"

ليه بس ناح البلبل ليه_فكرني بالوطن الغالي

أصلي قعدت شبابي فيه_وفيه حبايبي واخواتي

يا مصر انا رضعت هواكي_من الصبا وجري في دمي

أحب نيلك وسماكي_انتي ابويا وانتي أمي

أرواحنا وشبابنا  فداكى_ وفداكى روحى وعينيه

ما ليش يامصر حبيب غيرك_ أميل اليه فى الدنيا دى

وأنا اللى متربى فى خيرك_ وازى وراح انسى هوا بلادى

ونيلك الحلو الصافى_ أفديه بروحى وعينيه

حب الوطن فرض عليا_ ومين يلومنى فى حبه دا مين

دا وردة احلى فى عينيه_ من كل شىء تشوفه العين

يا أعيش كريم يااموت كريم _وافديه بروحى وعنيه

وكان لتلك الأغنية تاثير قوي جداً على الروح المعنوية،وأشعلت لهيب الحماس ورفعت درجة حرارة الوطنية داخل كل فرد فينا.

  وقال لواء طيار عبد الخالق مكى، إنه بعد خروجه من الخدمة العسكرية نجح فى حياته المدنية بفضل ما تعملمه من تخطيط ودراسة علمية فى حياته العسكرية، وبنفس تقاليد وتعاليم القوات المسلحة قدم لمصر عندما أصبح سكرتيراً عاماً لاتحاد المصارعة، جنود أحرزوا ميداليات أولمبية مثل كرم جابر، وغيره كثيرون.

ونصح اللواء عبد الخالق مكي، كل أسرة مصرية، بأن تهتم بنقل عظمة أكتوبر من تدبير وتدريب، وتمسك بالأمل، والإيمان بالعمل إلي أبنائهم، وحتي يعلموا جيداً أنهم أنجال أبطال، وحتى تكون أحلامهم الاحفاظ على هذه الأمجاد دائماً وأبداً. فالمستحيل لا يستطيع أن يصمد امام إرادة الإنسان المصري .

وأشاد اللواء طيار عبد الخالق مكي، بالإنجازات التي تشهدها مصر في كل القطاعات، مشيراً الي انها سلسة طويلة من الانتصارات علي أشرس الأعداء، وهم الجهل واليأس والكسل، وأشار إلى أنه شاهد فرحة المصريين فى أوروبا وأمريكا بتلك الإنجازات التي لا تعد ولا تحصى، مثل أكبر نهر صناعي في العالم، وقناة السويس الجديدة، وشبكة الطرق و الكباري العملاقة، والمدن الجديدة التي قضت علي العشوائيات التي ينتشر فيها الجهل والجريمة، بالإضافة إلى محطات الكهرباء والمصانع، وأكبر محطة طاقة شمسية في العالم، ومصائد الأسماك، والمواني العملاقة، ومشروع الدلتا الجديدة، والمليون فدان، واكتشافات الغاز، وإنشاء المدارس والجامعات الجديدة، بالإضافة إلى التسليح الحديث للقوات المسلحة، والانتصار علي الإرهاب في سيناء الغالية، وغيره وغيره، مصر تكتب حكاية انتصار جديد بفضل اخلاص أبنائها الأفذاذ، الذين لا يبخلون بالعرق ولا الدماء فداء لها.