مصير الإخوان بعد انهيار تحالفهم في الجزائر
كتب - مصطفى سيف
تتواصل الاعترافات في أوساط الإسلاميين الجزائريين بتراجع الإسلام السياسي في الخارطة الحزبية الجديدة، بعد الانتخابات التي جرت نهاية الشهر الماضي.
واعترف عبدالله جاب الله زعيم جبهة العدالة والتنمية (متفرعة عن جماعة الإخوان المسلمين العالمية)، بتأثر الوعاء الإسلامي في الجزائر بسقوط الإخوان في مصر وإجهاض مشروع الإسلام السياسي بما في ذلك فشل حركة النهضة في إقامة المشروع الإخواني في تونس.
وقال، لموقع محلي إلكتروني، "لا شك أن الأحداث التي عرفها العالم العربي ولا يزال، على غرار ما وقع في مصر، وموقف الدول العربية؛ المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين من تيار الإسلام السياسي، تركت تأثيرها الكبير على معنويات أنصار المشروع الإسلامي في باقي المنطقة".
وأضاف، "هؤلاء (أنصار المشروع الإسلامي) في حيرة من أمرهم ولا يعرفون أين يتجهون وماذا يفعلون، وقد ساهم أيضا في تعميق هذه الحيرة شيوع الفهم المعلول للإسلام الذي روجت له مكونات من التيار الإسلامي، كالتيار المدخلي".
وأوضح جاب الله أن هذا التيار "وبدعم وتشجيع البعض من الأنظمة السياسية كان يضلل أنصاره بالدعوة الشرعية إلى طاعة الحكام وعدم جواز مخالفتهم ولو بالانتخاب".
وتلمح إشارات جاب الله إلى حالة التفكك والتنافر بين المدارس والمذاهب الإسلامية وغياب الإجماع الداخلي لديها حول تصور معين عن حدود العزل بين العمل الدعوي والعمل السياسي داخل المجموعات الإسلامية.
وشكلت تصريحات جاب الله اعترافًا غير مسبوق منه بتأثر الأحزاب الإسلامية في الجزائر بدور التيار السلفي في تشتيت الوعاء الإسلامي في البلاد ومساهمته في توسيع فكرة القطع مع العمل السياسي. وتغلغل التيار السلفي في الأوساط الشبابية ومحيط المساجد التي كانت تشكل منصة الإسلاميين في الترويج لمشروعهم السياسي.
الخلافات تعمقت بين قياديي الأحزاب الإسلامية حول مصيرهم في الحزب الجديد. ودفعت الخلافات قياديين إلى التردد في الإعداد للمؤتمر المتفق عليه خشية فقدان مواقعهم.
وأعلن جاب الله عن وجود خلاف بين حركته (جبهة العدالة والتنمية) مع حركة النهضة، مؤكدًا وصول الخلافات إلى نقطة اللا رجوع.
وتقول مصادر جزائرية، بحسب الصحافة المحلية، من داخل تحالف الأحزاب الإسلامية الجزائرية إن خلافات عميقة تكرست في الآونة الأخيرة بين قيادات هذه الأحزاب حول مصيرها ومستقبلها في الحزب الجديد.
ودفعت الخلافات قياديين إسلاميين إلى التردد في الإعداد للمؤتمر المتفق عليه، خشية فقدان مواقعهم ومناصبهم خاصة مع تشبث جاب الله بقيادة الحزب، رغم أن اتفاقا أوليا أقر تطبيق القيادة الدورية.
من بين الأسباب، وفقًا للقيادي الإخواني، "التزوير والتلاعب بالنتائج وتضخيم نسب المشاركة لصالح أحزاب معينة، والارتباك التنظيمي والداخلي للتحالف قبل الموعد الانتخابي".
ولم يعد الوقت الراهن في الجزائر في صالح التيار الإسلامي بشكل عام بسبب رفض العديد من قطاعات الشعب وجوده في السلطة بعد التعرف على الجرائم التي يرتكبها الإسلاميون في العديد من الدول المجاورة مثل سوريا وليبيا.
والتيار الإسلامي في الجزائر، يواجه العديد من التحديات التي لا يمكن التغافل عنها، إذ لم يعد تشرذم الإسلاميين التي لازمتهم منذ الانفتاح السياسي قبل أن تتعقد لاحقا، هي وحدها العائق أمامهم، بل امتدت تلك المعوقات إلى جملة من الأخطاء التي تم ارتكابها خلال الفترة الأخيرة، مثل مشاركة حركة مجتمع السلم في الحكومة (حمس) التابعة فكريًا وتنظيمًا لجماعة الإخوان، في السلطة قبل 2012، ما أسقط عن الحركة ورقة "نظافة اليد" التي لطالما لعب عليها الإسلاميون في خطابهم السياسي.
لذلك فإن عموم الجزائريين، يعارضون تمامًا تداخل الأحزاب الإسلامية في الحكومة، الأمر الذي وضع التحالف الإسلامي على المحك في الانتخابات المحلية الأخيرة.



