السبت 20 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

محمد رشاد: «المستعمرة» فيلم له خصوصية في التلقي.. والهوس بالمناطق الصناعية قادني إلى كتابته

بوابة روز اليوسف

بعد عرضه العالمي الأول في مهرجان برلين السينمائي الدولي، ونجاحه في اقتناص نجمة الجونة البرونزية لأفضل فيلم روائي طويل في الدورة الثامنة من مهرجان الجونة، يستعد فيلم «المستعمرة» للمخرج محمد رشاد للمشاركة في الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، في محطة جديدة ضمن رحلته التي تكرّس صوتًا سينمائيًا مصريًا يصر على الغوص في أعماق المجتمع المهمّش.

 

يروي الفيلم قصة شقيقين يواجهان واقعًا قاسيًا بعد وفاة والدهما في حادث عمل غامض داخل مصنع، ليُعرض عليهما العمل في نفس المكان كتعويض للأسرة، بدلاً من رفع دعوى قضائية، وبينما يتوليان عملهما الجديد، يبدأ لديهما التساؤل عما إذا كانت وفاة والدهما قدرية أم مدبّرة، فتبدأ رحلة مليئة بالأسئلة حول العدالة والكرامة والمعنى الحقيقي للحياة الكريمة.

 

وفي هذا الحوار، يتحدث المخرج محمد رشاد عن كواليس الفيلم، ورحلته الطويلة حتى الوصول إلى نجمة الجونة البرونزية لأفضل فيلم روائي طويل، وعن معنى الجائزة بالنسبة له، وخطواته القادمة.. فإلى نص الحوار

 

 

كيف وُلدت فكرة فيلم «المستعمرة»؟ وهل كانت مستوحاة من واقعة حقيقية أم من تأمل في الواقع العام؟

 

الفكرة جاءت من هوسي بالمناطق الصناعية، الأمر مرتبط أيضا بذكرياتي مع والدي، فقد كنت أراه كل صباح ذاهبًا إلى العمل بينما تأتي سيارة المصنع لتقله، هذا الهوس ظهر في فيلمي الوثائقي «نسور صغيرة»، لأنني أحب المناطق الصناعية وأراها مناطق غنية بصريا، وبالصدفة، كنت مع صديق والتقينا بآخر حكى لنا أن والده كان عامل بناء وسقط من طابق عالٍ ومات، فعرضت الشركة على الابن أن يعمل مكان والده مقابل ألا يقاضيهم، وبالفعل قبل الشاب العمل لأنه لم تكن لديه فرص أخرى، وقتها بدأت أفكر: كيف يمكن لإنسان أن يبني مستقبله على حادثة موت والده؟ ومن هنا وُلدت فكرة الفيلم.

 

 

الفيلم استغرق خمس سنوات في التحضير والإنتاج، لماذا كل هذا الوقت؟ وكيف حافظت على حماسك للمشروع؟

 

 

التحضير كان صعبًا جدًا، سواء في اختيار أماكن التصوير أو الممثلين، وخصوصًا الطفل الذي جسّد دور الشقيق الأصغر "مارو". لكن التحدي الأكبر كان في توفير التمويل، لأن هذا النوع من الأفلام لا يجد بسهولة من يموله، لذلك استغرق الأمر وقتًا طويلًا لتجميع دعم من أكثر من جهة إنتاجية.

 

 

اعتمد الفيلم على أداء طبيعي من ممثلين مبتدئين وغير محترفين لماذا اخترت هذا الأسلوب؟ وكيف أدرتهم لتحقيق هذا الصدق؟

 

 

بالفعل، بعض الوجوه التي ظهرت في المصنع هم عمّال حقيقيون، وليست لديهم خبرة تمثيلية، والبعض الآخر غير معروف للجمهور، الأم مثلًا أستاذة في معهد السينما لكنها ليست ممثلة معروفة، وعماد غنيم شارك بأدوار صغيرة في أفلام قصيرة.

 

 

والحقيقة أن إصراري على أن يكون الممثلون مجهولين للجمهور نابعة من رغبتي في أن يشعر المشاهد بأنهم أشخاص من الواقع، فضلا عن أنني كنت أبحث عن ملامح فيها حدة وطبيعية تناسب طبيعة الفيلم.

أما عن إدارة التمثيل، فكنت أبدأ دائمًا بالحديث مع الممثلين عن تاريخ الشخصيات: مثلًا مع "أدهم شكر" الذي لعب دور حسام تحدثت كثيرًا معه عن علاقته بوالده المتوفي في الفيلم، و بدأت في خلق مواقف بينهما حتى يفهم تاريخ الشخصية، كما تحدثت مع الأم عن ذكرياتها مع زوجها، ومع ابنها قبل أن يتركهم، كما أنني كنت أتعمد أن

أتركهم يقضون وقتًا معًا لبناء العلاقة بينهم، خصوصًا بين الأخوين "حسام" و"مارو"، ليظهر التآلف بينهما طبيعيًا أمام الكاميرا.

 

 

العلاقة بين الأب والابن بدت محورًا متكررًا في أفلامك، مثلما حدث في فيلمك الوثائقي «نسور صغيرة». هل هو هاجس شخصي بالنسبة لك؟

 

 

أنا دائمًا أتساءل عن العلاقة بين الأب والابن: ماذا ينتظر كل منهما من الآخر؟ في «نسور صغيرة» تصالحت مع فكرة أن والدي فعل ما استطاع فعله، حتى لو كنت غير راضٍ عنه والعكس، لكن في النهاية أدركت أنه كان يحبني بطريقته، أمافي «المستعمرة» يظل الأب حاضرًا في الخلفية كظلٍّ يحرّك الأحداث، وتساؤلات حسام عنه تتكرر مع مارو، لأن الصغير يضع أخاه الأكبر مكان والده.

 

 

الفيلم عُرض لأول مرة في برلين، وحصل على جائزة في الجونة، وسيُعرض قريبًا في البحر الأحمر. ما الذي تضيفه هذه المشاركات لك كمخرج مستقل؟

 

 

المهرجانات بالنسبة لأفلام مثل «المستعمرة» هي وسيلة عرض وتوزيع أكثر من أي شيء آخر. يسعدني أن الفيلم يُشاهد ويُقدَّر، خصوصًا في مهرجانات كبيرة.

 

 

كما أن الجائزة أكدت لي أنني أسير في الطريق الصحيح، حتى لو لم يعجب الفيلم بعض الناس، لأنني أعرف أنه فيلم له خصوصيته في التلقي.

 

 

وما الخطوة التالية بعد «المستعمرة»؟ هل تفكر في مشروع جديد؟

 

هناك نية لعرض الفيلم تجاريًا قريبًا. أما كمخرج، فلا يوجد مشروع محدد حاليًا، فقط أفكار أولية لم تتبلور بعد.

الآن أركز على مشاريعي الإنتاجية وأعمل منتجًا لفيلم المخرجة نادين صليب بالاشتراك مع المنتجة هالة لطفي.

تم نسخ الرابط