رسميًا.. أول لاعب في العالم يُنَصَّب رئيسًا لليبيريا غدا
ليبيريا على موعد غدًا الاثنين مع تحول ديمقراطي طال غيابه لسبعين عامًا، حيث يتولى نجم كرة القدم السابق ذائع الصيت (جورج وايا)، البالغ من العمر 51 عامًا، مهام عمله رئيسًا لجمهورية ليبيريا رسميًا، مسجلًا بذلك لقب أول لاعب يصل لمنصب رئيس جمهورية في العالم، حيث تُجرى مراسم تنصيب الرئيس الجديد في العاصمة مونروفيا، بحضور لفيف من قادة وزعماء دول العالم وممثليهم وطوائف الشعب الليبيري.
يخلف (وايا)- الذي يعد أشهر ليبيري في العالم- في منصب رئيس الجمهورية إلين جونسون سيرليف، البالغة من العمر 78 عامًا، التي تشغل المنصب منذ عام 2005، وهي أول امرأة في القارة الإفريقية تتولى منصب الرئاسة، وتلقب بـ"المرأة الحديدية الإفريقية"، وهي حاصلة على جائزة نوبل للسلام في عام 2011، وقد أعربت مؤخرًا عن سعادتها بالإنجازات التي حققتها، ودعت الشعب الليبيري إلى "قياس الطريق الذي قُطع كأمة وكشعب والذي سمح للبلاد بالانتقال من مجتمع دمره النزاع والحرب إلى واحدة من الدول الديمقراطية الأكثر حيوية في غرب إفريقيا".
لم تشهد ليبيريا- الواقعة في غرب القارة السمراء والتي أنهكها داء الإيبولا- تسليم السلطة من رئيس منتخب إلى رئيس آخر منتخب منذ 70 عامًا، حيث كانت الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها (وايا) نهاية العام الماضي أول انتخابات رئاسية تديرها مؤسسات الدولة وقوات الأمن بشكل كامل منذ انتهاء الحرب الأهلية في البلاد عام 2003، وأشرفت عليها اللجنة الوطنية (نيك) دون مساعدة من الأمم المتحدة.
كان الرئيس (وايا) من أفضل اللاعبين الأفارقة في التاريخ، وقد تم تتويجه بلقب أفضل لاعب في العالم عام 1995، وأدت مشاركته باللعب في كبريات الفرق العالمية مثل: (إيه سي ميلان)، و(تشيلسي)، و(موناكو)، و(باريس سان جيرمان)، و(أولمبيك مارسيليا)، و(مانشستر سيتي) إلى شعور ليبيريا بالفخر، وفاز في انتخابات الرئاسة الليبيرية الأخيرة بعد محاولتين سابقتين فاشلتين.
خاض (وايا) السباق الرئاسي في عام 2005، ووصل فيه إلى جولة الإعادة أمام إلين جونسون سيرليف، لكنه خسرها بفارق كبير، وكان إصرار (وايا) للوصول إلى هذا المنصب حافزًا له على خوض انتخابات الرئاسة مرة أخرى في عام 2011 كنائب للمرشح وينستون توبمان، لكنه خسرها مجددًا، ثم عاد بقوة إلى حلبة السياسة بفوزه بمقعد في مجلس الشيوخ الليبيري في عام 2014، وفي الانتخابات الأخيرة تصدر جورج وايا- مرشح التحالف من أجل التغيير الديمقراطي (سدك)- السباق الذي جرى بين 20 مرشحًا، بحصوله على 39.2% من أصوات الناخبين، وجاء جوزيف بواكاي- نائب رئيس ليبيريا- في المركز الثاني، بحصوله على 29.1%، وهو مرشح حزب الوحدة الحاكم.
وأخيرًا وصل (وايا) إلى كرسي الرئاسة، بفضل دعم ومساندة قطاع كبير من الفقراء والشباب الليبيري الذين يعتبرونه ملهمًا لهم؛ لما تعكسه حياته من قصة كفاح نموذجية رفعته من بوتقة فقر أزقة العاصمة مونروفيا، حيث ينتمي إلى عرق كرو وينحدر من أسرة فقيرة، إلى عالم الشهرة الدولية، ويحظى (وايا) بدعم قطاع كبير من الشباب، حيث يقوم بتمويل رحلات الفريق القومي للعب بالخارج، وأنشأ محطتي إذاعة وتليفزيون في ليبيريا، ويرى منتقدو (وايا) أن ضعف تعليمه يجعله غير مؤهل للحكم، ورفع بعض منافسيه دعوى قضائية ضده بزعم حصوله على الجنسية الفرنسية، لكن اللجنة الانتخابية لم تجد دليلًا يثبت مزاعمهم.
يواجه جورج وايا تحديات كبيرة كرئيس للبلاد، خاصة في ظل تدهور الأداء الاقتصادي، بعد أن بلغ معدل النمو صفرًا خلال ثلاثة أعوام، وفقًا لتقرير البنك الدولي، إذ تعد ليبيريا من أفقر دول العالم نتيجة تداعيات الحرب الأهلية التي استمرت على مدى 14 عامًا (1989-2003) وراح ضحيتها 250 ألف قتيل، وشردت نحو مليون ليبيري، إلى جانب معاناتها في مكافحة فيروس إيبولا على مدى ثلاثة أعوام (2013-2015) الذي قضى على نحو أربعة آلاف شخص، ويتمثل التحدي الأصعب أمامه في أن يحقق للشعب الليبيري التغير الديمقراطي الذي يتوق إليه، وأن ينجح في الاستجابة لطلعاتهم وآمالهم، وأن يكون رمزًا لما تشهده ليبيريا حاليًا من قفزة تاريخية في مشهدها السياسي.



