الأربعاء 31 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

أراد النبي إبراهيم عليه السلام أن يجعل من البيت الحرام  مركزًا ينطلق منه شعاع النور والهداية ليعم جميع أنحاء الأرض، قال تعالى: (وَإِذْ يَرْفَعُ إبراهيم الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) البقرة 127.


ولذلك فإن كلمات السلام والأمن حاضرة في ثقافة وفكر النبي إبراهيم:(رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) البقرة 128.
تحقيق الأمن والسلام من أسس منهج النبي إبراهيم عليه السلام، ولذلك جاء التوجيه في القرآن على ضرورة اتباع ملة إبراهيم، فالفكر الذي كان لدى النبي إبراهيم فكر إنساني راق ولهذا استحق لقب أمة، قال تعالى: (إِنَّ إبراهيم كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) النحل 120، لأنه فكر يؤسس أمة مسالمة مؤمنة تتوافر فيها الحقوق الأساسية لكل إنسان.


والكلمات التي جاءت على لسان النبي إبراهيم، مثلا لبلد والأمن والسلام تشير إلى الاستقرار وعدم الخوف في بيئة آمنة تضمن استمرار الحياة للناس، وتكوين مجتمع ودولة توفر لهم حقوقهم حتى يكونوا مطمئنين ومتعاونين في الأسرة والمجتمع.


ولذلك فمن يكره هذا الشكل من الحياة الآمن المستقر هو ليس فقط سفيه في أفعاله بل سفه نفسه:(وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إبراهيم إِلَّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ) البقرة 130، يعني النفس بالنسبة لهذا الكاره صارت مفعولًا حتى وصلت السفاهة إلى نفسه.


لأن السفه يدل على العشوائية وعدم النظام، والذي يعيش ضد الأمن والسلام فهو يسعى في طريق غير محددالاتجاه، فلذلك سيغرق في الفوضى ولن يعرف معنى ولا هدفًا للحياة.
والنبي إبراهيم استخدم العقل والتفكير في الوصول إلى الله: (وَلَقَدْ آتَيْنَا إبراهيم رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِه عَالِمِينَ) الأنبياء 51، فقد ترك لعقله مهمة البحث عن الخالق، وبدأت رحلته لليقين من أنه لا يمكن لهذا الكون أن يتم خلقه بالمصادفة ولا بد له من خالق، ولذلك آمن بالله وحده لا شريك له دون أن يراه.


وبعد أن أصبح مؤمنًا لم يتوقف عن تساؤلاته العقلية حتى بعد إيمانه، وبدأ يفكر في كيفية إحياء الموتى: (وَإِذْ قَالَ إبراهيم رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) البقرة 260.


لقد أراد أن يقطع الشك باليقين في أمر لا يتحقق معه الإيمان إلا بالتسليم غيبًا بقدرة الله تعالى على بعث الموتى للحياة، ولم ينهاه تعالى عن السؤال لأن سؤال النبي إبراهيم لم يكن بسبب عدم إيمانه بالغيب وإنما هدفه الفهم واليقين.


وأمره تعالى بالإسلام: (إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) البقرة 131، وسمى النبي إبراهيم كل من يتبع دينه مسلمًا: (مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إبراهيم هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ) الحج 78.


وباعتماده على العقل وتفعيله للفكر صار النبي إبراهيم يؤسس لأمة بمنهجه: (إِنَّ إبراهيم كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلّهِ حَنِيفًا) النحل 120، ووصف تعالى طريقة عبادته بالملة الحنيفية: (ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إبراهيم حَنِيفًا) النحل 123.


لقد كان النبي إبراهيم عليه السلام رمزًا للعقلانية، وقدوة في الفكر:(قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إبراهيم وَالَّذِينَ مَعَهُ) الممتحنة 4.
 

 

تم نسخ الرابط