تمتلك قلعة قايتباي موقعا استراتيجيا مهما على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وقد تم بناؤها في القرن الخامس عشر الميلادي بأمر من السلطان الأشرف قايتباي، وذلك على أنقاض منارة الإسكندرية القديمة، وشيدت القلعة من أجل حماية المدينة من هجمات الصليبيين، كما كانت نقطة انطلاق العديد من الحملات العسكرية.
تتميز القلعة بعمارتها الدفاعية المتينة مما يجعلها تحفة معمارية فريدة من نوعها، حيث تتكون من عدة أركان رئيسية ومنها: الأبراج المختلفة الأشكال والأحجام، فمنها ما هو على شكل مربع أو دائري، وكانت تستخدم هذه الأبراج في مراقبة البحر والدفاع عن القلعة، ويحيط بها من الخارج سور متين مزود ببوابات كبيرة، وذلك لحماية القلعة من الهجمات الخارجية، كما أنها تحوي من الداخل جامعا كبيرا كان يستخدم للصلاة والعبادة، بالإضافة إلى وجود أحواض كانت تستخدم فى تجميع مياه الأمطار لتوفير المياه اللازمة لسكان القلعة، وقد تم تحويل جزء من القلعة إلى متحف يعرض مجموعة من القطع الأثرية التي تم العثور عليها داخل القلعة وخارجها.
تعتبر قلعة قايتباي بمدينة الإسكندرية واحدة من أهم وأبرز المعالم التاريخية في مصر والعالم العربي، كما تُعد شاهدا تاريخيا على عراقة وعظمة الحضارة الإسلامية وتنوعها المعماري.
وشهدت القلعة العديد من التجديدات على مر العصور، وهذا ما جعلها تقف صامدة أمام عوامل التعرية والزمن، كما تم مؤخرا إدخال مشروع الصوت والضوء واستخدام التقنيات الحديثة، لإبراز تاريخ القلعة وجمالها المعماري.
شهدت عروس البحر الأبيض المتوسط لأول مرة تنفيذ عرض الصوت والضوء بقلعة قايتباي الأثرية، من قبل شركة مصر للصوت والضوء التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام، بالتعاون مع المجلس الأعلى للآثار لأول مرة داخل أثر إسلامي، وذلك بعد أن تم تنفيذه من قبل على أثر فرعوني، ويعتبر هذا المشروع مثالا حيا على كيفية دمج التراث الثقافي بالتكنولوجيا الحديثة.
فالعرض يقدم تجربة فريدة ومميزة للزوار، حيث يروي قصة القلعة وحضارة الإسكندرية باللغتين العربية والإنجليزية بطريقة مبهرة ومشوقة وجذابة، كما استطاع أن يجمع بين عظمة التاريخ وتكنولوجيا المستقبل الحديثة في آن واحد، من خلال سرد تاريخ مدينة الإسكندرية والحضارات العريقة المختلفة التي شهدتها ومنها: "الرومانية واليونانية والقبطية والاسلامية".
وقد تم الاستعانة بالتقنيات الحديثة في الإضاءة الساحرة والأصوات المميزة والرسوم المتحركة، وهذا ما يشعر الزائر بأنه في رحلة عبر الزمن لاستكشاف جوهرة تاريخية، من خلال إسقاط صور وأضواء ملونة على جدران القلعة، مصحوبة بموسيقى تصويرية وأصوات تعبر عن مراحل تطور التاريخ المصري والإسلامي، في عرض بصري وصوتي مبهر، كما يتضمن العرض قصة بناء القلعة وأهميتها الاستراتيجية، بالإضافة إلى دورها في حماية الساحل الشمالي لمصر.
لاقى عرض الصوت والضوء بقلعة قايتباي إعجابا شديدا من قبل الزوار، الذين أشادوا بالفكرة الإبداعية للعرض بالإضافة إلى جودة التنفيذ، كما أنهم أكدوا على أن العرض يساعد على فهم تاريخ القلعة وحضارة الإسكندرية بشكل أفضل، كما أنهم أشادوا بقيمة المعلومات التاريخية التي تم سردها بأسلوب مبسط خلال ٣٠ دقيقة، وهذا ما يسهم فى زيادة عدد السياح الوافدون إلى مصر من كل أنحاء العالم، وسيجعل القلعة مقصدا وتجربة سياحية جديدة لزائري قلعة قايتباي والإسكندرية.
ختامًا.. بعد انطلاق هذا الحدث الثقافي والسياحي الكبير، أتمنى زيادة حملات التوعية بأهمية العرض والترويج له بكل القنوات الإعلامية، وأيضا ضرورة الحرص على تنوع العروض المقدمة خلال العام لتلبية احتياجات كل الفئات العمرية، والعمل على تنشيط السياحة الداخلية، فضلا عن تعزيز آليات تنمية الوعي السياحي والأثري لدى طلبة المدارس والجامعات وتعريفهم بحضارة وتراث بلدهم، وبأهمية السياحة ودورها في تنمية المجتمع وترسيخ شعور الانتماء والاعتزاز بتاريخ وحضارة بلدهم.



