تواصل عروض التحطيب التراثية ضمن فعاليات المهرجان القومي بالأقصر

بحضور جماهيري كثيف وحفاوة لافتة من أهالي الأقصر وزائريها، واصل المهرجان القومي للتحطيب فعالياته في يومه الثالث بساحة أبوالحجاج الأقصري، في مشهد احتفالي نابض بالحياة أعاد إحياء واحدة من أعرق مفردات التراث الشعبي المصري، وجعل من الساحة التاريخية مسرحًا مفتوحًا تتجاور فيه الفروسية الشعبية مع الإيقاع والموسيقى والذاكرة.

وشهدت الفعاليات تفاعلًا واسعًا من أبناء محافظات الجنوب إلى جانب أعداد من السائحين الأجانب، الذين حرصوا على متابعة عروض التحطيب وحلقات السامر، في لوحة ثقافية جسّدت عمق الهوية المصرية وثراء الموروث الشعبي، حيث تحولت العصا من أداة لعب إلى لغة حوار، ومن حركة إلى دلالة حضارية متوارثة عبر الأجيال.

ويقام المهرجان تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، والمهندس عبد المطلب عمارة محافظ الأقصر، وتنظمه الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان، على أن تستمر فعالياته حتى 24 ديسمبر الجاري.

ـ شيوخ التحطيب… هيبة اللعبة وروحها

في فعاليات اليوم الثالث، تألق شيوخ لعبة التحطيب في تقديم فقرات استعراضية على أنغام المزمار البلدي والربابة، حيث امتزجت القوة بالرشاقة، والصرامة بالمتعة، في عروض عكست فلسفة التحطيب كلعبة رجالية أصيلة تقوم على الاحترام والتنافس النبيل قبل المواجهة.

تضمنت الفعاليات حلقات سامر للتحطيب ولعبة العصا، بمشاركة فرق ولاعبي التحطيب من محافظات قنا، المنيا، سوهاج، ملوي، أسيوط، وبني سويف، في لوحات أدائية جسدت الفروسية الشعبية وروح الجماعة، وذلك بمصاحبة فرقة النيل للموسيقى والغناء.

ـ عروض فنية تُحاور الذاكرة

في الفاصل الثاني، قدمت فرقة أسيوط للفنون الشعبية بقيادة الفنان محمود سِنه فقرتي «العصايا» و«التحميلة»، وسط تفاعل جماهيري كبير، بينما أضفت فرقة النيل للموسيقى والغناء الشعبي بقيادة الفنانة منال إبراهيم بعدًا غنائيًا وروحانيًا على الأمسية، من خلال مجموعة من الأغاني التراثية، منها: «يا عين صلي على النبي»، «بشاير»، «حبيبي يا ولدي»، «على فين يا صبية»، «قصد بابك».

كما قدمت فرقة المنيا للفنون الشعبية فقرة «سامر التحطيب» بقيادة سيد التوني، فيما استعرضت فرقة قنا للفنون الشعبية عرض «صعيدي» بقيادة المدرب أحمد فؤاد، معبرة عن إيقاع الحياة اليومية في الجنوب وقيمه المتجذرة.

وواصلت فرقة النيل للموسيقى والغناء تقديم باقة أخرى من الأغاني الفلكلورية، شملت: «الافتتاحية، الغلة غلتنا، موال يا رب سترك، جمال العين، قلوب العاشقين، حالة ذكر»، لتمنح الجمهور حالة وجدانية زادت من ثراء المشهد الفني.

- تنوع بيئي… وروح واحدة

وقدمت فرقة بني سويف للفنون الشعبية بقيادة الفنان وائل عيد فقرتي «النحاس» و«السحجة»، تلتها مشاركة فرقة ملوي للفنون الشعبية بقيادة الفنان محمد شحاتة بفقرة «السحجة»، وسط تفاعل وتصفيق حار من الجمهور.

وكان مسك الختام مع فقرة سامر للتحطيب التي تألقت في تقديمها فرقة سوهاج للفنون الشعبية بقيادة المدرب الفنان محمد الرز، حيث امتزج صوت الربابة بالحركة، مستحضرًا ملامح السيرة الشعبية في مشهد جمع بين الإيقاع والحكاية والذاكرة.

- تنظيم وحضور ثقافي

أقيمت العروض تحت إشراف وإخراج الفنان أحمد الشافعي، رئيس الإدارة المركزية للشئون الفنية، وشهدت الفعاليات حضوره إلى جانب محمود عبدالوهاب مدير عام إقليم جنوب الصعيد الثقافي، وحسين النوبي مدير فرع ثقافة الأقصر، وعدد من الإعلاميين والصحفيين.

وينفذ المهرجان من خلال الإدارة العامة للمهرجانات برئاسة إيمان حمدي، والإدارة العامة للفنون الشعبية، بالتعاون مع إقليم جنوب الصعيد الثقافي وفرع ثقافة الأقصر.

وتنطلق حلقات التحطيب يوميًا في الرابعة عصرًا بساحة أبوالحجاج، بينما تقدم الفرق الفنية عروضها الاستعراضية في السابعة مساءً، حتى ختام المهرجان في 24 ديسمبر.

ـ التحطيب… تراث يُجدد حضوره

يهدف المهرجان إلى ترسيخ فنون لعبة التحطيب، والتأكيد على توارثها عبر الأجيال بوصفها أحد أهم عناصر الهوية الثقافية المصرية، وممارستها كلعبة رجالية أصيلة في المناسبات الكبرى والأفراح، خاصة بعد إدراجها عام 2016 ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي لمنظمة اليونسكو.. وهكذا يواصل التحطيب حضوره شاهدًا حيًا على عبقرية التراث، وروح الجنوب، وذاكرة وطن لا تزال تنبض بالحكاية.