الجمعة 19 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
بوابة روز اليوسف

"قم للمعلم وفّه التبجيلا.. كاد المعلم أن يكون رسولا".. بيت شعر شهير لأمير الشعراء أحمد شوقي كتبه كي يوضح العلاقة التي يجب أن تكون بين المعلم والطالب، والتي من المفترض أن قوامها الاحترام المتبادل الذي يُعد جوهر العملية التعليمية، فالمعلم أو المعلمة بمثابة الأب أو الأم فكلٌ منهما له دور مهم جداً في تكوين ثقافة وشخصية الطالب، إلى جانب دور الأسرة في التربية وتوجيه الأبناء نحو القيم والأخلاق.

 

"دوام الحال من المحال"، مثال ينطبق على الوضع الذي نعيشه الآن، خاصة في عصر التكنولوجيا والإنترنت الذي أسهم في زيادة سرعة وتيرة الأحداث وقام بتضخيمها بصورة فجة، تعكس مشاهد لحوادث وأفعال ربما كانت تحدث ولكنها لم تكن تظهر على الساحة ولم تصل إلى هذا الشكل وهذه الدرجة من الانحطاط الأخلاقي. أسهمت مواقع التواصل الاجتماعي في الترويج لأحداث كانت تتم بشكل فردي أو نادرا، وقامت بتصديرها إلى رواد المواقع والتواصل الاجتماعي على أنها كارثة هائلة تحدث بصورة دائمة ومستمرة، وانتشر هذا النوع من المحتوى الإعلامي السلبي الذي يسلط الضوء على شيء ما من أجل التهويل والتعظيم، الأمر الذي يجعلك تشعر أنك أمام تسونامي الانفلات الأخلاقي.

اجتاحت ظاهرة غريبة مجتمعنا وقيمنا المصرية، وانتشرت بمواقع التواصل الاجتماعي أخبار ومقاطع فيديو تكشف عن الحوادث والممارسات اللاأخلاقية المتنوعة التي تتم داخل المدارس منها "التحرش، التنمر، الاعتداء على الطلبة، التطاول على المعلم"، وغيرها من النماذج والصور المرفوضة مجتمعيا وأخلاقيا، وتحولت هذه الظاهرة إلى مادة خصبة يتداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية، الأمر الذي أعطى الفرصة لأصحاب النفوس الضعيفة للقيام بفبركة بعض الأحداث وتهويلها بقصد تأجيج الأزمة وجعلها أكثر سوءًا، بالإضافة إلى إثارة البلبلة لدى الرأي العام.

ما يحدث الآن ما هو إلا صورة من صور الحروب الحديثة "الجيل الرابع والخامس"، التي حذّرنا ونبّهنا مرارا وتكرارا من عواقب هذه النوعية من الحروب التي تستهدف عقول شبابنا والاستقرار الاجتماعي وغيرها من أهداف مختلفة، لأجل تدمير الهوية الوطنية، لذلك حان الوقت لكي تتضافر جهود الجهات المنوطة بمستقبل أولادنا، فيتحدون ويتكاتفون لمجابهة هذه الحروب وإفساد مخططاتها الدنيئة، وهذا الدور المهم تعيه جيدًا الدولة المصرية.

 

أسباب كثيرة أسهمت بشكل كبير في زيادة نسبة الحوادث في المدارس خاصة وكل النواحي الحياتية عامة، منها ما يصدره لنا الغرب من أفكار مسمومة تستهدف عقول أولادنا كي تقوم بتخريبها، عن طريق الإنترنت "ألعاب، برامج، مقاطع مصورة، وغيرها من وسائل مدمرة للعقول".

أصبح شبابنا مستهدفا وذلك من أجل محو العادات والتقاليد الشرقية وتبديلها بأفكار أوروبية تخالف الشرائع السماوية، للأسف هناك شريحة من شبابنا انساقوا خلف هذه الأفكار نظرا لظروفهم الحياتية المليئة بالمشاكل الأسرية التي تنعكس على عقولهم وشخصيتهم، وهم لا يمثلون سوى قلة قليلة لا تذكر، ولكن أفعالهم ذات صدى أكبر من فاعليها.

 

ختاماً.. هذا ليس دفاعا عما يحدث من حوادث لا يقبلها شرع أو قانون، لذلك لا بد من إصدار وتطبيق عقوبات رادعة وصارمة تجاه كل من يحاول اختراق القانون، ولكن قبل أن نعلن الحكم على الجاني، علينا أن ندرس الأسباب التي دفعته إلى ارتكاب هذا الفعل المشين، كما يجب على الجهات المعنية بالأمر رصد كل التحديات والمشاكل التي تواجه عناصر العملية التعليمية "المدرسة، المنهج، هيئة التدريس، الطلبة"، وإيجاد حلول جذرية حتى لا تتراكم وتتفاقم التحديات وتتحول إلى أزمات يصعب حلها.

لا يمكن حل الأزمة بقرارات انفعالية أو عنترية، بل نحتاج إلى التريث في معالجة الأمور الشائكة، وذلك لأن سلامة الطلاب والمعلمين معاً خط أحمر لا يجب تجاوزه، وإن استعادة هيبة المدرسة تبدأ من استعادة الأمن والأمان داخل أسوارها، وذلك من خلال تفعيل لائحة الانضباط المدرسي بصرامة دون تفرقة، بالإضافة إلى ضرورة حظر تواجد الهواتف الذكية مع الطلبة داخل المدرسة، وإعداد خطة تقييم شاملة لمختلف الأبنية التعليمية قبل بداية كل عام دراسي، وكذلك تفعيل دور الأخصائي الاجتماعي والنفسي داخل المدرسة لاحتواء العنف الطلابي قبل تفاقمه.

اللهم احفظ شباب مصر، وارزقهم العمل الصالح والرزق الطيب، واحميهم من كل شر وفتنة، ووفقهم لما فيه الخير والصلاح لمصر.

تحيا مصر _ تحيا مصر _ تحيا مصر

تم نسخ الرابط