فرنسا تشهد أسبوعًا حافلًا بالمظاهرات احتجاجًا على القصف الإسرائيلي على رفح الفلسطينية
تحت شعار "كل العيون على رفح"، شهدت باريس وعدة مدن فرنسية مظاهرات يومية حاشدة على مدار الأسبوع الماضي، احتجاجًا على استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية وخاصة بعد الهجمات الإسرائيلية والتي استهدفت مخيمًا للنازحين في مدينة رفح، جنوب قطاع غزة، مخلفة ما لا يقل عن 45 قتيلًا و249 جريحًا.
فمنذ هذا القصف المستمر على رفح، يخرج آلاف الأشخاص غالبيتهم من الشباب إلى الشوارع الباريسية للتعبير عن غضبهم وسخطهم مطالبين بالوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة.
وبلافتات كتب عليها: "إنها ليست حربًا، إنها إبادة جماعية"، احتشد الآلاف في الميادين، والجديد هذا الأسبوع في ساحة "سان أوجستين" في الدائرة الثامنة بالعاصمة الفرنسية، حيث تجمع نحو 10 آلاف شخص وفقا لتقديرات الشرطة الفرنسية، مساء الاثنين الماضي، غداة الهجوم الاسرائيلي على مخيم النازحين في رفح الفلسطينية.
وفي اليوم التالي، شارك أكثر من 4500 شخص في مظاهرات داعمة لفلسطين تلاها تظاهرات أخرى وفي نفس المكان، في ساحة "سان أوجستين" وسط العاصمة الفرنسية باريس، دعمًا للفلسطينيين واحتجاجًا على القصف الإسرائيلي على رفح الفلسطينية.
واختيار هذا المكان لم يكن صدفة، حيث أنه يبعد بنحو كيلومترا واحدا من السفارة الإسرائيلية بباريس، واحتشد المواطنون مرددين هتافات منها "إسرائيل تقتل أطفال فلسطين" وأخرى داعمة للفلسطينيين منها "كلنا أطفال غزة" و"تحيا تحيا فلسطين" و"فلسطين حرة".
وأعرب المتظاهرون عن غضبهم قائلين: "عندما نرى صور ما حدث في رفح لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي، علينا أن نتحرك.. الإنسانية لا تحتمل هذا".
ورفع المتظاهرون الأعلام الفلسطينية وشعارات منها "غزة .. رفح .. باريس معكم" ولافتات كتب عليها: "أوقفوا القصف، حرروا فلسطين" وشعار "كل العيون على رفح" وهي الصورة التي تحولت إلى ظاهرة عالمية بعدما شاركها الملايين على وسائل التواصل الاجتماعي للتضامن مع رفح.
والجديد أيضًا هذه المرة أن المتظاهرين غالبيتهم من الشباب والطلبة وكثير منهم يتظاهر للمرة الأولى، خاصة بعد ما شاهدوا الأحداث الأخيرة في رفح الفلسطينية ، وأوضحت إحدى المتظاهرات أنها جاءت للتظاهر للمرة الأولى، وقالت: "لأننا نشهد إبادة جماعية .. ما حدث في 7 أكتوبر أمر مروع، ولكن منذ 7 أكتوبر هناك وفيات بين الفلسطينيين كل يوم".
ووسط هتافات "تحيا تحيا فلسطين" و"يحيا نضال الشعب الفلسطيني"، أعرب متظاهر آخر عن احتجاجه قائلًا :"تخطينا الآن مرحلة الغضب ووصل الأمر لمرحلة الرعب مع الهجوم على مخيم للاجئين في رفح".
ولم تكن تلك التعبئة في باريس فقط وإنما نُظمت تجمعات أخرى في مدن فرنسية مثل "ليل" و"مارسيليا" و "ليون" و"ستراسبورج" ومونبلييه" و"روان"، حيث خرجت أيضًا مظاهرات تضامنية مع القضية الفلسطينية مطالبة بوقف إطلاق النار.
كما هذا الحراك لم يكن في الشوارع الفرنسية فحسب، بل وصل الأمر إلى أن يعرب سيباستيان ديلوجو نائب فرنسي عن حزب فرنسا الأبية اليساري الراديكالي، عن دعمه لفلسطين رافعًا العلم الفلسطيني داخل مجلس النواب أثناء جلسة "طرح الأسئلة" بالجمعية الوطنية "مجلس النواب" موجهة إلى الحكومة، وهو تصرف اعتبرته رئيسة الجمعية الوطنية "غير مقبول".
واعتبر النائب ديلوجو أن رد رئيس الوزراء على نائبة بشأن اعتراف فرنسا بالدولة الفلسطينية، ثم رد الوزير المنتدب المكلف بالتجارة الخارجية على نائبة أخرى "غير مرضي"، لذلك قام برفع العلم الفلسطيني أثناء الجلسة، وهو تصرف محظور بموجب لوائح مجلس النواب. على إثر ذلك، تم استبعاد النائب عن ممارسة مهامه بالجمعية الوطنية لمدة 15 يومًا.
وعلى مستوى البلديات، وبمبادرة من رئيس بلدية مارسيليا، بينوا بايان قامت العديد من البلديات في فرنسا، من بينها "بوردو" و"نانت" و"ليون"، بإطفاء الأضواء في قاعاتها مساء الأربعاء الماضي، "تكريمًا لذكرى الضحايا المدنيين في غزة".
كذلك، كان هذا الأسبوع حافلًا بالأحداث السياسية المهمة، فمع اعتراف إسبانيا وأيرلندا والنرويج رسميا بدولة فلسطين، الثلاثاء الماضي، تزايدت الدعوات في فرنسا لكي تحذو حذو حكومات البلدان الثلاثة.
في هذا الصدد، أكدت باريس التي طالما دعت إلى حل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية، أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية ليس "من المحظورات بالنسبة لها، إلا أن هذا القرار يجب أن يُتخذ في "الوقت المناسب". وأكد نائب المتحدث باسم الخارجية الفرنسية أن باريس تعتبر أن هذا القرار يجب أن يكون مفيدًا، أي أن يسمح بإحراز تقدم حاسم على الصعيد السياسي، ومن هذا المنطلق، يجب أن يأتي في الوقت المناسب حتى يحدث فرقًا.
ومع تزايد الضغط على فرنسا للاعتراف بدولة فلسطين، وصل الأمر إلى أن دعا الرئيس الفرنسي، خلال اتصال هاتفي الأربعاء، مع نظيره الفلسطيني محمود عباس إلى إصلاح السلطة الفلسطينية تحضيرًا للاعتراف بدولة فلسطين.
كما أعرب ماكرون عن تعازيه للشعب الفلسطيني عن الخسائر البشرية "الفادحة" الناجمة عن العمليات الاسرائيلية في قطاع غزة، معتبرا القصف الإسرائيلي لمخيم للنازحين في رفح "مأساة جديدة".
وبعد هذا الأسبوع الحافل بالأحداث والمظاهرات الاحتجاجية، يبدو أن الشارع الفرنسي لن يهدأ، فقد دعت إحدى المنظمات الداعمة لفلسطين إلى مظاهرة حاشدة غدًا السبت في ساحة الجمهورية" وسط باريس، للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار وتحرير فلسطين.



