الأحد 21 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

منال خليل تكتب.. "حافية القدمين"

منال خليل
منال خليل

ببدء فصل الشتاء من عام جديد.. - كانت تجلس "مَلك" على طرف الجانب الأيسر من الفراش بجانب الشرفة المطلة على البحر وشجرة الياسمين  الوحيدة، أسفل الشرفة ويجاورها زهور، وقد تفتحت من مسك الليل.

 

 - رائحة عطر مسك الليل تتسلل عبر الهواء معلنة استدارة اكتمال القمر .. إيذاناً ببدء اول خيوط الفجر بعامها الجديد  كانت ملك ترتدي رداء حريريا مفتوح الصدر .. ذا لون وردي يزينه الكثير من الزهور تقارب لون وجنتيها عند الخجل   فوق قميص أبيض خفيف من المخمل الناعم كملمس أنوثة جسد لم يمسه أيام عمرها الخمسون.

 

- شعر ملك مسترسل على كتفيها بلون الشيكولاتة الدافئة وجزء منه معقود كالتاج فوق رأسها.. وإن كان قد بدأ يغزوه بعض من خيوط الفضة. - هواء الغرفة ممزوج بعطر العود مع رائحة البحر وصوت موجاته.. مع صوت موسيقى كلاسيكية خفيف،  وقد كانت انتهت من ممارسة طقوسها الخاصة قبل أن تؤوي لمخدعها.. لتبدأ بطقوس أخرى.  - رفعت قدميها الصغيرتين فوق الفراش، وهي تطمئن لثبات لون الطلاء الوردي وجماله على أظافرها.  ثم تناولت دفتر المذكرات الخاص بها والقلم لتسطر أول كلمات بعامها الجديد وأخذت تدون: 

 

- عام مضى حاسم كالرصاص المسنون، وكان يسبقه أعوام صارمة القسوة على القلب.. حققت فيها بعضا من أحلامي وقد تنازلت عن البعض الآخر.. ولكن هذا العام تحديدا سرق مني أغلى ما في وأرقى مشاعري، عام قد قسم قلبي إلى نصفين وهشم روحي لتتناثر في الفضاء صاعدة لسحب السماء خلف عزيزي.  - عام تنازلت فيه عما أحب وأهوى، عام الخديعة الكبرى  ولكنه مليء بالرحمات والحكمة والرجوع إلى الله  أعتدلت ملك على الفراش وتناولت كأس الماء لتروي ظمأ التخفف من الألم الذي يمسك بتلابيب الصدر والروح  أخذت نفسا عميقا وهي تنظر خارج الشرفة إلى السماء، لترى سحابة وقد تشكلت كملاك حارس وعيون وضحكة عزيزة، ابتسمت راضية وعادت لتخط بالقلم من جديد: هذا العام إن طال بي.   فلن أقسو على نفسي به، بل سأطلق عنان التمني وأتشبث بأطراف نجوم التفاؤل والشغف وأنهل من كنوز المحبة..  وأعطي روحا من روحي لشعاع أو خيوط الشمس من جديد.. سأتحاور لأعود بريئة ممن ومما أذى الأبيض في وعلى يقين أن القدر سيجلب لي أشياء جميلة وأشخاص مُحبة رحيمة.. تليق بى وبقلبي.   سأنتقي المقبل من وفي حياتي جيدا،  ليبقوا معي دائماً بلا غياب.   أشخاص تطيب معهم سماوات روحي وكل الحياة،   أشخاص يعلو معهم صوت الحب.. الأمل ورشاقة الاكتفاء والرضا. - كما أتمنى وجود رِفاق تحلو بهم الروح وتستكين..  أشخاص تمحو قسوة وجوه من رحلوا عمداً،  وأني محوتهم من ذاكرة الروح، ليظلوا عالقين أبداً رهن أدراج الذكريات. - سأحيا على مهل.. لأستمتع بكل ما هو بسيط ورائع  أستمتع بكوني أنا يملؤني الحب، بلا زيف.

 

- ثم طوت ملك دفتر المذكرات ووضعته جانباً وفوقه القلم.. وغادرت الفراش خفيفة كالفراشة، متجهة صوب الشرفة حافية القدمين على أرض بلاطة بارد وبقلب دافئ،  لتفتح ذراعيها وكأنها ستعانق السماء والبحر وهي ترسل قبلات إلى أقرب موجة. وقد كانت السحب بدأت تمطر وكأنها ترسل رحمات   فابتسمت قائلة:  ما أرحمك يا الله وما ألطفك بي.

تم نسخ الرابط